«وادي الجحيم».. سجن مصري مليء بالانتهاكات ضد المعتقلين

السبت 28 أكتوبر 2017 07:10 ص

اتهمت منظمة حقوقية دولية، السلطات المصرية، بارتكاب جرائم ضد المعتقلين السياسيين في سجن «وادي النطرون 440»، الذي يطلق عليه اسم «وادي الجحيم».

ووثقت منظمة «كوميتي فور جستس» ومقرها جنيف، شهادات معتقلي السجن وذويهم، كشفوا فيها ما يتعرضون له من تعذيب وإهانات وإهمال طبي، بحسب صحيفة «القدس العربي».

وسجن «وادي النطرون 440»، حسب المنظمة، «هو واحد من 3 سجون موجودة في منطقة سجون وادي النطرون الواقعة قرب مدينة السادات في محافظة البحيرة (دلتا النيل/ شمال)، ويتكون من 12 جناحا، وكل جناح يتكون من 18 زنزانة، كما للجناح رقم 12 زنازين تستخدم لأغراض خاصة».

وأوضحت المنظمة أن «المعلومات الواردة في التقرير جاءت من خلال حوارات مع 8 أسر لمعتقلين سياسيين، وحوار مع معتقل سابق في السجن نفسه، وثلاثة خطابات كتبوا بواسطة 3 من المعتقلين السياسيين في السجن وتم تسريبها إلى الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي».

ووفق التقرير، فإنه «في سبيل الحصول على معاملة آدمية وبعض العناية الصحية وتوفير الأدوية اللازمة لهم، نظم المعتقلون إضرابا عن الطعام مرات عديدة، إلا أن تلك المحاولات لم تؤت ثمارها».

ولفت التقرير إلى أن «المعتقلين السياسيين يطلبون الأموال من ذويهم أثناء الزيارات حتى يدفعونها للمعتقلين الجنائيين كجباية حتى لا يتعرض إليهم الآخرون بالضرب والأذى».

ونقل التقرير عن أحد المصادر قوله إن «فصل المعتقلين السياسيين عن بعضهم، وتوزيعهم في أجنحة أخرى مع المعتقلين الجنائيين سياسة متبعة ومعروفة من قبل إدارة السجن، بهدف معاقبة السياسيين».

وأشار إلى أن «الجنائيين يعملون كمخبرين داخل الزنازين، ويراقبون كل أفعال وأقوال المعتقلين السياسيين، وإبلاغ إدارة السجن بها كل صباح».

وتناول التقرير نوعا آخر متبعا من أنواع التعنيف والتعذيب في تلك الزنازين يتمثل في ربط أيدي المعتقل إلى الخلف في أحد الأعمدة من شروق الشمس حتى الغروب، وفي الغالب يتعرض المعتقل إلى الضرب من كل الحراس أثناء مرورهم طوال النهار.

وتلقت المنظمة، وفق ما ذكرت، «خطاب من أحد نزلاء السجن قال فيه إن السجناء السياسيين يطلقون على سجن وادى النطرون، وادي الجحيم، وإن الأجنحة أرقام 2 و 8 و 9 مزدحمة بالمعتقلين طوال الوقت».

ولفت إلى أن «كل زنزانة تضم من 22 إلى 27 معتقلا، وأن الزنزانة لا تحتوي على مساحة كافية للمعتقل كي ينام إلا على جانب واحد فقط ولا يتحرك إطلاقا، إضافة إلى قذارة الزنازين ووجود الحشرات، وأن الكثير من المعتقلين يعانون من الحساسية والطفح الجلدي بسبب انعدام نظافة الزنازين وعدم تهويتها».

التقرير كشف أن «المرضى يعانون من التعنت في تحويلهم إلى مستشفى السجن، علماً بأن المستشفى لا يوجد فيه أطباء سوى بعض الطلبة من كليات الطب الذين تنقصهم الخبرة الكافية للتعامل مع تلك الأمراض التي يعاني منها المرضى في السجون».

وأضاف أن «أسر المعتقلين تضطر للذهاب إلى طبيب خاص بمفردهم ويشرحون حالة ذويهم للطبيب الذي يشخص الحالة ويصف لها الأدوية دون أن يراها ولو مرة، على الرغم من أن التشخيص عن بعد ووصف الدواء بهذه الطريقة من الممكن أن يؤدي إلى سوء الحالة بدلًا من تحسنها».

وبين أن «هذه الطريقة لم تفلح لأن الأدوية الموصوفة من خارج مستشفى السجن في الغالب لا تحصل على موافقات بدخولها مع أسرة المعتقل أثناء الزيارة».

وبحسب التقرير، فإنه عادة ما يتم التعامل مع السجناء بعنف شديد على مرأى ومسمع من ذويهم عند انتهاء الزيارات، ويتم سحب المعتقل من ملابسه بطريقة مهينة ما يسبب أذى معنويا لأسرته.

كما يتم إجبار الأهالي على دفع الرشاوى لمن يفتش الطعام قبل الزيارة حتى يسمح لهم بتمريره، بحسب المنظمة.

وسبق أن وصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، الشهر الماضي، ما يحدث من تعذيب للمعتقلين في مصر بأنه «جريمة محتملة ضد الإنسانية».

وذكرت المنظمة أنه تم توقيف 60 ألف شخص على الأقل منذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013،  كما تم إنشاء 19 سجنا جديدا خلال الفترة ذاتها لاستيعاب هذه الأعداد.

وفي وقت سابق، وصف تقرير أعدته «منظمة العفو الدولية» ما يجري في مصر بأنه عودة إلى «دولة القمع الشامل» و«السياسة القمعية»، موضحا أن مصر تسحق آمال جيل كامل متطلع إلى مستقبل أكثر إشراقا.

ومنذ الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013 يقبع آلاف المعتقلين في السجون المصرية، في أوضاع تصفها المنظمات الحقوقية بـ«الصعبة للغاية وغير الإنسانية»، وهو ما أدى إلى وفاة المئات منهم نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي.

وتحولت السجون ومقار الاحتجاز في مصر، منذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، إلى ما تشبه المقابر الجماعية بالنظر إلى المعاملة غير الآدمية والتعذيب البدني والنفسي غير المسبوقين، واللذين يمارسان بحق معارضي «السيسي».

ولم تفلح التقارير الحقوقية المحلية والدولية، ولا الإدانات، في وقف هذه الانتهاكات ولا حتى التخفيف منها، فقد استمر النظام في انتهاج سياسة ممنهجة للتعذيب أودت بحياة مئات تحت التعذيب أو بسبب الظروف المعيشية البالغة السوء أو الإهمال الطبي ومنع تلقي العلاج.

وعادة ما ترفض الأجهزة الأمنية بمصر، اتهامات معارضين لها، بالإهمال الطبي بحق المسجونين أو ارتكاب انتهاكات بحقهم، وتقول إنها توفر كامل الرعاية للسجناء داخل أقسام الشرطة والسجون، وأن التعامل مع جميع المحبوسين يتم وفقا لقوانين حقوق الإنسان.

  كلمات مفتاحية

وادي النطرون تعذيب انتهاكات سجون حقوق الإنسان مصر