استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هى فلسطين وليست (إسرائيل)

الأحد 5 نوفمبر 2017 09:11 ص

فى الذكرى المئوية لـ«وعد بلفور» لابد من التأكيد على عدة معانٍ وعلى بعض الرسائل المهمة، على رأسها أن هذه الأرض الطيبة الواقعة على حدود مصر الشرقية هي فلسطين وليست (إسرائيل).

هى فلسطين من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، رغم أنف كل صهاينة العالم من اليهود وغير اليهود، ورغم مواقف وسياسات وانحيازات أمريكا وبريطانيا وكل الدول العظمى، ورغم كل القرارات والمواثيق الدولية التى تنص على غير ذلك، بدءا من وعد بلفور حتى صفقة القرن، ورغم نصوص كامب ديفيد وأوسلو ومبادرة السلام العربية التي اعترفت بـ(إسرائيل).

وأخيرا وليس آخرا رغم السلام الدافئ الحالى الآن بين مصر و(إسرائيل)، ففلسطين أرض عربية منذ الفتح العربي الإسلامي وقبله، اختصصنا بها لما يزيد على 14 قرنا وأكثر، وعشنا عليها ولم نغادرها أبدا، ودافعنا عنها جيلا وراء جيل، ونجحنا من قبل في تحريرها من غزو الفرنجة 1096ــ1291.

الادعاءات الصهيونية بالحقوق اليهودية في فلسطين هي ادعاءات كاذبة، وكذلك كل الأساطير الزائفة حول أرض الميعاد والأمة اليهودية والشعب اليهودي وأرض بلا شعب لشعب بلا أرض.

والوجود اليهودي الصهيوني الحالي على أرض فلسطين هو وجود غير مشروع يستند إلى تواطؤ استعماري ودولي على امتداد قرن من الزمان، فوعد «بلفور» وصك الانتداب البريطاني والهجرات اليهودية الكبرى في القرن العشرين وقرار التقسيم وإعلان قيام دولة (إسرائيل) ومعاهدات السلام العربية الإسرائيلية، كلها غير مشروعة وتمت بالإكراه ضد إرادة الشعوب العربية ورغما عنها فى ظل خضوعها لفترات طويلة من الاحتلال الأجنبي أو الاستبداد الداخلي.

ولقد اغتصب الصهاينة فلسطين من خلال ارتكاب أبشع أنواع المذابح وحروب الإبادة، لإخراجنا من أراضينا، وما بني على اغتصاب فهو اغتصاب ولو طال به الزمن، فالأوطان لا تضيع بالتقادم.

لكل ذلك فإن هذا الكيان الصهيوني المسمى بدولة (إسرائيل) هو كيان غير مشروع ودولته دولة غير مشروعة ولن تكون.

* * *

بالإضافة إلى ذلك فإن هذا الكيان قام بهدف فصل مشرقنا عن مغربنا، والحيلولة دون وحدتنا، وليكون عصا استعمارية دائمة لتأديبنا والحيلولة دون نهضتنا، فوجوده يهددنا جميعا وليس فلسطين فقط، وعلى ذلك فإن الاعتراف بـ(إسرائيل) يمثل تنازلا عن أرضنا وتهديدا لوجودنا واستسلاما لعدونا.

إن الاعتراف يعني القبول بشرعية الاغتصاب الصهيوني لفلسطين، والقبول بصحة الأساطير الصهيونية حول الأمة اليهودية والشعب اليهودي وحقه التاريخي في أرض الميعاد.

وهو يعني الاعتراف بأن الحركة الصهيونية حركة تحرر وطني، نجحت عام 1948 في تحرير وطنها المغتصب من الاستعمار العربي الإسلامي، والذي يحتفلون بذكراه كل عام فى عيد يطلقون عليه «عيد الاستقلال»! واذا كان هذا صحيحا ــ وهو ليس كذلك ــ فإن الضفة الغربية وغزة، هي الأخرى، وبذات المنطق، أرض يهودية ما يستوجب تحريرها عاجلا أم آجلا من الاحتلال العربي لها.

وسيكون وبالقياس وجودنا نحن أيضا هنا في مصر وجودا غير مشروع، فنحن نمثل، وفقا للادعاءات الصهيونية، احتلالا عربيا إسلاميا لأراضي الغير.

إن الاعتراف بـ(إسرائيل) فى حقيقته هو عملية انتحار جماعي، بموجبه تقرر الأمة العربية الانتحار وتعترف بأن وجودها على هذه الأرض هو وجود باطل وغير مشروع على امتداد 14 قرنا وأكثر.

كما أنه إذا كانت (إسرائيل) مشروعة ــ وهى ليست كذلك ــ فمن حقها أن تفعل ما تريده للحفاظ على وجودها وعلى أمنها؛ إن الاعتراف بها يجعل من المقاومة إرهابا، ويجعل من الإرهاب الصهيوني، دفاعا مشروعا عن النفس، فاعترافنا بها يعطيها رخصة لقتلنا وإبادة شعوبنا، إن الاعتراف هو جريمة تاريخية وعملية انتحار مجنونة.

كما أن التنازل عن الأوطان ليس من صلاحيات أحد، فالأوطان ملك جماعي مشترك لكل الأجيال الراحلة والحالية والقادمة، ولكل جيل حق الانتفاع بالوطن فقط، ولكن ليس من حقه التنازل أو التفريط أو التصرف فيه.

إن اعتراف الأنظمة العربية بدولة (إسرائيل)، هو اعتراف غير مشروع وانحياز للعدو، كما أنه حق لا يملكونه، وإجماع دول العالم على الاعتراف بـ(إسرائيل)، لا يلزمنا في شيء، أما الأمم المتحدة وما يسمى بالشرعية الدولية فلا يجب أن تكون مرجعية لنا على أي وجه، فكل الشرعيات الدولية والقوى الكبرى على امتداد قرنين من الزمان هي التي سلبت منا حياتنا واحتلت أوطاننا وناصبتنا العداء ولا تزال، إنهم العدو الأصلي.

إن العجز المؤقت عن تحرير أوطاننا، وتأخر النصر بسبب اختلال موازين القوى لا يعطي مبررا للاستسلام، وإنما يفرض علينا الصمود لحين توفير شروط النجاح ولو جاءت من الأجيال القادمة.

كما أن في تاريخنا الحديث انتصارات كبيرة ومعارك تحرر ناجحة على امتداد الوطن العربى، وبعض معاركنا استمرت 130 عاما مثل الجزائر، فهل نستسلم الآن؟

كما أن في تاريخنا القريب انتصارات حقيقية على الكيان الصهيوني وحلفائه، مصر 1973، ولبنان 2000، والانتفاضات الفلسطينية 1987 و2000، ولبنان 2006، وغزة 2014، فلماذا نستسلم ونحن قادرون على النصر؟

* * *

انظروا حولنا لشعوب عظيمة قد تحررت وغيرت مصائرها، شعوبا لا نقل عنها حضارة أو وطنية، انظروا للصين والهند وفيتنام وجنوب أفريقيا وغيرها.

كما أن السلوك العدواني المتكرر للعدو الصهيوني يقوي من قناعاتنا باستحالة القبول بوجوده على أرضنا، فمذابح دير ياسين وكفرقاسم وغزة 55 وعدوان 56 و67 و82 وصابرا وشاتيلا وقانا 1996 وغزة 2009 و2012 و2014 وغيرها، هو تأكيد على صحة مواقفنا المبدئية.

ثم الذين اعترفوا بـ(إسرائيل)، ماذا أخذوا في المقابل؟ لم يأخذوا شيئا، بل فقدوا السيادة على أبسط قراراتهم الوطنية.

إن الذين يتصورون أنهم باعترافهم بـ(إسرائيل)، إنما يأخذون الممكن والواقعي الوحيد في ظل موازين القوى الحالية، إلى أن تتغير الظروف الدولية في المستقبل لصالح القضية، إنما هم واهمون، فهم يتناسون تاريخنا على امتداد قرن كامل؛ فتسويات الحرب العالمية الأولى ما زالت قائمة حتى الآن، لم نستطع المساس بها رغم الإجماع على رفضها.

وها هي مصر بجلالة قدرها وقوتها ومكانتها عاجزة عن انجاز أى تعديل ولو طفيف فى الترتيبات الأمنية المفروضة بموجب اتفاقية كامب ديفيد منذ 1979 والتي تقيد إرادتها إلى أبلغ حد وتمس سيادتها على أرضها.

إن ما ستأخذونه من (إسرائيل) بالتسوية اليوم، سيكون هو نهاية المطاف لعقود طويلة قادمة، هذا إن أعطتكم شيئا، ولن تفعل.

* محمد سيف الدولة كاتب مصري متخصص في الصراع العربي الصهيوني.

  كلمات مفتاحية

الأمة العربية فلسطين مئوية وعد بلفور إسرائيل أنظمة الاعتراف والتطبيع معاهدة كامب ديفيد اتفاقية أوسلو الصهاينة مصر أساطير الصهيونية