دراسة إسرائيلية: تحول ديموقراطي بمصر سينهي "كامب ديفيد"

الجمعة 3 نوفمبر 2017 04:11 ص

سلط أهم مراكز التفكير الإسرائيلية الأضواء على مسوغات القلق الإسرائيلي من أية تحولات داخلية يمكن أن تفضي إلى انجاز تحول ديموقراطي حقيقي في العالم العربي.

وحسب دراسة نشرت في مجلة "عدكون إستراتيجي"، الصادرة عن "معهد أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي بجامعة تل أبيب، فإن انجاز التحول الديموقراطي في مصر، مثلا، يعني بلورة بيئة سياسية واجتماعية ستفضي إلى إسدال الستار على السلام مع إسرائيل في أحسن الأحوال أو حتى التأسيس لواقع يمكن أن يقود لاندلاع حرب بين الجانبين، وذلك بسبب الرفض الجماهيري للسلام مع تل أبيب.

وحسب الدراسة التي نشرها المعهد على موقعه اليوم بمناسبة مرور 40 عاما على التوقيع على اتفاقية "كامب ديفيد"، جزم مؤلفا الدراسة، عوفر فنتور الباحث بالمعهد ومؤمن سلام، رئيس تحرير مجلة "مصر المدنية" بأن نخب الحكم ورجال الأعمال المتنفذين في مصر استغلوا التوقيع على "كامب ديفيد" في مراكمة ثروات طائلة من خلال احتكار الفرص الاقتصادية التي أتاحتها "كامب ديفيد".

وذلك على شكل التوصل لصفقات "فاسدة"، مثل التوقيع على صفقة شراء الغاز، وجني عوائد كبيرة من تطبيق اتفاقية "كويز"، التي تتضمن تعاون في مجال التجارة البحرية وصناعة النسيج.

وتصل الدراسة إلى حد الاستنتاج بأن  نخب الحكم في مصر قاومت التطبيع في بعض الأحيان، خشية أن يسمح لقوى غير مرتبطة بهذه النخب بمنافستها على المكاسب التي تجنيها نتاج احتكارها الاستفادة من الاتفاقات والصفقات الاقتصادية مع إسرائيل.

ونوهت الدراسة إلى أن "السلام البارد" تحول مع مرور الوقت إلى "سلام فاسد"، مشيرة إلى أن هذا الواقع فاقم غضب المصريين من تبعات العلاقة مع إسرائيل لعدم انعكاس السلام إيجابًا على حياة المصريين.

وذهبت إلى حد الاستنتاج بأن الربط بين "كامب ديفيد" ومظاهر الفساد أفضت إلى مزيد من التدهور لصورة إسرائيل في نظر المصريين.

وأشارت الدراسة إلى أنه في أحيان أخرى قاوم الحكم في القاهرة التطبيع من أجل الحفاظ على مستوى من الشرعية الداخلية، منوهة إلى أن حكام مصر لم يترددوا في التشجيع على المس ببعض الذين دعوا للتطبيع مع تل أبيب.

ورغم أن الدراسة تتبنى مصطلح "السلام البارد" لوصف واقع "السلام" بين إسرائيل ومصر، إلا أنها في الوقت ذاته تشير إلى تقديرات إسرائيلية أخرى ترى أن العلاقة بين تل أبيب والقاهرة انتقلت في العقد الثاني لحكم مبارك من "السلام البارد" إلى "السلام الإستراتيجي".

وتشير الدراسة إلى نتائج بحث آخر أعده الباحثان الإسرائيليان أمنون إيران ورامي جينات، اللذان خلصا إلى أن مبارك بادر في مطلع التسعينيات من القرن الماضي إلى السماح بتعميق وتوسيع الثقة بين المستويات السياسية والمؤسسات الأمنية في كل من مصر وإسرائيل بشكل نقل العلاقة بين الجانبين إلى مرحلة الشراكة الإستراتيجية.

ورصدت الدراسة أسباب أخرى لإحجام المجتمع المصري عن التطبيع مع إسرائيل، على رأسها مظاهر التضامن العميق تجاه الشعب الفلسطيني ومعاناته تحت الاحتلال، مشيرة إلى أن المصريين لم يكونوا ليغيروا توجهاتهم إزاء إسرائيل في الوقت الذي لا تتردد فيه تل أبيب في قتل الأطفال والنساء ومصادرة الأراضي.

وأشارت الدراسة إلى أن إسرائيل أحرجت بعيد التوقيع على "كامب ديفيد" نخب الحكم في مصر من خلال الإقدام على الإعلان عن ضم القدس الشرقية وهضبة الجولان وشن حرب لبنان الأولى في صيف 1982.

وأوضح مؤلفا الدراسة بأن التحولات التي طرأت على نظام الحكم في إسرائيل وزيادة  تأثير التيار الديني الصهيوني، وما تبعه من تبني إسرائيل خطابا قوميا يستند إلى مسوغات دينية أحرج القوى الليبرالية المصرية التي تجاهر بحماسها للتطبيع مع إسرائيل.

وأضافت الدراسة: "لقد كان محرجا للقوى الليبرالية المصرية أن تتحمس للعلاقة والتطبيع مع كيان يتبنى خطاباً قومياً دينياَ في الوقت الذي ترفض فيه هذه القوى فكرة الدولة الدينية في مصر".

وفيما يتعلق بطابع تعاطي نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي مع إسرائيل، فأن الدراسة تشير إلى أن هذا النظام لم يحرص فقط على تطوير التعاون الأمني مع إسرائيل "بشكل حميمي"، بل أنه من ناحية عملية "تجاوز في مظاهر تطبيعه العلاقة مع تل أبيب حدود المتعارف عليه في العلاقات بين الحكومات".

ولكن الدراسة عانت من تناقض بنيوي عندما خلصت إلى التوصيات التي تضمن تحسين العلاقة بين مصر وإسرائيل.

فرغم إقرار مؤلفي الدراسة بأنه في حال اجتازت مصر تحولا ديموقراطيا يضمن أن تتبنى نخب الحكم توجهات الرأي العام المصري، سيلفظ السلام مع إسرائيل أنفاسه،  أشارا إلى أنه في حال تم الدفع نحو تحسين التعاون الاقتصادي فأن مثل هذا التطور يحمل في طياته فرصا لاقناع الجمهور المصري بتغيير مواقفه تجاه إسرائيل.

ومن المفارقة، أن الدراسة لا تقترح أن تحدث حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب أي تغيير على مواقفها السياسية والأيدلوجية تجاه الصراع من أجل اقناع المصريين بتغيير مواقفهم إزاء "السلام" مع إسرائيل.

* د. صالح النعامي كاتنب وباحث في الشؤون الإسرائيلية.

المصدر | د. صالح النعامي | النعامي نت

  كلمات مفتاحية

التحول الديمقراطي دراسة غسرائيلية مصر معاهدة كامب ديفيد التطبيع مع إسرائيل السلام البارد السلام الاستراتيجي