شاهد.. «رهف» طفلة الغوطة.. هل تنقذها يد قبيل الموت؟

الثلاثاء 31 أكتوبر 2017 06:10 ص

مع أن عمر الطفلة السورية «رهف حوا» لا يتجاوز الثماني سنوات، لكنها باتت أشبه بهيكل عظمي، بملامح تنذر بموت وشيك، جراء تضييق الحصار على مدينتها غوطة دمشق، (شاهد الفيديو).

في مدينة غوطة دمشق التي تنوء، منذ 5 سنوات، تحت حصار النظام، تلاشت ملامح الحياة تدريجيا، لتندثر بمرور الوقت، تاركة أفواه الأطفال دون طعام ودواء؛ تحدث وقائع هذه القصة المؤلمة، فـ«رهف»، واحدة من آلاف الأطفال الذين يعانون من عدم توفر الغذاء والدواء، جراء هذا الحصار، فكان أن تُوفي البعض منهم، فيما ينتظر البعض الآخر مصيرا لا يختلف عن سابقه إلا في تلك التفاصيل الدقيقة الفاصلة بين الحياة والموت، بحسب «الأناضول».

وما يفاقم من المعاناة الإنسانية في الغوطة الشرقية هو وقوف الآباء والأمهات عاجزين عن وقف آلام أطفالهم، وعن كسر رحلتهم الحزينة نحو الموت جوعا ومرضا.

«أم رهف» والعجز

«أم رهف»، كغيرها من الأمهات بالمدينة، تقف عاجزة أمام معاناة ابنتها، غير قادرة على تقديم طعام يُسكن جوعها أو دواء يخفت وهج الآلم بداخلها.

ففي ظل ضعف وعجز الإمكانيات الطبية في الغوطة حتى عن مواجهة الأمراض العادية، تتواصل معاناة «رهف» المصابة بمرض دماغي، حيث تنتابها نوبات اختلاج عصبية بشكل مستمر.

حالة مرضية مستعصية تجعل الطفلة بحاجة لأطباء مختصين ومستشفيات مجهزة بالمعدات اللازمة للتعامل مع مثل هذه الأمراض.

ويعيش نحو 400 ألف مدني في الغوطة ظروفا إنسانية صعبة للغاية، بعد أن ضيق النظام مؤخراً الحصار المفروض على غوطة دمشق الشرقية.

وأحكم النظام قبضته على طريق تهريب المواد الغذائية إلى الغوطة، ومنع بعض الوسطاء المحليين من إدخال أي مواد غذائية إلى المنطقة.

وقبل أيام، توفي رضيعان في الغوطة بسبب سوء التغذية الناجم عن الحصار المفروض على المنطقة.

القصف وبداية مرض «رهف»

بنبرة متقطعة من كثرة البكاء والنحيب، روت «أم رهف» رحلة ابنتها مع المرض، لتفاقم معاناتها التي بدأت بفقدانها زوجها الذي قتله النظام السوري في 2013.

فقبل 4 سنوات فقدت «أم رهف» زوجها الناشط حينها في إدخال المساعدات للمنطقة، لتفقد بموته سندها في الحياة، قبل أن تتفاقم معاناتها حين بدأت رفوف منزلها تفقد الطعام تدريجيا.

قالت «أم رهف» إن مرض ابنتها بدأ بعد نجاتها من قصف للنظام على منزلها، أودى بحياة شقيقتها الكبرى «بتول» وجدتها وخالها.

وقع الصدمة كان قاسيا على الجميع، غير أنه كان أقسى على «رهف» التي بدأت حالتها النفسية تسوء إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم.

وبمضي فترة على القصف المذكور، بدأت «رهف» تمشي بصعوبة، قبل أن تصاب بحالات غيبوبة في حال مشت لمسافات طويلة، ثم أصبحت تنتابها نوبات عصبية.

بادرت «أم رهف» بحمل ابنتها إلى مستشفيات المنطقة، غير أن الأطباء عجزوا عن تشخيص حالتها بسبب عدم توفر الإمكانيات الطبية.

وتابعت «أم رهف» تستعرض رحلة ابنتها مع المرض قائلة: «طلب الأطباء مني تحاليل وصورا للجسم، لكنها لم تكن متوفرة في الغوطة، لذلك لم يكن بالإمكان توصيف الحالة بشكل دقيق».

في النهاية، أخبرها الأطباء أن «رهف» يمكن أن تفارق الحياة في أي لحظة.

ووفق أم «رهف»، فإن حصار النظام على الغوطة تزامن مع تردي حالة رهف الصحية.

 الجميع خذل أهل الغوطة

رغم أن الأطباء أوصوا بشدة على ضرورة أن تحصل «رهف» على غذاء جيد حتى لا تسوء حالتها أكثر، فإن والدتها عجزت عن تأمين ذلك.

ولفتت «أم رهف» إلى أنها عاجزة عن تأمين بعض الغذاء الجيد لابنتها، فهي لا تستطيع إطعام ابنتها إلا الخبز واللبن، وأحياناً كثيرة لم تكن تجد حتى الخبز واللبن.

وجراء عدم توفر الغذاء، أضحت «رهف» عبارة عن جلد وعظم، فقبل عامين، كانت تزن 35 كيلوغراما، في حين لا يتجاوز وزنها حاليا الـ10 كيلوغرامات.

كما كانت «رهف» في السابق قادرة على مناداة أمها حين تنتابها النوبات العصبية، أما الآن فهي لا تعرف أمها وتكتفي بالصراخ.

وتابعت «أم رهف»: «تقبلت استشهاد ابنتي الكبرى بتول، واحتسبتها عندالله، أما رهف فهي تموت أمامي في كل لحظة وكل ساعة».

وأعربت عن شوقها لـ«رهف» قبل أن تتحول إلى جسد ملقى على فراش، وهي التي كانت تنبض حياة وكثيرة الحركة.

وختمت «أم رهف» حديثها بأنها لن توجه نداءاً لأحد، لأن الجميع خذلوا أهل الغوطة.

وتابعت «أم رهف»: «أنا خرجت وتكلمت لكن يوجد الآلاف من العائلات التي تصارع الجوع والأمراض في الغوطة لا يخرجون ولا يتكلمون».

ونشر ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرًا، صورا قاسية تظهر معاناة أطفال منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق التي أصبحت على أبواب مجاعة، بسبب الحصار المستمر لها من قبل نظام الأسد، ومنعه وصول المساعدات الإنسانية للمنطقة.

وتداول كثيرون صورا لأطفال لا تتجاوز أعمارهم الثلاث سنوات وآثار سوء التغذية واضحة على أجسادهم، وقال بعض النشطاء المتواجدين داخل منطقة الحصار إن عددا كبيرا من المصابين والمرضى هناك يتعين نقلهم بشكل فوري إلى مراكز العلاج.

كما تحدث النشطاء عبر موقعي «تويتر» و«فيسبوك» عن استمرار القصف للمناطق السكنية المليئة بالمدنيين ما يزيد من معانة الناس.

وكتب البعض عن انتشار حالات الاكتئاب بين السكان والإصابة بالإغماء والصداع وضعف البصر.

وأدان كثيرون النظام السوري وألقوا باللائمة عليه في استمرار معاناة الناس في منطقة الغوطة الشرقية.

المصدر | الخليج الجديد+وكالات

  كلمات مفتاحية

سوريا الغوطة الشرقية طفلة حصار غذاء دواء نظام الأسد اختلاج عصبي وفاة علاج مأساة