«خاشقجي»: لن نتقدم إذا مورس الإقصاء على كل معارض

الأربعاء 1 نوفمبر 2017 07:11 ص

نشر الكاتب والإعلامي السعودي «جمال خاشقجي» مقالا له في صحيفة «الواشنطن بوست» الأمريكية، تحدث فيه عن تضرر الأبرياء جراء الإجراءات التي يقول ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» إنه يتخذها لمكافحة «الإرهاب»، نافيا إمكانية تقدم المملكة حينما يتعرض للإقصاء والتهميش كل من يقدم نقدا بناء أو معارضة.

وقال «خاشقجي»: «يعكس ولي العهد ما يشعر به كثير من السعوديين من غضب وإحباط، وهم الذين طالما تشوقوا إلى التخلص من المؤثرات السلبية التي ابتليت بها بلادهم، كنا بانتظار زعيم يدرك أن التطرف، سواء الاقتصادي أو الاجتماعي، ضار بالبلاد».

وتابع: «ولعل إمارة دبي، التي بدأت مسيرتها نحو المكانة العالمية المرموقة في 1980، تصلح نموذجاً لمعرفة كم خسرت المملكة خلال الأربعين عاماً، على الرغم من أنها صاحبة الاقتصاد الأكبر في المنطقة».

وأضاف: «أعرف تماماً لماذا يحتد الأمير الشاب محمد، فالوهابية السلفية، تلك الحركة الإسلامية الإصلاحية، انتشرت في أرجاء البلاد وتمكنت من مفاصلها وتحولت إلى حركة معادية للحداثة وكارهة للأجانب، وبشكل خاص بعد حدثين سياسيين هزا المملكة في عام 1979، كان الأول قيام مجموعة من السلفيين المتطرفين بالاستيلاء على المسجد الحرام في مكة المكرمة، أقدس بقاع الأرض عند المسلمين، وأما الحدث الثاني فكان استيلاء آية الله الخميني على السلطة في إيران».

وأوضح الكاتب السعودي أنه «داخل المملكة العربية السعودية، يمكن للمرء أن يلمس النفوذ الضار لهذه الحركة المتزمتة التي ولدت في القرن الثامن عشر في كل أنحاء البلاد، حيث بإمكان الشرطة الدينية التي ترعاها الدولة التدخل حتى في أخص خصوصيات الناس، وأما مناهج التعليم فديدنها التحذير من الكفر والكافرين، بينما يصدح وعاظ التليفزيون بآرائهم المعارضة لحقوق النساء والأقليات، ويستمر الحظر المفروض على استيراد بعض السلع مثل لعبة الشطرنج وعرائس باربي».

وأشار إلى أنه «ما من شك في أن الأمير محمد محق في تعقب المتطرفين، ولكنه في الواقع يلاحق الأبرياء، حيث ألقي القبض خلال الشهرين الماضيين على العشرات من المفكرين وعلماء الدين والإعلاميين ورموز مواقع التواصل الاجتماعي داخل السعودية، وأغلبية هؤلاء في أسوأ الأحوال إذا صدر منهم نقد للحكومة فهو من أخف أنواع النقد».

وقال«خاشقجي» إن «أصحاب الأفكار المتطرفة ستجدهم داخل هيئة كبار العلماء، خذ على سبيل المثال الشيخ صالح الفوزان الذي يكن له الأمير محمد كل الاحترام والتقدير، رغم أنه أعلن عبر التليفزيون أن الشيعة ليسوا مسلمين، وهناك أيضاً الشيخ صالح اللحيدان، وهو كذلك يحظى بكثير من التقدير، الذي أصدر فتوى تقول بأن الحاكم المسلم غير ملزم باستشارة الآخرين، لهؤلاء آراء رجعية حول الديمقراطية والتعددية وقيادة المرأة للسيارة، ومع ذلك فهم ينعمون بفضل مرسوم ملكي بالحصانة من النقد أو الدحض».

وتساءل: «كيف يمكن لنا أن نصبح أكثر اعتدالاً إذا كانت السلطة تتسامح مع مثل هذه الآراء المتطرفة؟ وكيف يمكن لنا كأمة أن نتقدم حينما يتعرض للإقصاء والتهميش كل من يقدم نقداً بناءً أو معارضة في أغلبها من باب الفكاهة والمداعبة؟ ».

ولفت الكاتب السعودي إلى أنه «توجد صفحة في حساب تويتر بعنوان @m3takl_en مكرسة للكشف عن الاعتقالات التي تقع داخل المملكة، وتحتوي الصحفة على معلومات عن الأفراد الذين يقع اعتقالهم، وكثيرون منهم مضى عليهم في الاعتقال أسابيع دون أن توجه إليهم تهم أو يعرضون على محكمة، ويمكن للمتصفح أن يجد هناك تفاصيل عن آرائهم ومواقفهم، كلها مستمدة مما هو منشور في اليوتيوب وفي مواقع الإنترنت».

ووصف «خاشقجي» المعتقلين في السعودية بأنهم «جميعاً يؤيدون التعددية ويرون التنوع داخل الإسلام، على النقيض تماماً مما تراه الوهابية، وتجدهم يدعون إلى الانفتاح، والسماح بالتسلية والترفيه، والسماح للنساء بقيادة السيارات، ويعربون عن تأييدهم لحقوق الأقليات، بل لقد ذهب بعضهم إلى حد المطالبة بوضع نهاية لولاية الرجال على النساء، وهي قضية ما تزال موضع خلاف كبير، باختصار، معظم هؤلاء يحملون أفكاراً تؤهلهم لأن يكونوا شركاء للأمير محمد في برنامجه الطموح».

وقبل يومين، نفى «خاشقجي»، في حوار مع شبكة «سي إن إن» الأمريكية، وجود حياة سياسية في السعودية، معبرا عن شعوره بالإهانة عندما تلقى اتصالا هاتفيا، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من مسؤول في الديوان الملكي، يأمره بالصمت والتوقف عن الكتابة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جمال خاشجي المعتقلون في السعودية ولي العهد السعودي مشروع نيوم هيئة كبار العلماء مكافحة الإرهاب