«حكومة إنقاذ» في إدلب.. جدل محتدم وشرعية مفقودة

السبت 4 نوفمبر 2017 08:11 ص

«حكومة إنقاذ» في إدلب.. كيان جديد أعلن عن نفسه، الجمعة، هادفا بسط نفوذه على كل من محافظة إدلب وريفها، والريف الغربي لمحافظة حلب، وريف حماه الشمالي والشرقي، والأجزاء الشرقية من ريف اللاذقية، ليزيد الإعلان عن الحكومة الوليدة المواقف المتضاربة ارتباكا وتعارضا وانقساما، وسط صمت الكثيرين أملاً في أن ترمم حكومة الإنقاذ الجديدة الخيبات المتوالية التي منيّ بها السوريون من أدء ممثليهم من المعارضة السياسية في جولات التفاوض.

الحكومة الجديدة التي يرأسها «محمد الشيخ» ينظر إليها البعض باعتبارها وجها مدنيا آخر «لهيئة تحرير الشام – النصرة» التي آثرت على تعيين بعض مؤيديها في الحكومة وتسليمهم حقائب وزارية، وتباينت حولها الآراء بين القبول بحكومة ثانية للمعارضة السورية والإقدام على هذه الخطوة في ظل توقيت تتضارب فيه المصالح الدولية على الأرض السورية، وما بين الرفض تخوفا في أن تؤدي الحكومة المرتبطة بالإسلاميين في تقليل التعاطف الدولي مع القضية السورية.

ورغم رفض قيادات الائتلاف السوري المعارض هذه الحكومة، فإنه لم يصدر عن الائتلاف أي موقف رسمي حولها، فيما رأى عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية «محمد يحيى مكتبي»، أن تشكيل حكومة ثانية، تدير المناطق المحررة في ظل وجود حكومة مؤقتة ما هو إلا بسبب «ضحالة في التفكير وقصر في النظر» بحسب رأيه في اتصال هاتفي مع «القدس العربي».

إغلاق طرق الاتفاق

من جانبه، توقع نائب رئيس الحكومة السورية المؤقتة «أكرم طعمة» أن تكون «حكومة الإنقاذ» حكومة محلية بامتياز متواجدة ضمن منطقة واحدة، في إدلب وبعض الأرياف التي يسيطر عليها فصيل عسكري محدد، ولن تستطيع الحصول على الشرعية، وستكون مقيدة غير قابلة للتوسع بسبب هيمنة تحرير الشام عليها وملاحقتها من قبل النصرة لضمان تبعيتة رئيس الحكومة ووزرائها للفصيل، بحسب رأيه.

ونفى «طعمة» رفض الحكومة المؤقتة التجاوب مع الجسم السياسي الجديد ومحاولة استيعابه، حيث قال: «تشكلت لجنة خلال احد اجتماعات مجلس الوزراء، كانت مهمتها التواصل مع الكوادر التي كانت تعمل على تشكيل حكومة الإنقاذ»، حيث تم التواصل بين الدكتور «عبدالعزيز الدغيم» والدكتور «فراس الجندي»، كما تواصل «أكرم طعمة» نائب رئيس الحكومة المؤقتة، مع الدكتور «محمد الشيخ» رئيس حكومة الإنقاذ».

واستدرك: «غير أن المفاوضات على ضم الأخيرة للحكومة المؤقتة فشلت بسبب ما وصفه «طعمة» بالشروط التعجيزية، وهو ما أسفر عن إغلاق الطرق أمام أي اتفاق بين «الحكومتين المعارضتين».

وانتهى بالقول: نحن كسوريين متميزين من الناحية الفردية، لم ننجح بالعمل بشكل جماعي، ولو تم التعاون مع الحكومة المؤقتة وتوسيع الحكومة بكوادر جديدة من إدلب، دون اللجوء إلى الإعلان عن «حكومة محلية» لكان هو الحل الأفضل، بما فيه إصلاح أيضا للحكومة والائتلاف على حد سواء، ولكن ما حصل دليل على فشلنا بالعمل المشترك».

أصحاب الاختصاص يقودون؟

ورئيس الحكومة الجديدة، «محمد الشيخ»، يحمل درجة دكتوراه في الرياضيات من جامعة مرسيليا في فرنسا، ومؤسس مديرية التربية الحرة في الساحل.

وتضم الحكومة 11 وزيراً، وتتألف من أربع هيئات مدنية وهي «هيئة شؤون الأسرى، وهيئة الرقابة والتفتيش، وهيئة التخطيط والإحصاء، وهيئة اتحاد نقابات العمال»، فيما تم تكليف العقيد رياض الأسعد بمنصب نائب رئيس الحكومة للشؤون العسكرية.

وزير التعليم العالي في حكومة الإنقاذ الدكتور «جمعة العمر» قال إن حقيقة الحكومة جاءت نتيجة ضرورة مرحلية لقيادة العمل الثوري في إدلب، وأضاف أن «حكومة الإنقاذ اليوم تعني أن المثقفين وأصحاب الاختصاص الذين كانوا طوال سنوات الثورة بصوت ضعيف هم من يقود المرحلة».

وتابع «لقد حاول السيد رئيس الحكومة والمؤتمر التأسيسي منذ بداية الدعوة للمؤتمر جاهداً إقناع الحكومة المؤقتة بضرورة الدخول والعمل مع الشعب والنظر في حاجات المجتمع لكن كل محاولات التقارب فشلت، لكن خارجيًا فنحن لن ندخر جهدًا للعمل مع كل المناصرين للقضية السورية، وننظر لجميع من يعمل في المنصات على أنهم أبناء سوريا وجزء من الحراك الثوري فيها ما داموا من الملتزمين بمبادئ الثورة وما بذل الشعب من أجله الدم والمال».

وعن الاعتراف الدولي بحكومة الإنقاذ، قال الدكتور «جمعة العمر» إن «الاعتراف جزء مهم في القضية وعندما نحظى بثقة الشعب عندها سننال الاعتراف، ولا شك أن حكومة الإنقاذ تتواصل مع الجهات الدولية، فنحن لم نأت لنعطي شرعية لأحد غير الشعب السوري».

إنقاذ الثورة

وقبيل الإعلان عن تشكيلة «حكومة الإنقاذ»، أعلن الدكتور «محمد الشيخ» أن «الحكومة تمثل عودة القرار للشعب السوري، وستكون المرجعية الوحيدة للشعب، وستحاول إنقاذ الثورة بكافة ملفاتها وأهمها المعتقلين والمغيبين، والمهجرين قسرا من مناطقهم، ممن خرجوا باتفاقيات المصالحة التي كانت لطرد السكان الأصليين من بيوتهم».

وقال إن «هدفنا إنقاذ الثورة من المؤامرات التي تحيكها دول العالم عبر الاجتماعات والمؤتمرات في جنيف وأستانة تحت رعاية المحتل الروسي المسبب في بقاء النظام وقتل الشعب السوري». وأضاف: «ينتظر منا الشعب السوري تخفيف معاناته بسبب الوضع الأمني السيئ والقضاء المشتت والخدمات المتردية».

وذهب العميد «عمر الأصفر»، والمعارض للنظام السوري، إلى أنه لا يتم تشكيل حكومة إنقاذ إلا إذا كان لها أرض، وتملك من المقدرات بين يديها ما يمكنها من العمل، في ظل اعتراف دولي، على عكس الأرضية التي بنيت عليها حكومة الإنقاذ المعلنة مؤخرًا، مضيفًا «يبدو انه ستتشكل عدد من الحكومات لتشتيت الثورة وإعادة الفوضى، وكل حكومة تتبع لأجندات دولية معينة».

  كلمات مفتاحية

حكومة إنقاذ الحكومة المؤقتة تحرير الشام إدلب ريف إدلب الثورة السورية