قضايا دشنت بها «مكافحة الفساد» عملها بالسعودية.. تعرف عليها

الأحد 5 نوفمبر 2017 09:11 ص

4 قضايا رئيسية، تم الإعلان عنها من قبل وسائل الإعلام السعودية، كانت محطة انطلاق لجنة مكافحة الفساد التي تم الإعلان عنها، السبت، وعلى إثرها تم توقيف مسؤولين حكوميين سابقين ورجال أعمال.

واعتقل وزير الاقتصاد والتخطيط المقال «عادل فقيه» في مزاعم فساد حول قضية «سيول جدة».

كما اعتقل المقاول المعروف «بكر بن لادن»، بمزاعم فساد وتقديم رشوة في مشاريع عديدة من بينها مشروع توسعة الحرم.

وكذلك اعتقل محافظ هيئة الاستثمار السابق «عمرو الدباغ» بمزاعم تتعلق بالتلاعب في أوراق المدن الاقتصادية.

ومن ضمن القضايا التي فتحتها اللجنة العليا لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد «محمد بن سلمان»، هي فساد فيروس «كورونا».

وفيما يلي عرضا للقضايا الأربع الأبرز التي عادت للواجهة مع تدشين لجنة مكافحة الفساد.

سيول جدة

أولى هذه القضايا، هي سيول جدة، التي وقعت في العام 2009، وتعد الأسوأ منذ أكثر من ثلاثين عاما على حد وصف مسؤولين في الدفاع المدني.

وحدثت تلك السيول في يوم الأربعاء 25 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2009، وأدت إلى مصرع 116 شخصا، وأكثر من 350 في عداد المفقودين.

ويعتقد بأن الكثير من الضحايا غرقوا داخل سياراتهم.

كما انجرفت وتضررت أكثر من ثلاثة آلاف سيارة، فيما استمر هطول الأمطار في يوم الخميس 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، لمدة أربع ساعات حتى بلغ معدل كمية مياه الأمطار حوالي 90 مليمترا، وهو ضعف معدل سقوط الأمطار في سنة كاملة والأثقل في السعودية خلال عقد زمني كامل.

واتهم في قضية السيول، 320 شخصا، قبل أن يخضعوا للتحقيق على مدار أعوام، عن طريق لجان شكلت للنظر في القضية، إذ تم إحالتها إلى هيئة الرقابة والتحقيق، قبل أن تتم إحالتها إلى القضاء.

وشملت قائمة المتهمين شخصيات معروفة في المجتمع السعودي، إضافة إلى قياديين في بعض الإدارات الحكومية.

كما ضمت شخصيات فاجأت الأوساط السعودية، لاسيما أن قائمة المتهمين شملت رياضيين، بعضهم رؤساء أندية شهيرة، إضافة إلى فنان غنائي، ولاعب كرة قدم، ومهندسين، ووافدين من جنسيات مختلفة.

ووجهت هيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء العام، إلى المتهمين، تهم عدة، أبرزها: «السماح للمواطنين بالبناء في مجرى السيل، مخالفاً بذلك التعليمات والأوامر الملكية السابقة التي تقضي بمنع البناء والتملك في بطون الأودية، والسماح لمواطنين بالاستفادة من قطعهم السكنية في مخطط أم الخير شرق جدة الواقع في مجرى للسيل، وإزهاق الأرواح البشرية، وإتلاف الممتلكات العامة»، فضلاً عن «ارتكابهم جرائمَ أخرى شملت قضايا الرشوة، والتفريط في المال العام، والإهمال في أداء الواجبات الوظيفية».

وكشفت التحقيقات التي أجرتها جهات الاختصاص أن جريمتي «الرشوة، والتزوير» كانت الأبرز في ملفات القضايا التي أحيلت إلى المحكمة الإدارية في جدة، إذ جرت محاكمة أعداد كبيرة من المتهمين، وصدرت أحكام بالتبرئة، والإدانة لبعض المتهمين، بينهم موظفون حكوميون، وآخرون يعملون في المجال الرياضي، كما نقضت بعض هذه الأحكام.

فساد «كورونا»

أما القضية الثانية، فهي متعلقة بفساد مالي في ملف مكافحة «كورونا»، الذي تعود تفاصيل بداياته منذ أكثر من ثلاث سنوات (2014).

والشبهة الرئيسية تحيط بعقود مكافحة خصص لها مبلغ مليار ريال في ميزانية مكافحة «كورونا»، رغم أنها لا علاقة لها بإجراءات المكافحة أو الوقاية منه، قبل أن يتم إيقاف تنفيذها، فيما بلغ إجمالي المبالغ التي أنفقت على كامل العقود 663 مليون ريال.

وشملت العقود الموقوفة مجالات التطوير والاستشارات والتوظيف، فضلا عن عقود خاصة بالنقل الجوي بتكلفة 30 مليون ريال، إضافة إلى استئجار مختبرات وأجهزة متنقلة لم تتم الاستفادة منها، طبقا للمصادر، وأخرى تتصل باستئجار مجمعات سكنية بملايين الريالات وأجنحة فندقية، وعقد خاص بتكاليف اجتماعات الشركات مع وزارة الصحة.

يشار إلى أنه تم توقيع عقد لخدمات تدريب الممارسين الصحيين لمكافحة العدوى مع إحدى المجموعات الطبية الخاصة بقيمة 8.9 ملايين ريال، فيما تم إيقاف التعامل مع تلك المجموعة لضعف الجودة في مخرجاتها.

ومن ضمن العقود التي أبرمت كذلك توقيع عقد مع مؤسسة إعلامية، بمبلغ 1.7 مليون ريال، مقابل إدارة حساب وزارة الصحة على «تويتر»، وتقديم المحتوى التوعوي والرد على التفاعلات المرتبطة بموضوع «كورونا»، فضلا عن حملة إعلانية لا تتجاوز سبعة أسابيع مقابل مبلغ 10.3 ملايين ريال.

واتضح من خلال مراجعة العقود الموقعة، أن المشاريع المعتمدة انصبت على مؤسسات القطاع الخاص، إذ يفيد أحد العقود (بتكلفة 7.6 ملايين ريال) أن الهدف من توقيعه هو «وضع منهجية لاتخاذ القرارات المناسبة وتحديد مسارات مستقبلية بديلة واستراتيجية».

ومنذ ظهور المرض في المملكة، قبل 5 سنوات، سجلت وزارة الصحة، إصابة 1627 حالة، إضافة إلى رصد 64 حالة دون ظهور أعراض، فيما تماثل للشفاء من العدد الإجمالي 1027 إصابة، وتوفي 702، وما زالت هناك ثماني حالات تحت العلاج.

توسعة الحرم

القضية الثالثة، متعلقة بمجموعة «بن لادن»، التي قضت المحكمة الجزائية في مكة المكرمة، الشهر الماضي، بتبرئتها في قضية سقوط رافعة الحرم، لعدم اكتمال أركان المسؤولية.

وفي سبتمبر/أيلول 2015، سقطت إحدى الرافعات بالحرم مكي إثر عاصفة، مؤدية إلى وفاة 107 وجرح 238 آخرين من جنسيات عدة.

وجاء في منطوق الحكم: «ولما كان الأصل براءة الذمة، وأن الأحكام الجزائية إنما تبنى على الجزم أو اليقين لا على الشك والتخمين، فإن الدائرة تنتهي إلى الحكم بعدم ثبوت المسؤولية التقصيرية في مواجهة مجموعة (بن لادن) ويمثلها (بكر بن لادن)، وعدم مسؤوليتها عن ديات المتوفين وأروش المصابين والأضرار التي نتجت عنها، وذلك لعدم اكتمال أركان المسؤولية في حقها».

بيد أن النيابة اعترضت على الحكم، وطلبت استئنافه، وقد أجيب طلبها.

وسمحت الحكومة السعودية، في مايو/أيار 2016، بإعادة تصنيف مجموعة «بن لادن» وعودتها إلى تنفيذ المشروعات الحكومية، من بينها توسعة الحرم، بعد أن أمر العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، في سبتمبر/ أيلول 2015، بوقف تصنيف المجموعة، ومنعها من دخول مشاريع جديدة بعد حادث سقوط رافعة بالحرم المكي.

وازدهرت «بن لادن» إبان الطفرة الاقتصادية السعودية في السنوات العشر الأخيرة، ووظفت نحو 200 ألف عامل مع تشييدها الكثير من مشاريع البنية التحتية الكبرى في المملكة مثل المطارات والطرق وناطحات السحاب.

ولكن شأنها شأن الكثير من شركات البناء الأخرى في السعودية، تضررت المجموعة كثيرا في السنة الأخيرة جراء تدني أسعار النفط الذي دفع الحكومة إلى خفض إنفاقها في مسعى لتقليص عجز الموازنة الذي قارب 100 مليار دولار في 2016.

ومع مطلع العام الجاري، تلقت مجموعة «بن لادن»، مدفوعات كبيرة من مستحقاتها لدى حكومة السعودية، واجهت بها أزمتها الاقتصادية، وسداد رواتب العاملين بها.

المدن الاقتصادية

قضية أخرى، ذكرت وسائل الإعلام، أنها على رأس أولويات لجنة مكافحة الفساد، وهي التلاعب بأوراق المدن الاقتصادية، وهو المشروع الذي تم الإعلان عنه دون إدراجه مسبقا في أي خطة حكومية، وكان الهدف منه، كما قيل، تنويع مصادر الدخل ودعم الناتج القومي من القطاع الخاص وفتح فرص جديدة لتشغيل الشباب السعودي.

وصاحب الإعلان عن مشروع المدن الاقتصادية هالة إعلامية ضخمة محلية وعالمية كلفت الدولة مئات الملايين من الدولارات، وكلفت مشاريع المدن الاقتصادية المليارات من ميزانية الدولة، وتهافت كبار المستثمرين من الشركات النافذة لتأسيس شركات المدن الاقتصادية، وتحمل حملة الأسهم من صغار المستثمرين القيمة المضخمة المضافة، وروج عن هذه المدن بأنها ستكون النقلة التاريخية للاقتصاد السعودي في القرن الجديد.

كما قيل عنها أنها مستقبل الأجيال المقبلة من الشباب، وأصدر القائمون على الهيئة العامة للاستثمار وعودا وآمالا للشباب السعودي العاطل عن العمل حتى قيل إن هذه المشاريع ستستوعب جميع العمالة السعودية العاطلة.

وعلى الرغم من بدء العمل في أول وأكبر مدينة اقتصادية، غربي المملكة، التي تحمل اسم خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل «عبدالله»، لكن كل ذلك، اتضح أنها مجرد أحلام، بس بالمراقبين.

وخرجت المدن الاقتصادية من أهدافها الأساسية، وهي دعم الاقتصاد السعودي، ودعم الشركات والمؤسسات السعودية ودعم العمالة السعودية والتحول إلى مضاربات عقارية.

وأعلن البعض، عن فشلها وتكليف الهيئة الملكية لإدارتها مثل المدينة الاقتصادية بجازان، أما بعض الشركات المستثمرة فقد انسحبت بذكاء ببيع حصصها التأسيسية محققة أرباحا سريعة ترفع من ربحية شركاتهم في نهاية العام.

ويقول المراقبون، إنه إذا كان هناك تضليل بالمعلومة أو الأرقام أو الإحصائيات أو الدراسات، دفعت إلى اتخاذ القرار لإنشائها آنذاك، فإن هذا يدرج أيضا تحت مسمى فساد التخطيط وتضليل صاحب القرار، ومن ثم إهدار للمال العام.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا سيول جدة السعودية اعتقالات مكافحة الفساد المدن الاقتصادية توسعة الحرم رافعة بن لادن