الهند وتحديات البحث العلمي

الخميس 15 يناير 2015 06:01 ص

في سبتمبر الماضي، أطلقت الهند مركبة فضاء حول كوكب المريخ، ومنذ ذاك الحين تزايدت الإشادة بالتفوق العلمي للبلاد بشكل كبير، وفي وقت لاحق أخبر «هارش فاردهان» وزير العلم والتكنولوجيا الوفود في «المؤتمر العلمي الهندي»، وهو اجتماع سنوي لكبار الباحثين في البلاد أن الرياضيين الهنود اكتشفوا نظرية فيثاغورث، وسمحوا عن طيب خاطر لليونانيين أن ينسبوا الفضل لأنفسهم، وزعم متحدثون آخرون أن البكتيريا في روث الأبقار يمكن تحويلها إلى ذهب صلب، وأن الهنود قبل سبعة آلاف عام كانوا ينتقلون بطائرات كبيرة «من كوكب إلى آخر».

وهزلية هذه المزاعم يجب أن تثير قلق الهنود بشأن الحالة الراهنة للبحث العلمي في البلاد، ورغم النجاحات الكبيرة مثل رحلة كوكب المريخ والتفوق ذائع الصيت في تكنولوجيا المعلومات، مازالت الهند متأخرة كثيرا في البحث والتطور التكنولوجي، وناهيكم عن الطائرات قبل سبعة آلاف عام، لأنه بعد أكثر من 30 عاما من المحاولة مازالت البلاد غير قادرة على تطوير طائرة مقاتلة محلية الصنع رغم توافر التكنولوجيا الخاصة بها على نطاق واسع في العالم.

وتنفق الهند أقل من واحد في المئة من إجمالي إنتاجها المحلي على الأبحاث والتطوير والصين اثنين في المئة والولايات المتحدة 2.8 في المئة واليابان 3.4 في المئة وكوريا الجنوبية أربعة في المئة. ونصيب الهند من البحث والتطوير عالمياً هزيل، ويبلغ 2.7 في المئة ،مقارنة مع 30 في المئة للولايات المتحد،ة ونصيب الصين نحو 15 في المئة.

والهند تحصل على عائد أقل مما يجب مقابل المال الذي تنفقه، فتعطل مشروع الطائرة المقاتلة يرجع في جانب منه إلى أن شركة «هندوستان ايرونوتيكس»، التي تديرها الدولة تحتكر صناعة الطائرات، والشركة تعاني القيود، وعدم الكفاءة المنتشرة في القطاع العام الهندي الضخم، وتفتقر الشركة للاستقلال في اتخاذ قرارات جريئة، ولا يمكنها اجتذاب المواهب الهندسية الكبيرة، في ظل مستويات رواتبها المنخفضة.

وفي «المؤتمر العلمي الهندي»، أكد مودي الحاجة لتخفيف هذه القيود، ويجب على الحكومة أيضا أن تخفف سيطرتها على المعامل التي تديرها الدولة، وعلى المعاهد الفنية، مثل «المعاهد الهندية للتكنولوجيا» ذائعة الصيت، وطريقة إدارة الدولة ينفر المواهب، وينقل التركيز من العلم والتكنولوجيا وهو مجال اختصاص «المعاهد الهندية للتكنولوجيا» إلى إدارة السياسة.

والحكومة بالطبع لها دور مهم لتلعبه في دعم البحث العلمي الأساسي، لكن المثالي أنه يجب على الدولة أن تعمل على دور تيسير العمل بشكل أكبر، وتشجيع التعاون بين البحث الأكاديمي والمعامل وصناعة القطاع العام وتقديم الدعم الضروري للبحث والتطوير من خلال الموارد المالية، ومنها الرواتب المرتفعة لتجتذب المواهب، لكن دون تدخل إداري.

ويجب أن تمثل الاستثمارات الأجنبية مصدراً رئيسياً آخر للتمويل، والبلاد تزدهي بقاعدة قوية من العلماء والمهندسين المدربين الذين يمكنهم العمل مقابل كلفة أقل بكثير من الاقتصاديات المتقدمة، ولاستيعاب هذه القدرات الكامنة تحتاج البلاد إلى تعزيز مستمر لنظامها الضعيف لبراءة الاختراعات، وتحسين أجواء الاستثمار التي ظلت بصفة عامة معادية للأنشطة الاقتصادية الأجنبية.

ويجب ألا نهدر الوقت، فقد أقامت الهند أول معهد هندي للتكنولوجيا عام 1950 في وقت كانت كوريا تطحنها الحرب الأهلية والصين كانت في مستهل عقود من الفوضى «الماوية»، وإذا كانت البلاد تريد اللحاق بنظرائها الآسيويين، فعليها أن تبدأ الآن.

* ديراج نايار، صحفي هندي

المصدر | ديراج نايار | خدمة «واشنطن بوست وبلومبرغ نيوز» ، ترجمة الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

الهند القطاع العام عدم الكفاءة التنمية الاقتصادية الأبحاث والتطوير تحديات البحث العلمي عوائد التطوير

«أوباما» يكشف التوصل لانفراجة مع الهند بشأن ملف التعاون النووي