4 عوامل نفسية تدفعك لشراء المنتجات الأعلى سعرا

السبت 28 أكتوبر 2017 08:10 ص

أفادت دراسة بأن كيفية تأثير الثمن على طريقة رؤيتنا للأشياء أن الثمن له علاقة وطيدة بفهمنا للقيمة، بحيث أننا في بعض الأحيان نعتبر الأشياء غالية الثمن أكثر فعالية وأفضل من غيرها، حتى لو كانت بنفس جودة الأشياء الأقل ثمنا.

وجاء في إحدى الدراسات الصادرة عن أساتذة في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا «كالتيك» وجامعة ستانفورد أن الناس لا يعتبرون النبيذ جيدا فقط عندما يقال لهم إن ثمنه مرتفع، ولكن الصور المسحية المغناطيسية «أم أر أي» التي أخذت لأدمغتهم أثناء تناولهم للنبيذ أظهرت أيضاً أنهم كانوا يستمتعون أكثر بتجربة شربه.

وفي دراسة أخرى باستخدام أقراص وهمية، قيل للمشاركين إنها مسكنة للآلام، أخبر المشاركون الذين تناولوا تلك الأقراص أن ثمن الحبة الواحدة منها 2.50 دولار، فقالوا إنهم شعروا بتلاشي الألم بنسبة أكبر من المشاركين الذين قيل لهم إن ثمن الحبة الواحدة يبلغ 10 سنتات.

البحث عن التجارب المميزة

لكن كيف يؤثر ثمن السلعة على قراراتنا خارج المختبر، أي في الحياة الحقيقية؟ إذا كان ثمن السلعة مضاعفا فهل يفترض المشترون أن جودتها مضاعفة؟

يقول «مايكل نورتون»، عالم النفس وأستاذ إدارة الأعمال في جامعة هارفارد، نعم. في الحقيقة إننا ربما نعتبر أن جودة التجربة المكلفة ستكون مضاعفة أيضا، إذ أننا لدينا الدافع للتفاخر لأننا نبحث عن تجارب مميزة وغالية الثمن، كما جاء في ذلك البحث.

وأشار إلى أن المطعم أو الحلوى أو الفيلم، أو الأشياء المماثلة التي يعطيها الجميع درجة «ثلاث نجوم» تكون هي الخيار الأسلم في الغالب، بينما الأشياء التي أعطيت ما بين نجمة إلى خمسة نجوم، يمكن أن تكون إما سيئة جدا، أو يمكن أن تكون مدهشة حقا.

وتابع «ففي هذه المواقف، نجد أن الناس يقامرون ويختارون الأشياء التي تقدر قيمتها بمستوى نجمة واحدة، أو تلك ذات الخمس نجوم، لأنهم يحاولون الوصول إلى تلك التجربة المميزة المدهشة، حتى لو جازفوا باختيار تجربة سيئة حقا».

وأكد أنه يمكن استخدام المنطق ذاته للتفكير في سبب شراء الناس لمنتجات أو خدمات غالية الثمن.

وأضاف «هناك ميزة إضافية عندما تختار الخدمات ذات الجودة العالية. لهذا فمن المحتمل أن زجاجة ويسكي سعرها 10 آلاف دولار يكون الاستمتاع بها أكثر من ضعفي الاستمتاع بزجاجة ثمنها 5,000 دولار، وذلك لأنها تجربة متميزة تفوق غيرها من التجارب».

تطلعات الأثرياء التي لم تسمع عنها من قبل

ويبحث بعضنا عن تجارب متعة فريدة، حتى لو كانت أقل إمتاعا من الخيارات الأخرى، من أجل بناء ما يعرف بـ «السيرة الذاتية للتجارب».

«فعن طريق تجميع تجارب ترسخ في الذاكرة، يحصل المستهلكون على شعور بالإنجاز والتقدم، ويحسنون من إحساسهم بقيمتهم»، كما تقول «أنات كينان»، و«ران كيفيتس».

يقول «جوشوا كارتو»، سائق سيارات سباق محترف، وهو رجل أعمال شاب ومولع باقتناء سيارات الفيراري، إنه يتباهى بالسيارات ليس فقط لأنه يحبها، ولكن بسبب الامتيازات التي تصاحبها، مثل الدخول للمناسبات الخاصة والدوائر الاجتماعية المغلقة والمخصصة لأعضاء وأشخاص محددين.

وتابع «شعور السعادة الذي ينتابك عندما تجمع أشياء مادية هو شعور عابر. وهو كغيره من الأشياء تتناقص أهميته ويتراجع إرضاؤه لك مرة بعد مرة. وبشرائي سيارات فيراري أصبح جزءا من مجتمع خاص جداً لدى أفراده ذات الولع الذي أملكه تجاه السيارات».

وأشار إلى أن أحد أفضل الأشياء التي تفاخر بها كان قيادته لطائرة مقاتلة من طراز ميغ في روسيا.

وأضاف «حلقنا على ارتفاع بلغ ضعف ارتفاع طائرة مسافرين مدنية. وفي وسط اليوم، رأيت نجوما في السماء وتمكنت من ملاحظة انحناء الكرة الأرضية. لقد كانت إحدى أفضل التجارب التي عشتها في حياتي كلها».

وبينما لا يستطيع كل واحد منا أن يحلق في طائرة مقاتلة أو أن يتسابق مستخدماً سيارة فيراري، يقول الباحثون إن الرغبة في بناء «السيرة الذاتية للتجارب» يمكن أن تشتمل على أسباب تفاخر معقولة، من قبيل الإقامة في فندق جليدي، أو البحث عن شيء غريب لتناوله، مثل المثلجات بطعم اللحم.

بريق النقود

وينفق بعض الناس كثيرا من المال فقط للإشارة إلى أنهم ناجحون.

«ربما تشعر أنك بحاجة إلى أن تظهر للجميع أنك حققت الحلم»، كما يقول «كارتو».

وأضاف «كان ذلك أمرا مهماً بالنسبة لي لأنني لم أكن غنيا، وأن علي أن أظهر لكل أولئك الناس أنني الآن أزاحمهم وأنني من نفس مستواهم. ولكن بعد مرور فترة من الزمن والتفكر، تلاشت الرغبة والحاجة لإثارة إعجاب الناس».

وتظهر النظرية الاقتصادية زيادة على طلب بعض البضائع عندما تنخفض أسعارها. وعلى النقيض من ذلك، يزيد الطلب على سلعة ما كلما ارتفع سعرها، بسبب طبيعتها الخاصة والمرغوبة.

ويقول «نورتون»: «هناك مبدأ عام مفاده أن هناك وجه للمقارنة الاجتماعية يتمثل في تفوق أحدهم على الآخرين في مجال الاستهلاك. وربما يقول البعض: كان لدي زجاجة من النبيذ أفضل من التي لديك، إذن أنا الرابح، وظهر بالتالي أنني في مكانة أسمى من مكانتك».

وأشار إلى أن الناس مستقطبون، وغالبا يختارون إما أن يكونوا في غاية الوضوح أو في غاية عدم الوضوح لإظهار مكانة سامية ومرموقة.

تقول «إليزابيث كاريد-هالكيت»، الأستاذة بجامعة جنوب كاليفورنيا، ومؤلفة كتاب «مجموع الأشياء الصغيرة: نظرية الطموح الطبقي»، إنه وبشكل متزايد فإن الناس من أصحاب الدخول العالية في أمريكا يشترون بضائع فاخرة أقل وضوحا مثل الأطعمة العضوية بدلاً من الأشياء الأكثر وضوحاً مثل حقائب الماركات الشهيرة.

وتضيف: «البضائع المادية لا تشير هذه الأيام بشكل كبير إلى الوضع الاجتماعي. فطوفان البضائع المادية يعني أنها لم تعد نادرة أو شيئاً مقدساً أو فخماً كما كان في السابق. وهناك قيمة أكبر في التجارب والسرد المصاحب للبضائع مثل البضائع المصحوبة بشرح لسبب تكلفتها، وهو ما يمنحها مكانة مرموقة».

عامل الإحساس بالمتعة والراحة

وإليك السبب الأبسط من كل ما تقدم: يتباهي الناس بالبضائع الفاخرة لأنهم يعتقدون أنها تجلب لهم السعادة. ويقول «نورتون»، الذي شارك في تأليف كتاب «المال السعيد: علم الإنفاق الأكثر سعادة»، إن كمية السعادة التي تحصل عليها من إنفاق المال تعتمد على كيفية إنفاقك له وليس بالضرورة الكمية التي تنفقها منه.

الثراء في عالم الأعمال مرتبط بـ«الحظ» أكثر من الموهبة.

ويضيف «نورتون» أن التباهي بممتلكاتنا أمر محدود ولا يضيف إلى الزيادة في سعادتنا مع مرور الوقت. وبدلاً من ذلك يقترح إنفاق المال على تجارب بدلاً من إنفاقها على أشياء.

ويقول: «يبدو أن أغلبنا قد وصل إلى التشبع بما يمكن أن نحصل عليه من السعادة عن طريق الحصول على الأشياء وحدها».

لكن يمكن أن تكون هناك طريقة أفضل للحصول على السعادة، ويثبت البحث الذي أجراه «نورتون» أن العطاء للآخرين يمكن أن يجعلنا أكثر سعادة أيضا.

وتابع «ليس المقصود هو أن شراءك لأشياء جديدة لا يجعلك تشعر بالسعادة في تلك اللحظة. فمن الطبيعي أنك تشعر بالسعادة، ولهذا نحن نشتريها أصلا. لكن المقصود هو أن اقتناءها لا يضفي علينا كثيراً من السعادة مع مرور الوقت».

ويضيف: «يبدو أن العطاء والبذل للآخرين يزيدان من السعادة مع مرور الوقت».

  كلمات مفتاحية

عوامل نفسية المنتجات الأعلى سعرا الأثرياء الشعور بالمتعة