استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حول نظرة البعض للتدين كمشكلة سياسية

الاثنين 30 أكتوبر 2017 07:10 ص

لم يعد يخفى أن هناك في المجال العربي من بات ينظر إلى التدين كمشكلة ينبغي مواجهتها بكل وسيلة ممكنة، وذلك انطلاقا من نظرية تقول إنه (أي التدين) يمثل الحاضنة الطبيعية لما يسمى «الإسلام السياسي».

وأنه بدون التخلص من التدين، لا يمكن التخلص من «الإسلام السياسي»، وهي النظرية التي صاغها زين العابدين بن علي بمصطلح «تجفيف الينابيع»، أو تجفيف المستنقعات، حسب مصطلح صهيوني لا يبتعد كثيرا، وخلاصتها أن من غير الممكن محاربة البعوض من دون تجفيف المستنقع.

دعك من الابتذال في النظر إلى حركات سياسية ذات جذور اجتماعية وفكرية، حتى لو تحدثت عن مرجعية إسلامية، بوصفها بعوضا، ولا النظر إلى التدين بوصفه مستنقعا ينتج ذلك البعوض، فالمسألة هنا تتعلق بما هو أكبر من ذلك، أي مصير مجتمعات برمتها اختارت نمطا ما في حياتها، وبمحض إرادتها، فضلا عن أن يكون العامل الأهم في بناء شخصيتها التاريخية.

لم يحدث؛ ربما منذ قرون أن شهد المجال العربي هذا المستوى من الميل للتدين، رغم الكثير من الملاحظات عليه، ومن بينها ميل قطاع معتبر منه إلى التدين الطقوسي الباحث عن الخلاص الفردي، وابتعادها عن التدين الذي يحدث فاعلية في المجتمع ومنظوماته الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية، كما هو الحال في بعض الأحزاب الديمقراطية المسيحية، كما في ألمانيا مثلا، وإن بدت هذه منفصلة بعض الشيء عن التدين الذي يميل إلى الانحسار في تلك البلاد.

لهذا الحديث مجال آخر، يتعلق بدور العلماء في تصحيح مفاهيم التدين، بحيث يتحول إلى تدين إيجابي وفاعل في حياة الناس، ويعلي من الشأن الأخلاقي المتعلق بمصالح المجتمع، أكثر من المجال الطقوسي، لأن التدين الذي لا يكون إيجابيا في حياة الناس ليس برسم البقاء، كما أنه لا يعكس مفاهيم الإسلام الحقيقية عن التدين الإيجابي.

ما يعنينا هنا، هي تلك الحرب التي يقوم بها البعض لمحاربة التدين، بوصفه حاضنة للإسلام السياسي، وهنا يكون من الواجب تذكير هؤلاء جميعا أن المصادفة وحدها هي من جعلت قوى الإسلام السياسي هي من تتصدر «الربيع العربي».

ولو كانت أي أيديولوجيا أخرى هي المزدهرة، لتصدرته قواها، لأن مطالب الحرية والتعددية ومحاربة الفساد والمشاركة في السلطة والثروة، ليست رهنا بأيديولوجيا معينة، بل هي حركة التاريخ الطبيعة في العالم أجمع، ولو انتهى ما يعرف بالإسلام السياسي، لما انتهت تلك المطالب، ولربما تصدرتها قوىً من لون آخر.

الربيع العربي كان تعبيرا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، ولم يكن تعبيرا أيديولوجيا، حتى لو تصدره الإسلاميون بوصفهم القوى الأكثر فاعلية أو تنظيما في هذه المرحلة، إذا لا يمكن للشعوب العربية أن تواصل القبول بوجود نخب تحتكر السلطة والثروة على نحو ما كان واقعا قبل ربيع العرب، فضلا عن أن تُحكم من قبل أنظمة لا تنتمي إلى ضمير الشعب من زاوايا أخرى ذات ألوان عرقية أو طائفية، وتضيف إليها الدكتاتورية والفساد، كما هو الحال في سوريا مثلا.

لذلك كله، سيكون من الأفضل أن ينظر من يفكرون في استهداف التدين إلى المستقبل، ويتأملوا المشهد على حقيقته، فضلا عن إدراك أن استهداف التدين سيدخلهم في معضلة أكبر مع المجتمعات، حتى لو كان استهدافا تدريجيا.

كما أن على من يتورطون في هذه اللعبة من بعض المشايخ والإسلاميين بمنطق المناكفة مع تيارات أخرى، أن يدركوا أنهم سيكونون برسم الاستهداف تاليا، لأن الهدف أكبر من أن يُحصر في لون فكري معين.

من الأفضل للجميع والحالة هذه أن يميلوا إلى كلمة سواء، تعلي من شأن الإصلاح السياسي والاقتصادي الذي يؤدي إلى مصالحات شاملة مع الشعوب، بدل هذا النزيف الذي يصيب الأوطان، ولن يفيد أحدا في نهاية المطاف.

* ياسر الزعاترة كاتب صحفي أردني/ فلسطيني

  كلمات مفتاحية

التدين الإسلام السياسي الربيع العربي الإصلاح السياسي الإسلاميون الفساد