ظهرت «زهرة الخشخاش الحمراء» لتزين قمصان لاعبي وأطقم الأجهزة الفنية والإدارية لأندية الدوري الإنجليزي الممتاز «بريميرليغ» مع انطلاق الجولة العاشرة من عمر الموسم الجاري 2017-2018، والتي انطلقت أمس السبت.

وتساءل الكثير من جماهير كرة القدم عن قصة هذه الزهرة وسر ظهورها على صدر لاعبي ومدربي وإداري الأندية الإنجليزية مع نهاية شهر أكتوبر وبداية شهر نوفمبر من كل عام، وهو ما نستعرضه معكم من خلال السطور التالية:   

زهرة «الخشخاش الحمراء» تعرف في بريطانيا باسم «بوبي» وهي ترمز إلى الموت ويضعها مدربو وإداريو ولاعبو الدوري الإنجليزي خلال هذه الفترة لإحياء ذكرى ضحايا الحرب العالمية الأولى والثانية من الإنجليز، كما أنها ليست حكراً على رجال الدوري الإنجليزي، حيث يضعها الشعب الإنجليزي بشكل عام من رجال ونساء والأطفال والشيوخ، فالزائر إلى العاصمة لندن لا بد أن تستوقفه تلك الزهرات الحمراء الرقيقة المعلقة في عروة سترات الرجال أو فساتين النساء أو قبعات المارة، حيث تتحول هذه الزهرة إلى زينة منذ بداية هذا الشهر حتى نهايته.

وعقب انتهاء الحرب ظلت شعوب العالم تشعر بالرعب والغضب والاشمئزاز من الحروب وكانوا بحاجة إلى رمز يعبرون به عن هذه المشاعر ويؤكدون عبره تعاطفهم مع من سقط في ساحات القتال، إضافة إلى رفضهم المزيد من الحروب، ولم يجدوا أفضل من «زهور الخشخاش» التي تنمو وتتوهج تحت أشعة الشمس لكنها سرعان ما تشحب وتذبل حتى قبل أن تشبع حواس الناظر إلى جمالها، وما أشبه حياة هذه الزهرة بحياة الفتيان اليافعين الذين يذهبون إلى الحرب ويفقدون حياتهم قبل أن يهنئوا بها وتهنأ بهم أمهاتهم.

وعقب مرور عامين من انتهاء الحرب العالمية الأولى وبالتحديد عام 1920 وضعت إحدى العاملات في مطعم بالولايات المتحدة الأمريكية «زهرة خشخاش» في عروة قميصها في ذكرى انتهاء الحرب، وتبعتها بعض النسوة الأخريات، ثم جاءت امرأة فرنسية في زيارة إلى نيويورك ولاحظت استخدام الزهرة كرمز، فعادت إلى فرنسا لتبدأ صنع زهور يدوية وتبيعها للناس وتجمع التبرعات لصالح الأطفال في المدن الفرنسية المتضررة من الحرب.

وبعد ذلك بحوالي السنة قام وزير أمريكي ببيع «زهور الخشخاش» في حملات واسعة للتبرع لصالح المحاربين، وبدأ هذا التقليد ينتشر تدريجياً، في أوروبا وأستراليا.

وقد اعتمد الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم منذ سنوات بعيدة استخدام رمز «زهرة الخشخاش» خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام في جميع البطولات التي يشرف على تنظيمها، وفي كل مبارياته خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني يتم الوقت دقيقة حداد على أرواح ضحايا الحربين العالميتين الأولى والثانية.

ولا تعد هذه العادة السنوية فرضاً على أحد، فالمواطنون غير مجبرين على شرائها ووضعها لكن معظم الناس لا يتخلفون عن هذا الطقس السنوي، مع وجود بعض المعارضين ومن أشهرهم «جون سنو» مذيع القناة الرابعة البريطانية الذي يصر على الظهور على الشاشة دون أن يزين سترته بالزهرة الحمراء لأنه يعتبرها رمزا دمويا، على حد تعبيره.

وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» قد فرض غرامات مالية كبيرة من 20 إلى 40 ألف يورو على منتخبات إنجلترا واسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية بسبب ظهور «زهرة خشخاش» على قمصان لاعبيهم بمباريات التصفيات الأوروبية مؤجلة لكأس العالم 2018 بروسيا، بسبب اعتبار أن هذه الزهرة ترمز لواقعة سياسية ويحذر الاتحاد الدولي الخلط بين كرة القدم والسياسة.