«القدس العربي»: الجريمة في مصر والعقاب في ليبيا!

الأربعاء 1 نوفمبر 2017 08:11 ص

في 26 أيار/مايو 2017 تعرّض أقباط مصريون لسلسلة اعتداءات إرهابية استهدفت حافلتين وشاحنة ما أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص بينهم عدد كبير من الأطفال. منفذو الجريمة، حسب الأخبار، كانوا يسوقون 3 سيارات رباعية الدفع.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ألقى كلمة متلفزة في اليوم نفسه قال فيه إنه بسقوط نظام معمر القذافي في ليبيا «كنا نعلم أن هناك شراً كبيراً سيأتي إلى مصر»، متابعاً: «خلال الثلاثة أشهر الأخيرة دمرنا 300 عربية دفع رباعي».

وفي مساء اليوم نفسه شنّت مقاتلات مصرية غارات جوية على مواقع تابعة لمجلس شورى مدينة درنة شرق ليبيا. القصف، حسب مصادر ليبية، «أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين والمقاتلين» واستهدف مراكز المجلس جنوب المدينة «التي تعد خط الدفاع الأول ضد قوات خليفة حفتر التي تحاصر المدينة منذ أكثر من سنة».

في 21 تشرين الأول/أكتوبر الماضي تعرّضت قوات الشرطة المصرية لكمين في منطقة الواحات الغربية أدى لمقتل 16 منهم وإصابة 13 آخرين. بعد أسبوع من ذلك عقد السيسي «مجلساً أمنياً» مصغّراً أطاح بعدد كبير من المسؤولين الأمنيين. وليلة الإثنين أعلن الجيش المصري قصف «مخبأ» منفذي «هجوم الواحات» في الفيوم أسفر عن «تدمير ثلاث عربات دفع رباعي» و«القضاء على عدد كبير من العناصر المسلحة».

في الليلة نفسها تعرض مجلس شورى مدينة درنة شرق ليبيا لقصف جويّ أدّى إلى مقتل 17 شخصاً أغلبهم أطفال ونساء (وهو رقم مقارب لعدد قتلى عناصر الشرطة المصرية) وجرح 30.

درنة هي المدينة الوحيدة شرق ليبيا غير الخاضعة لسيطرة قوات الجنرال حفتر، ومجلس الشورى الذي يسيطر على المدينة هو الذي طرد قوّات تنظيم «الدولة الإسلامية» منها عام 2015.

المصادر الإعلامية المرتبطة بحفتر أكدت مسؤولية قواته عن تنفيذ الغارات الجوية، ولكن الناطق الرسمي باسمه نفى علاقته بالقصف مرجّحاً أن الضحايا سقطوا نتيجة عمل إرهابي.

توصيف ما حصل بالعمل الإرهابي صحيح طبعا لأنه إجرام يستهدف المدنيين، والقصف الجوّي للمدنيين في درنة لا يقلّ خساسة ودناءة عن مطاردة الإرهابيين للأقباط بـ«سيارات الدفع الرباعي» وقتلهم بالأسلحة الرشاشة في المنيا.

وسواء كانت المقاتلات التي نفّذت الهجوم ليبية أم مصريّة فإن التوقيت مفهوم تماماً وعلاقته واضحة بما حصل في هجوم الواحات، وباجتماع «المجلس الأمني» المصريّ، وبتعيين رئيس الأركان الجديد الذي يريد إثبات حزمه والتزامه بتوجيهات السيسي، وبكلّ الاستراتيجية الأمنية المصريّة التي ترتكز على عنصرين متناقضين:

- الأول هو نسبة كل ما يحصل من أحداث تدهور أمني في مصر إلى جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية،

- الثاني إنكار أن ما يحصل في مصر داخليّ وربطه دائماً بـ«شرّ قادم من الحدود» أو من الخارج.

والحقيقة أن تزامن خبر قيام الجيش المصري بغارات جوّية على الفيوم، واستهدافه (مجددا) سيارات دفع رباعي قادمة من حدود ليبيا، مع خبر قصف قوات حفتر لدرنة يكشف أن قوات الأخير ليست إلا قناعاً للقاهرة وذيلاً لسياساتها الداخلية والخارجية.

يظهر الانتقام الذي يتعرّض له الليبيون كلّما حصل هجوم على المدنيين أو الشرطة في مصر أيضاً الاستخفاف الذي يتعامل به النظام المصري مع الليبيين الذين تسقط الحمم على رؤوسهم كلّما تعرّضت سياسات النظام المصري لفشل أمني.

  كلمات مفتاحية

مصر مذبحة الواحات ليبيا قصف درنة حفتر استهداف الأقباط