هل أكلت الجرذان سجاد المسجد الأعظم؟.. جدل بالجزائر

الثلاثاء 31 أكتوبر 2017 07:10 ص

اندلع جدل واسع بين الناشطين والمتابعين، حول مصير السجاد الإيراني المستورد لفرش ما مساحته 20 ألف متر مربع من الجامع الأعظم بالجزائر، وذلك تزامنا مع الجدل القائم حول التأجيلات المتكررة لتسليم المشروع الضخم.

وبدأ العمل على الجامع الأعظم في الجزائر في مايو/أيار 2012، وكان مقررا تسليمه مع نهاية 2017، قبل أن تتأجل العملية إلى نهاية 2018.

ويتسع الجامع لأكثر من 120 ألف مصل؛ ما يجعله ثالث أكبر جامع في العالم بعد الحرمين الشريفين بالمملكة السعودية، وبلغت تكلفة المشروع 1.5 مليار دولار.

وبدأ الجدل في الجزائر بشأن «فضيحة السجاد الإيراني الفاخر»، في 25 أكتوبر/تشرين الأول، عندما نشرت صحيفة «الخبر» الخاصة ملفا بعنوان «الجامع الأعظم .. الحقيقة المرة».

وخصص الملف جزءا كبيرا للحديث عن السجاد الإيراني الذي تحوّل إلى «طعام للجرذان» وفقا للصحيفة، بعد استيراده من إيران بملايين الدولارات، باعتباره من أفخم أنواع السجاد في العالم.

 

وأرجعت الصحيفة سبب تلف السجاد إلى «الإهمال الذي طاله منذ وصوله إلى الجزائر»، عبر حاويات تم نقلها إلى مركز الوقف بـ«بئر خادم» في الجزائر العاصمة، وذلك مع نهاية 2013 وبداية 2014.

وأضافت الصحيفة أن «السجاد الإيراني لم تراع فيه شروط الحفظ السليمة، بعد إعطاب في المكيفات، لم يفطن لها القائمون بالتخزين والرعاية بمركز الوقف بالجزائر العاصمة منذ ذلك الحين».

ولفتت الصحيفة إلى أن ملايين الدولارات التي خُصصت لشراء السجاد الإيراني «ضاعت بسبب الإهمال واللامبالاة».

كما كشف موقع «الطريق نيوز» الجزائري، نقلا عن صحيفة الوفاق الإيرانية، عن اتفاق بين مجلس الشورى الإسلامي الإيراني ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف في الجزائر، من أجل صناعة سجاد بمساحة 10 آلاف متر مربع.

وبحسب المصدر نفسه، فإن الصفقة تمت بمراسلة رسمية وصلت وزارة الخارجية الإيرانية، من قبل وزارة الشؤون الدينية في الجزائر.

وكانت قبلها قد تمّت محادثات بين ممثلي مدينة يشابور في مجلس الشورى الإسلامي ومحافظ مدينة نيشابور، قدمت من خلالها اقتراح لوزارة الأوقاف والأمور الخيرية في الجزائر، لنسج سجاد بمساحة 10 آلاف متر لتزيين مسجد الجزائر الأعظم.

من ناحيتها، نفت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في الجزائر كل ما قيل بشأن هذا السجاد.

وقال «محمد عيسى» وزير الشؤون الدينية والأوقاف: «من غريب ما تداولته بعض وسائل الإعلام خلال الأسبوعين الماضيين، أن الجزائر اشترت سجادا إيرانيا لفرش جامع الجزائر، كلّف ميزانية الدولة ملايين الدولارات».

ويضيف على ذلك: «تناقلت بعض الوسائط الإعلامية -دون تكلُّف عناء التحقيق- أن الجرذان أتلفت هذا السجاد، وكأننا في (جزيرة الواق واق)، كما في أساطير كتاب (ألف ليلة وليلة)»، حسب تعبيره.

وفنَّد الوزير تماماً خبر اقتناء سجاد إيراني بالقول: «لم تشترِ الجزائر ولو مترا واحدا من السجاد لفرش جامع الجزائر، لا من دولة إيران ولا من غيرها»، مضيفا: «لم تهب دولة إيران ولا أي دولة أخرى أيَّ سجاد لفرش جامع الجزائر».

إلا أنه صرح لاحقا في منشوره: «السجاد الذي سيفرش به جامع الجزائر هو مجموعة متكاملة من السجاد الإيراني، وهبته لجامع الجزائر شخصية جزائرية من خالص مالها، بمقتضى قبول هبة رسمي، ادَّخَرَت الخزينة العمومية بمقتضاها ملايين الدولارات».

ورفض وزير الشؤون الدينية والأوقاف «تلفيق تهمة التسيب والإهمال لقطاعه، من قبل بعض المؤسسات الإعلامية»، حسب المنشور.

وقال في هذا الشأن: «تصوير وزارة الشؤون الدينية والأوقاف على أن إطاراتها بذلك المستوى من الإهمال واللامبالاة والتخلف هو جهل بالمكانة الدولية التي أصبحت هذه الوزارة تحظى بها، بكفاءة إطاراتها وتعدد تخصصاتهم».

وأضاف: «تقوم شركتان متخصصتان إحداهما عمومية بصيانة هذه الزرابي (السجاد) التي تسلمت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف أولى دفعاتها، المشكلة من 539 قطعة نهاية سنة 2014، وذلك في إطار تعاقدي مع مؤسسة الوقف، وهي محفوظة في مخازن مهيَّأة تحت الرقابة التقنية لهاتين الشركتين».

كما لم يكشف وزير الشؤون الدينية والأوقاف عن مصدر السجاد الذي سيزين سجاد الجامع الأعظم، واكتفى بالقول أنه «عبارة عن مجموعة متكاملة من السجاد الإيراني».

إلا أن رئيس اتحاد الزوايا في الجزائر «عبد القادر باسين»، كشف عبر حسابه في «فيسبوك»، وفق ما نقلته صحيفة «الشروق» الجزائرية، أن السجاد هو «هبة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة».

على الجانب الأخر، استنكر الحرفيون الجزائريون المتخصصون في النسيج والحياكة، استيراد السجاد من إيران؛ لأن البلاد في نظرهم تزخر بسجاد مشهور يبهر كل السياح، حسب تعبيرهم.

وفي هذا الصدد، قالت «مليكة سويسي»، رئيسة جمعية «زربية القرقور» في تصريحات لـ«هاف بوست عربي»: «نملك هنا في الجزائر أنواعا من الزرابي والمفروشات الرائعة، كزربية القرقور التي أبهرت السياح الأجانب، خاصة من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وأمريكا، وهو نوع من الزرابي ذات جودة عالية».

وأضافت: «لجوء الدولة إلى الخارج لاقتناء السجاد هو بمثابة صفعة للمنتج المحلي، الذي تتغنى الدولة بدعمه والاعتماد عليه؛ فزربية القرقور التي نسعى للحفاظ عليها باتت اليوم مهددة بالزوال والاندثار في ظل مثل هذه التصرفات».

  كلمات مفتاحية

undefined