«جوعى للعدل».. إضراب معتقلي مصر يجذب أطيافا متعددة

الأربعاء 1 نوفمبر 2017 03:11 ص

مواجهة الاعتقال التعسفي والانتهاكات في السجون، لم تعد تتوقف على المعتقلين السياسيين فحسب، والإسلاميين منهم خاصة، بل اتسعت رقعة المواجهة، باتساع التجاوزات في حق المحبوسين.

وكشف الإضراب الأخير عن الطعام في السجون المصرية، والذي نظم بشكل منفصل ومتزامن تقريبا، ضد الأوضاع غير القانونية للمحبوسين، واستمرار حبسهم بالمخالفة للقانون، فيما وصفهم البعض بـ«جوعى للعدل»، انضمام فئات مختلفة من الشعب المظلوم خلف القضبان.

آخر المنضمين للإضراب، كان «معتقلو الدفوف»، الذي أمرت محكمة أسوان (جنوبي مصر)، بتجديد حبسهم 15 يوما، إثر اعتقالهم في 3 سبتمبر/أيلول الماضي، من حديقة درة النيل في محافظة أسوان، فيما يعرف بـ«يوم التجمع النوبي»، الذي دعت لتنظيمه الكتل والكيانات النوبية في أسوان تحت شعار «العيد في النوبة أحلى».

وكان يستهدف التجمع إقامة حفلات غنائية وقيام القيادات النوبية بالمطالبة بحقوق النوبيين التاريخية، ورفض ممارسات الدولة من مماطلتها تجاه تنفيذ المادة الدستورية رقم 236 التي تقضي بإعادة النوبيين إلى أراضيهم.

العقرب ووادي النطرون

ومنذ السبت الماضي، ينظم معتقلو سجن طرة 992 المعروف باسم «العقرب» شديد الحراسة، إضرابا شاملا عن الطعام، بدأ بعدد محدود منذ 10 أيام، ثم انخرط فيه الجميع.

ونقلت فضائية «الجزيرة» عن مصادر (لم تسمها)، قولها إن «أكثر من ألف معتقل (من نزلاء سجن العقرب) دخلوا في الإضراب، بسبب حرمانهم من الحد الأدنى من حقوقهم المشروعة».

وأضافت المصادر، أن الإضراب يأتي وسط استمرار منع زيارات السجناء عن ذويهم، وانعدام الرعاية الصحية ومنع إجراء أي فحوص طبية لأي مريض منهم.

ومن الحقوق التي يطالبون بها التريض ورؤية الشمس إذ أدى حرمانهم منهما إلى إصابتهم بكثير من الأمراض، وقد منعت الزيارت لأكثر من سنة وشهرين.

ومن أشهر المضربين عن الطعام داخل السجن، نائب رئيس حب الوسط «عصام سلطان»، والصحفيون «هشام جعفر» و«حسن القباني».

فيما نظمت جبهة الدفاع عن الصحفيين والحريات المصرية، إضرابا جزئيا عن الطعام، خارج السجن، الثلاثاء، تضامنا مع الصحفيين المعتقلين.

الأمر لم يقتصر على سجن العقرب، بل امتد لسجون أخرى من بينها سجن وادي النطرون (دلتا النيل/شمال)، والذي أعلن معتقلوه إضرابهم بشكل كامل عن الطعام، بسبب رفض إدارة السجن الاستجابة لمطالبهم، والتعنت المستمر وسوء المعاملة، وخرق القانون المتمثل في لائحة السجون التي تنظم وضع المعتقلين، وما لهم من حقوق كفلها القانون والدستور والمعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر.

وايت نايتس

وقبل إضراب السجون، دخل 236 من رابطة مشجع لنادي «الزمالك» الرياضي، المعروفة باسم «وايت نايتس» في إضراب عن الطعام؛ إثر قرار المحكمة العسكرية تجديد حبسهم شهرا.

ويواجه المتهمون، الذين تم إلقاء القبض عليهم أثناء مباراة لكرة القدم في استاد «برج العرب» بمحافظة الأسكندرية (شمال)، في يوليو/تموز الماضي، عدة تهم تشمل: «الانضمام لجماعات محظورة (الأولتراس)، وحيازة تذاكر مزورة، وشماريخ (ألعاب نارية)، وقمصان تحمل عبارات مسيئة.

وتم تحويل قضيتهم إلى النيابة العسكرية بدلا من المدنية، لكنهم حتى الآن يقضون فترة الحبس الاحتياطي دون إحالة للمحكمة.

وحول تلك الإضرابات المتوالية عن الطعام، قالت الناشطة السياسية المصرية «منى سيف»، عبر «فيسبوك»: «إن جعفر وسلطان وأعضاء ألتراس وايت نايتس الـ236 معتقلون في أحداث وظروف حبس مختلفة، لكن كلهم يواجهون ظلما وإجراءات تعسفية، وكلهم قرروا يواجهوا ده بأجسادهم؛ فهم جوعى للعدل».

 

 

ومنذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، وجهت منظمات حقوقية دولية اتهامات للمنظومة القضائية في مصر بالتسييس، وبأنها صارت أداة قمع بيد النظام في مواجهة معارضيه.

وسبق أن وصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، الشهر الماضي، ما يحدث من تعذيب للمعتقلين في مصر بأنه «جريمة محتملة ضد الإنسانية».

وذكرت المنظمة أنه تم توقيف 60 ألف شخص على الأقل منذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013،  كما تم إنشاء 19 سجنا جديدا خلال الفترة ذاتها لاستيعاب هذه الأعداد.

وفي وقت سابق، وصف تقرير أعدته «منظمة العفو الدولية» ما يجري في مصر بأنه عودة إلى «دولة القمع الشامل» و«السياسة القمعية»، موضحا أن مصر تسحق آمال جيل كامل متطلع إلى مستقبل أكثر إشراقا.

ويقبع آلاف المعتقلين في السجون المصرية، في أوضاع تصفها المنظمات الحقوقية بـ«الصعبة للغاية وغير الإنسانية»، وهو ما أدى إلى وفاة المئات منهم نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي.

وتحولت السجون ومقار الاحتجاز في مصر، إلى ما تشبه المقابر الجماعية بالنظر إلى المعاملة غير الآدمية والتعذيب البدني والنفسي غير المسبوقين، واللذين يمارسان بحق معارضي «السيسي».

ولم تفلح التقارير الحقوقية المحلية والدولية، ولا الإدانات، في وقف هذه الانتهاكات ولا حتى التخفيف منها، فقد استمر النظام في انتهاج سياسة ممنهجة للتعذيب أودت بحياة مئات تحت التعذيب أو بسبب الظروف المعيشية البالغة السوء أو الإهمال الطبي ومنع تلقي العلاج.

وعادة ما ترفض الأجهزة الأمنية بمصر، اتهامات معارضين لها، بالإهمال الطبي بحق المسجونين أو ارتكاب انتهاكات بحقهم، وتقول إنها توفر كامل الرعاية للسجناء داخل أقسام الشرطة والسجون، وإن التعامل مع جميع المحبوسين يتم وفقا لقوانين حقوق الإنسان.

  كلمات مفتاحية

إضراب عن الطعام مصر السجن معتقلات حقوق الإنسان سياسيين وايت نايتس