«إنفارمشيون»: «نيوم» غير واقعي.. وليبرالية «بن سلمان» تجميل لوجه الاقتصاد

السبت 28 أكتوبر 2017 09:10 ص

يسعى ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان»، لاستخدام الإصلاحات الليبرالية من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية، في ظل اعتلال وتراجع اقتصاد المملكة، والمستوى التعليمي في البلاد.

وبحسب صحيفة «إنفارمشيون»، الأوسع انتشارا بين الأكاديميين والسياسيين الدنماركيين، في عدديها الصادرين يومي الخميس والجمعة الماضيين، فإن مشروع «نيوم»، الذي أعلن عنه «بن سلمان» الأسبوع الماضي، لا يرتبط عملي بالواقع المعيش.

ولفت كبير صحفيي «إنفارمشيون» المتخصص بشؤون المنطقة والمقيم في بيروت «لاسا ألاغوورد»، إلى أن «نيوم» مرتبط بـ«تجميل وجه ليس أكثر».

وأعلن ولي العهد السعودي، الثلاثاء، إطلاق «مشروع نيوم» باستثمارات أكثر من 500 مليار دولار في شمال غربي المملكة على البحر الأحمر وخليج العقبة، على مساحة تزيد على 26.500 كم مربع.

ووصف الكاتب المشروع بأنه «عملية بيروسترويكا اقتصادية في المملكة الثيوقراطية».

اقتصاد ضعيف

ونقلت الصحيفة، عن الكاتب الباحث المسؤول في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية «لارس أرسلوف أندرسن»، قوله إن «مسعى ولي العهد على خلفية خطاب إعادة المجتمع إلى الإسلام المتسامح لفترة ما قبل 1979، يعتمد أمرين: دعوة رأس المال الأجنبي، الذي خيب آمال السعوديين بتراجعه بين 15 و19% العام الماضي، وأيضا، وهو الشيء الجديد، اعترافه بأن المملكة النفطية خلال 30 سنة ماضية كانت تدعم النسخة المتطرفة من الإسلام السياسي، والتي نعرفها بشكل خاص بارتباطها بالقاعدة والدولة الإسلامية».

وترى الصحيفة، أن الاقتصاد السعودي المعتمد على النفط يحتاج وبقوة إلى الاستثمار في قطاعات أخرى، «ولأسباب مختلفة، منها هبوط أسعار النفط من ناحية، وهبوط متوسط الدخل من 25 ألف دولار عام 2012 إلى 20 ألفا في 2017، ومن الناحية الثانية توقعات السعوديين بنضوب النفط على المدى غير البعيد».

وتطرق الصحفي «ألاغوورد»، إلى أن «طرح الإصلاحات عام 2016 استند إلى رؤية 2030 لولي العهد، بأمل أن تكون لديهم صناعة وسياحة بعيدتان عن مداخيل النفط، بالسعي لخلق منطقة تجارة حرة وإعادة بناء قطاع توليد الطاقة المستدامة بالهواء والشمس»، بحسب ما ترجمته صحيفة «العربي الجديد».

والمدينة الجديدة جزء من خطة ولي العهد الطموح التي تعرف باسم رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى إصلاح اقتصاد السعودية أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» وتوفير فرص عمل للسكان الذي يمثل الشبان نسبة كبيرة منهم في ظل انخفاض أسعار النفط العالمية منذ 2014.

ومن المنتظر أن يشهد الاقتصاد السعودي ركودا هذا العام، وفقا لصندوق النقد الدولي، بعد أن انخفضت أسعار النفط بأكثر من 50%، خاصة أن المملكة اعتمدت منذ فترة طويلة على ارتفاع أسعار النفط كمصدر رئيسي للدخل.

خطاب جديد

بيد أن الصحيفة فصلت في هذه الرؤية بالحديث عن وعود «بتحقيق طموحات 70% ممن هم تحت سن الثلاثين في إيجاد ملايين فرص العمل. وهو ما يراه ولي العهد مرتبطاً بتحديث القطاع التعليمي البالي (مستخدمة وصف أنتيك) وتوجهه نحو تبني خطاب آخر غير المتهم لليهود والمسيحيين بالعمل على تدمير الإسلام، وتغيير النهج الوهابي».

وأراد ولي العهد أن يسوق أفكاره على أنها تتسق مع التراث السعودي، حين قال «نحن فقط نعود إلى ما كنا عليه، الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وعلى جميع التقاليد والشعوب»، مضيفا «70% من الشعب السعودي أقل من 30 سنة، وبكل صراحة لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار مدمرة، سوف ندمرها اليوم وفورا».

وتمثل هذه التصريحات هجوما عنيفا ونادرا من قبل مسؤول سعودي رفيع المستوى على أصحاب الأفكار المحافظة في المملكة، التي بدأت تشهد في الأشهر الأخيرة بوادر انفتاح اجتماعي.

وتعرج الصحيفة على الحريات، بتجاوز المسألة الاقتصادية قليلا، بالحديث عن «قمع تعرض له 26 شخصا من لبنان كانوا يعملون في السعودية، إذ تم رميهم خارج البلد بتهمة تدنيس أرض الإسلام، لمجرد ممارسة طقوسهم المسيحية في حياتهم الخاصة»، متسائلة: «ماذا لو فكرنا بملايين العمال من المسيحيين الذين يمنعون من ممارسة أية طقوس؟»، غامزة بذلك إلى مدى ارتباط ذلك بادعاء اللبرلة.

وتطرقت الصحيفة أيضا إلى «ذهاب السعودية بشكل إيجابي لإلغاء الشرطة الدينية الذين كان يحق لأفرادها توقيف أي شخص بتقديرات تعود لهم، هذا بالإضافة إلى التنويه بمنح السعوديات رخص قيادة وموافقات سفر مع شهر مارس/آذار المقبل».

«لكن ذلك كله لن يقرب المسافة البعيدة جداً جداً بين رغبة ولي العهد جذب المستثمرين والحقائق على الأرض»، بحسب الصحيفة.

ادعاءات

وتعدد «إنفارمشيون» بعض ما يواجهه السعوديون من تحديات في طمأنة الناس بجذب أموالهم نحو «ادعاء الليبرالية»، تزامناً مع حقيقة أن موازنة الجيش السعودي تقضم 10% من الدخل القومي، في حين أن المتوسط العالمي ليس أكثر من 2%، وعلقت عليه بالقول: «هذا ليس اقتصاداً جاذباً».

وفي تناول الصرف العسكري، ترى الصحيفة أنه جزء من «قيادة ولي العهد للتحالف الخليجي بالسلاح الأمريكي في حرب اليمن، التي يستهدف فيها المدنيين قصفا نيابة عن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الذي وجد نفسه مشردا بسبب الحرب الأهلية مع جماعة الحوثي المدعومة من إيران».

وتشير الصحيفة إلى أن المملكة تنفذ بشكل عملي حصاراً على دولة قطر، بعد أن اتهمتها بتمويل «الإرهاب الدولي».

تضييق على الحريات

وعلى الصعيد الداخلي، ذهبت «إنفارمشيون» إلى القول: «على الجبهة الداخلية، فإن الأمر ليس مشرقا على الإطلاق بالنسبة لولي العهد بن سلمان، بخصوص إعادة المجتمع إلى إسلام متسامح، فمنذ بداية سبتمبر/أيلول الماضي، تجري ملاحقة واعتقال منتقدين ليبراليين، ومن بين هؤلاء تبرز شخصية الداعية الأكثر قربا من الدعوات للمشاركة والديمقراطية سلمان العودة، وفي الوقت نفسه تجري عملية تطهير للجامعات من الأكاديميين الذين ينتهجون الخط ذاته المتهم بأنه متعاطف مع حركة الإخوان المسلمين».

وتطرقت الصحيفة إلى الجانب الإعلامي والصحفي ووضع الكتاب، «يبدو أن الهدف أيضا فرض سيطرة مطلقة على وسائل الإعلام وما يكتب. وفي هذا الاتجاه فإن الكاتب والصحافي المعروف وكاتب عمود في صحيفة الحياة، جمال خاشقجي، جرى وضعه في الإقامة الجبرية وملاحقته بعد أن كتب كثيرا عن نفس ما يطرحه اليوم ولي العهد بن سلمان، من أن السعودية تحتاج لانفتاح».

وأضافت الصحيفة: «دعوة خاشقجي إلى الديمقراطية السياسية لا يراها بن سلمان سوى لدواعي انفتاح اقتصادي، قد لا يؤدي إلى النتيجة نفسها».

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، قالت قبل يومين، إن وعود ولي العهد السعودي، بإجراء إصلاحات فقهية واجتماعية معتبرة، من خلال الاستشهاد بخبراء، «مجرد تسويق تجاري للمملكة، التي يواجه اقتصادها أزمة غير مسبوقة مع هبوط أسعار النفط في العالم».

المصدر | العربي الجديد + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بن سلمان اقتصاد ضعيف السعودية إنفارمشيون نيوم إصلاحات

استثمارات مهدرة.. بماذا تخبرنا صفقة نيوكاسل حول سياسات بن سلمان الاقتصادية؟