سوريا.. الغائب الحاضر في قمة إيران وروسيا وآذربيجان

الخميس 2 نوفمبر 2017 07:11 ص

الغائب الحاضر، قول ينطبق على سوريا في أعمال القمة الثلاثية بين إيران وروسيا وأذربيجان، حيث تصدر الملف السوري مشاورات جرت بين الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» ونظيره الإيراني «حسن روحاني» والمرشد «علي خامنئي»، وذلك إلى جانب الملف النووي الإيراني.

وطغت زيارة «بوتين» الثالثة إلى طهران على أعمال القمة، إذ أجرى الرئيس الروسي مشاورات منفصلة مع «خامنئي» و«روحاني» قبل التوجه إلى القمة المشتركة الثلاثية، بحسب ما نقلته صحيفة «الشرق الأوسط».

وقال «بوتين» في لقائه مع «خامنئي»: «أظهرنا للعالم أنه يمكن حل القضايا الإقليمية من دون تدخل الدول الأخرى»، لافتا إلى أن البلدين «وصلا إلى نتائج جيدة في سوريا» وطالب بضرورة اتباع مسار سياسي جيد في هذا البلد.

وأضاف أن «حفظ وحدة الأراضي السورية ودعم الحكومة والرئيس السوري بشار الأسد من (مبادئ السياسة الخارجية في روسيا)»، معرباً عن اعتقاده بأن «أي تغيير وتحول في أي بلد بما فيها سوريا يجب أن يكون من داخل البلد».

في المقابل، قال «خامنئي» إن «التعاون الجيد في سوريا يظهر أن طهران وموسكو بإمكانهما تحقيق الأهداف المشتركة في الميادين الصعبة».

وأضاف «خامنئي» أن «هزيمة الائتلاف الأمريكي في سوريا لا يمكن إنكارها، لكنهم ما زالوا يتآمرون، من أجل ذلك حل القضية السورية بشكل كامل بحاجة إلى استمرار التعاون».

وأعلن تأييده لموقف «بوتين» حول ضرورة حل القضايا الإقليمية من دون تدخل أطراف خارجية، وقال: «الأمريكيون يريدون التدخل في كل القضايا الإقليمية والعالمية ويعولون على المواقف الضعيفة لمسؤولي بعض البلدان».

وتابع أن التعاون الروسي الإيراني في سوريا يحمل دلالات كثيرة، لافتا إلى أن «روسيا أصبحت مؤثرة في منطقة غرب آسيا».

تعاون في سوريا

وطلَب «خامنئي» من بوتين بأن يتخذ من تعاون البلدين في سوريا نموذجا لتعزيز التعاون في كل المجالات، مضيفًا أن طاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين تتجاوز المستوى الحالي.

رغم ذلك، أوضح «خامنئي» أن «الشعب السوري صاحب القرار الوحيد في هذا البلد»، وقال مخاطبا «بوتين»: «مثلما قلتم، يجب أن تنبثق كل القضايا والحلول حول الحكومة السورية من داخل هذا البلد، وألا تتعرض الحكومة السورية للضغوط، وإن كانت المشاريع متعددة الأطراف».

وكان موضوع سوريا محور نقاش بين «بوتين» و«روحاني» قبل لقائه «خامنئي» بساعات. وأكد «بوتين» استمرار التعاون الروسي التركي الإيراني ودور البلدان الثلاثة في إطار مفاوضات أستانة.

بدوره، شدد «روحاني» على أهمية استمرار التعاون الروسي الإيراني في الأزمة السورية، خصوصا فيما يتعلق بمسار مفاوضات أستانة والتعاون الثنائي والإقليمي والدولي في حل القضايا والأزمات الإقليمية، وفق ما نقل موقع الرئاسة الإيرانية.

وقال «روحاني» إن بلاده تدعم «الاستقرار الإقليمي وتعتبر عدم الاستقرار مضرا لجميع الدول»، معتبرا أن التعاون الإيراني الروسي «أثبت للجميع ضرورة تثبيت الأمن والاستقرار في سوريا عبر الحلول السياسية».

وبموازاة اللقاءات السياسية جرت مشاورات عسكرية بين رئيس الأركان الإيراني «محمد باقري» مع نظيره الروسي «فاليري غراسيموف» حول آفاق التعاون العسكري في سوريا، و«الدبلوماسية الدفاعية»، وفق ما أوردت وكالة «إيرنا».

وقال «روحاني» إن إيران وروسيا بحاجة للتعاون لاستعادة الاستقرار في سوريا والمنطقة.

وأضاف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه الروسي والأذربيجاني: «التعاون بين طهران وموسكو ضروري لإرساء الاستقرار والسلام في سوريا... كما أنه ضروري لمحاربة الإرهاب في المنطقة»، وفق ما نقلت «رويترز».

الاتفاق النووي

وكان الملف النووي والتعويل الإيراني على الدور الروسي لمواجهة الضغوط الأمريكية، ثاني أهم المحاور في مشاورات «بوتين» وثنائي «خامنئي» و«روحاني».

وخرجت الصحف الإيرانية بعنوان يوحي أن إيران تتطلع إلى لعب الورقة الروسية ضد استراتيجية الرئيس الأمريكي لاحتواء دور إيران الإقليمي، واعتبرت أغلب الصحف الإيرانية الصادرة أمس أن «روسيا القوية في العالم مرهونة بمواصلة دور إيران الإقليمي».

وقالت روسيا وإيران وأذربيجان في بيان مشترك وقع، أمس، إن على كل أطراف الاتفاق النووي الإيراني أن تفي بالتزاماتها.

وقال «بوتين» خلال لقاء «خامنئي» إنه «يعارض أي تغيير أحادي الجانب في الاتفاق النووي»، معتبرا أن القرارات الأحادية الجانب «خرقا للقوانين الدولية».

واتهم «بوتين» أمريكا بالسعي للتدخل في كل قضايا العالم والمنطقة.

وفي إشارة ضمنية إلى مخاوف إيرانية من تغيير موقف روسيا في الاتفاق النووي، قال «بوتين»: نحن «ملتزمون بمبادئنا ونواصل أي عمل نبدأه إلى النهاية».

وقبل ذلك، خلال لقائه بـ«روحاني»، أعلن بوتين عن رفضه ربط برنامج الصواريخ الباليستية بالاتفاق النووي، معتبرا إياه مهما لـ«السلام والاستقرار العالمي»، كما وصف طهران بـ«الشريك الاستراتيجي» لموسكو، مؤكداً أهمية تطوير العلاقات بين البلدين.

وفي هذا السياق، طالب «خامنئي» بوضع استراتيجية مشتركة لمواجهة قانون العقوبات الأمريكي (كاتسا)، الذي وقعه دونالد ترامب في الثاني من أغسطس/آب الماضي، ويتضمن عقوبات ضد إيران وروسيا وكوريا الشمالية.

وقال «بوتين»: إن «عدم قبول الالتزامات الدولية من قبل بعض الدول غير مقبول إطلاقاً، وأعتقد أن إلغاء الاتفاق النووي من جانب واحد بأي حجة غير مقبول».

على الصعيد ذاته، قال «روحاني» إن «حفظ الاتفاق النووي مهم للسلام والاستقرار الإقليمي والدولي»، مؤكداً «أهمية الدور الروسي في تثبيت واستمرار الاتفاق النووي وتنفيذ الالتزامات من كل الأطراف التفاوض».

وذكر «روحاني» أن موسكو بلد شقيق وجار وشريك استراتيجي لبلاده، وشدد على أهمية التوافق بين البلدين في مجالات المختلفة، مثل الطاقة والصناعة النووية والترانزيت، مؤكداً ضرورة استمرار التعاون.

الاقتصاد

وإلى جانب الملفات الساخنة بين طهران وموسكو، فإن القمة حملت شعار التنمية الاقتصادية والاستقرار الأمني بين دول غرب بحر خزر، وهيمنت الملفات الاقتصادية على مشاورات جرت بين روحاني ونظيريه الروسي والأذربيجاني.

وفي هذا الشأن، طالب بوتين بضرورة تفعيل الممر الاقتصادي بين الدول الثلاث. والقمة الثلاثية بين إيران وروسيا وأذربيجان هي الثانية بعد قمة في باكو في 2016.

من المفتَرَض أن يتناول الرؤساء الثلاثة، خصوصاً مشروع بناء سكك حديد بطول 172 كلم بين رشت في إيران وأستارا في أذربيجان، ومشاريع تنقيب مشتركة عن آبار نفط وغاز في بحر قزوين، بالإضافة إلى التعاون الثقافي، وكذلك في مجال الشؤون الإنسانية.

وتأجل موعد القمة الثلاثية من الصيف إلى منتصف الخريف، وقالت وكالة «تسنيم» الناطقة باسم الحرس الثوري في هذا الصدد إن التأجيل سببه «فقدان الظروف المناسبة ووجود بعض المشكلات».

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

بوتين روسيا إيران روحناي خامنئي آذر بيجان سوريا الملف السوري الملف النووي الاتفاق النووي