«إيكونوميست»: «بن سلمان» ينقلب على تقاليد عائلته بحملة اعتقالات الأمراء

الاثنين 6 نوفمبر 2017 10:11 ص

أعلنت المملك العربي السعودية، في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتقال عشرات الأشخاص في عملية واسعة النطاق لمكافحة الفساد. من بينهم الأمير «الوليد بن طلال»، رجل الأعمال والمستثمر والملياردير المشهور عالميا. وشملت حملة الاعتقالات أيضا عشرة أمراء آخرين، وعشرات الوزراء الحاليين والسابقين، ورئيس مجموعة بن لادن السعودية العاملة في مجال المقاولات، ومالك شركة إم بي سي، أكبر شبكة قنوات فضائية في الشرق الأوسط. ويقال إن بعضهم محتجزون في فندق ريتز كارلتون الفخم في الرياض، بعد أن دفعت إدارة الفندق الضيوف إلى المغادرة، وتوقفت عن قبول حجوزات جديدة. وتم منع تحليق الطائرات الخاصة في محاولة لمنع رجال الأعمال الأثرياء من مغادرة المملكة.

وتعد هذه اللحظة فارقة وخطيرة بالمملكة، حتى من دون مؤامرات القصر. وقد أدت الحرب المدمرة، التي استمرت عامين ونصف العام في اليمن، والتي تهدف إلى إسقاط المتمردين الحوثيين الذين أطاحوا بالحكومة عام 2015، إلى إغراق ذلك البلد في أزمة إنسانية. وعلى الرغم من أن الحوثيين قد فقدوا الأراضي، إلا أنهم ما زالوا يسيطرون على صنعاء، العاصمة، ومعظم شمال اليمن. ومع بدء الهزة السعودية ليلة السبت، أطلقوا صاروخا باليستيا على الرياض (تم اعتراضه). كما لم يكلل بالنجاح الحصار المفروض على قطر منذ 5 أشهر، والذي كان يهدف إلى إجبار الإمارة الغنية بالغاز على إسقاط دعمها للجماعات الإسلامية. وفي الوقت نفسه، تكتسب إيران، المنافس الإقليمي للسعودية، نفوذا في جميع أنحاء المنطقة. وفي الواقع، بدأت أخبار السبت باستقالة «سعد الحريري»، رئيس وزراء لبنان الموالي للسعودية. وأعلن «الحريري» قراره من الرياض، وألقى باللائمة على تأثير إيران الخبيث على بلاده.

والآن، سقطت المملكة في حالة من الاضطرابات المحلية. وكانت الاعتقالات، والإطاحة بمراكز ثقل اقتصادية وعسكرية عليا، تحمل توقيع الملك «سلمان»، البالغ من العمر 81 عاما، والذي يبدو أن سلطته تتلاشى. وتقع السلطة الحقيقية الآن في يد ابنه «محمد بن سلمان»، الذي أصبح ولي العهد في يونيو/حزيران، كجزء من مفاجأة أخرى سبقت تلك الهزة. وفي سن الـ32 فقط، يمتلك ولي العهد الآن الكثير من أوراق السلطة في يده، ويحاول التغلب على التحديات من خلال جدول أعمال طموح.

وفي سبتمبر/أيلول، قامت الشرطة باعتقال العشرات من أصحاب الرأي المعارض، من رجال الدين المسلمين إلى نشطاء حقوق الإنسان. ثم أصدر الملك مرسوما مفاجئا بالسماح للمرأة بقيادة السيارات العام المقبل، ما أنهي حظرا استمر على مدى عقود. وبعد بضعة أسابيع، سلب «بن سلمان» عقول المستثمرين في مؤتمر رائع في الرياض، حيث أعلن عن خطط لإنشاء منطقة اقتصادية بقيمة 500 مليار دولار، تدعى نيوم، والتي ستعمل بشكل كبير من خلال الروبوتات. ولديه قائمة طويلة من الإصلاحات الاقتصادية والثقافية الأخرى، من فتح دور السينما إلى طرح جزء من شركة أرامكو العملاقة للنفط، المملوكة للدولة، في الاكتتاب العام.

لم تكن كل هذه الأحداث معا مسبوقة، ومن غير المرجح أن تمر بدون ثمن باهظ. وعلى مدى عقود، حاول الملوك السعوديون التوصل إلى توافق في الآراء داخل العائلة المالكة مترامية الأطراف. وكان التغيير تدريجيا، وتم تقسيم السلطة، وخاصة بين من يسمون بالسديريين السبعة، الأبناء أصحاب النفوذ من أبناء الملك عبد العزيز، مؤسس الدولة. وكان التوازن الدقيق أكثر وضوحا في الفروع الثلاثة لقوات الأمن. وقد عمل الأمير «سلطان» كوزير للدفاع لمدة 48 عاما. وسيطر الأمير «نايف»، وبعده ابنه «محمد»، على وزارة الداخلية لأكثر من أربعة عقود. ومنذ عام 1963، كان الحرس الوطني تحت إمرة الأمير (الملك لاحقا) عبد الله والمقربين منه.

وتخضع جميع السلطات الثلاثة الآن لسيطرة «محمد بن سلمان». وكان الأمير الشاب قد أصبح وزيرا للدفاع بعد ساعات قليلة من صعود والده إلى العرش عام 2015. وفي يونيو/حزيران، أقال الملك وزير الداخلية، وولي العهد السابق «محمد بن نايف»، وحل محله أمير جديد موال لولي العهد في وزارته. ويوم السبت، كانت الخطوة الأخيرة، حيث تم تنحية الأمير «متعب»، الابن الثاني للملك «عبد الله»، من دوره كقائد للحرس الوطني. وحتى وفاة والده عام 2015، كان الأمير «متعب» مرشحا كملك مستقبلي محتمل. والآن، مثل بقية أبناء «عبد الله»، تم تهميشه.

وبشكل ما، تبدو الاعتقالات التي وقعت السبت غير ضرورية. فعلى الرغم من أن السيد «بن طلال» عالي الصوت وصريح، فهو أيضا من أمراء الخارج، وله تأثير ضئيل على السياسة السعودية. وبصرف النظر عن الأمير «متعب»، فإن المسؤولين في القائمة السوداء فيهم الكثير من أصحاب النفوذ الضعيف. ومع ذلك، ترسل اعتقالاتهم رسالة إلى المعارضين الآخرين المحتملين. وقد قدم «بن سلمان» نفسه، أكثر من أي زعيم آخر منذ عقود، كوجه أوحد للسياسة السعودية. وإذا تعثرت خططه الطموحة، فقد ضمن أنه لن يكون هناك أي شخص آخر يمكن أن نلومه.

المصدر | إيكونوميست

  كلمات مفتاحية

محمد بن سلمان اعتقال الأمراء السعودية بن سلمان ولي العهد الوليد بن طلال متعب بن عبدالله