«واشنطن بوست»: لماذا استقالت الحكومة الكويتية؟

الجمعة 3 نوفمبر 2017 10:11 ص

استقال مجلس الوزراء الكويتي، الإثنين الماضي، بعد أقل من أسبوع على افتتاح دورة البرلمان، وبعد استجواب أحد أعضاء الحكومة خلال جلسة برلمانية.

وينص الدستور الكويتي على أن استقالة رئيس مجلس الوزراء تؤدي إلى استقالة كامل المجلس، وكان رئيس الوزراء قد قدم استقالته إلى أمير الكويت يوم الإثنين، والذي قبلها بدوره.

وأعلن رئيس مجلس الأمة الكويتي أن المجلس لن يجتمع إلا بعد تشكيل حكومة جديدة. وفي الوقت نفسه، ستستمر الحكومة الحالية في العمل كحكومة تسيير أعمال مؤقتة.

ومن المتوقع أن تستغرق عملية اختيار مجلس الوزراء الجديد بضعة أسابيع. ومع ذلك، فليس هناك مدى زمني رسمي لاختيار رئيس الوزراء، الذي يعينه الأمير، وهو الأمر اللازم لتشكيل حكومة جديدة. وتشير أسباب هذه الاستقالات إلى التوازن الصعب الذي تأمل حكومة الكويت في الوصول إليه بين التقشف والدعم العام والحكم الفعال.

إضعاف زخم المعارضة

وتتشكل المعارضة الكويتية، نصف البرلمان تقريبا، من ائتلاف فضفاض من النواب القبليين والإسلاميين. وفي حين أن الأحزاب السياسية غير قانونية من الناحية الفنية في الكويت، فقد تمكنت المعارضة من إبطاء جدول أعمال التقشف الحكومي، الذي جاء استجابة لاستمرار انخفاض أسعار النفط.

وكان الأعضاء القبليون في المعارضة الكويتية قد اجتمعوا قبل أكثر من شهر من افتتاح مجلس الأمة، لتنسيق جدول أعمال يتضمن معارضة زيادة أسعار الرعاية الصحية للمغتربين وأسعار الوقود.

ومن بين القضايا التي نوقشت، اقتراح بإجبار الحكومة على إجراء تعديل وزاري، من خلال تحديد سلسلة من الاستجوابات المكثفة في البرلمان. وتعيق هذه الإجراءات التصويت على تدابير أخرى، الأمر الذي يحرج الحكومة ويجبرها على إنفاق رأس المال السياسي في الدفاع عن سياساتها.

ووقعت أول عملية استجواب ضد وزير الإعلام الكويتي، في اليوم الافتتاحي للبرلمان. وكان من المقرر إجراء تصويت على سحب الثقة من الوزير في اليوم التالي، وهو أيضا عضو في عائلة الصباح، العائلة المالكة في الكويت، إلا أن أنباء الاستقالة استبقت ذلك الإجراء.

ويعتبر التعديل الوزاري مؤشرا على أن تكتيكات المعارضة كانت فعالة على المدى القصير.

ومع ذلك، ونظرا لعدم وجود موعد نهائي يمكن من خلاله تعيين حكومة جديدة، قد تكون الحكومة قادرة أيضا على استغلال الوقت لكسر زخم المعارضة المضاد للتقشف. ويمكن للحكومة أيضا أن تستخدم الوقف الاختياري لجلسات البرلمان، كورقة مساومة لانتزاع تنازلات من المعارضة قبل أن تعلن عن حكومة جديدة.

إظهار الدعم للأمير

وكانت الحكومة الكويتية، المكونة من 22 شخصا، قد تشكلت في أعقاب تعديل وزاري في ديسمبر/كانون الأول الماضي. ويكون رئيس الوزراء، تاريخيا، عضوا في العائلة المالكة، ويقود أعضاء مجلس الوزراء، الذين يعملون عموما على تنفيذ جدول أعمال الأمير.

(على الرغم من أنه بخلاف الأمير، فإن وزراء الحكومة غير محميين قانونيا من النقد العام). ولعب العديد من هؤلاء الوزراء دورا رئيسيا في جهود التقشف الكويتية، وفي حين أن بعض هؤلاء الوزراء قد يعاد تعيينهم في مجلس الوزراء، فإن استقالاتهم تعبر عن دعمهم الشخصي للأمير وجدول أعمال الحكومة.

ومع الاستقالات الواسعة، كانت النية الرئيسية للحكومة هى عمل تعديل وزاري. وفي الواقع، تم إعادة تعيين رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة الجديدة. وكان الأمير يرغب في تعديل مجلس الوزراء إذا لم تصل الحكومة إلى تحقيق أهداف التقشف، وهو ما دعا إليه الكثيرون في البرلمان.

خطط التقشف غير الشعبية

ولم تكن الكويت في مأمن من موجة نزعة العداء ضد المهاجرين التي اجتاحت العالم. وسادت مناقشات جرت مؤخرا حول إمكانية حصول الوافدين وغير المواطنين على الرعاية الاجتماعية على النقاش السياسي.

وامتدت هذه المناقشات إلى الحديث عن الضرائب الشديدة المفروضة على المغتربين، بدءا من الضريبة على القيادة إلى ضريبة يدفع بموجبها المغتربون مقابل استخدام البنية التحتية بما في ذلك السير على الطرق والأرصفة.

وفي الوقت الذي يبحث فيه أعضاء البرلمان طرقا أكثر ابتكارا لاستهداف المغتربين، لا يوجد دليل على أن هذه السياسات ستغطي عجز موازنة الكويت، البالغ 26 مليار دولار لعام 2017. وتتفهم حكومة الكويت، التي هزتها تجربة الاحتجاجات عام 2011، التهديدات طويلة الأمد للصعوبات الاقتصادية وانخفاض عمالة الشباب. ومع ذلك، ينطوي حل هذه المشاكل على تدابير تقشف مؤلمة تتطلب من مجلس الأمة أن يكون فعالا وألا يتحمل تكاليف سياسية عالية للغاية.

ويسمح التعديل الوزاري للحكومة الكويتية بإعادة تنظيم جدول أعمال البرلمان نحو التقشف، وإيجاد تأييد من أعضاء البرلمان لهذا البرنامج. وفي حين أنه لا يمكن منع احتمال إجراء تحقيقات مستقبلية يطرحها البرلمان، يمكن للحكومة أن تستخدم الوقت بين استقالة الحكومة القديمة وتعيين أخرى جديدة للتوصل إلى اتفاق مع شخصيات المعارضة بشأن سياساتها.

ويعد التعديل الوزاري في الكويت جزءا من إعادة التفاوض حول العلاقة بين الحكومة والمواطنين، في أعقاب استمرار تأثير انخفاض أسعار النفط في جميع أنحاء العالم على دول الخليج. وفي حين أن تدابير التقشف ضرورية في هذه الدول، فهي أيضا لا تحظى بشعبية. وسيتطلب تنفيذها إجراء تغييرات على كل من الحكومة ونهج المعارضة.

وتعترض المعارضة الكويتية على تدابير التقشف الحكومية، لكنها لم تقدم بديلا قابلا للتطبيق. وتتيح استقالة الحكومة الكويتية فرصة محتملة لإعادة التفاوض على علاقة عمل بين الحكومة والمعارضة تفيد الكويتيين. ومع ذلك، فإن مثل هذه العلاقة تتطلب من الجانبين أن المشاركة بطريقة ما.

وبدلا من اللجوء إلى المقترحات الشعبية التي ليس لها أثر اقتصادي إيجابي يذكر، فإن المعارضة الكويتية، في الوقت الذي تعمل فيه كقوة معارضة لسلطة الحكومة، ستحتاج إلى تقديم بدائل ناجعة للضرائب وارتفاع الأسعار. وستحتاج الحكومة الكويتية إلى تخفيف المخاوف قصيرة الأجل للشعب الكويتي، والعمل مع المعارضة على تحديد أكثر الاستراتيجيات نجاحا لخلق مستقبل مستدام اقتصاديا وسياسيا للكويت.

  كلمات مفتاحية

الحكومة الكويتية أمير الكويت استقالة الحكومة