قبل أكثر من أسبوع بقليل، استضاف فندق ريتز كارلتون في الرياض بعض كبار وسطاء السلطة في العالم، حيث عرض «محمد بن سلمان»، ولي العهد السعودي الديناميكي، رؤيته لمستقبل ما بعد النفط، أمام شخصيات مثل السير «ريتشارد برانسون» و«توني بلير».
أما الآن، فقد تم إغلاق أبواب الفندق الفخمة، وحاصرت سيارات الشرطة المجمع مترامي الأطراف، وسط شائعات بأن المبنى يجري تحويله إلى سجن فاخر للمعتقلين من كبار الشخصيات، بمن فيهم الملياردير الأمير «الوليد بن طلال»، وهو واحد من عشرات الشخصيات السعودية التي ألقي القبض عليها في نهاية الأسبوع، من قبل لجنة مكافحة الفساد الجديدة في البلاد.
وفي ليلة من الدراما غير العادية، تم إغلاق المطار الخاص بالعاصمة مساء السبت، لمنع الشخصيات السعودية القوية من الفرار من حملة التطهير الواسعة ضد الفساد، التي قادها الأمير الشاب، وكان المستشارون في حالة صدمة، حيث فوجئوا بأخبار المأزق الذي وقع فيه أرباب عملهم.
وقد أصدر التليفزيون الوطني، الذي يضم قناة يملكها الأمير «الوليد»، مرسوما تاريخيا لم يسبق له مثيل، وصف اليوم بأنه «السبت الأسود على الفساد والفاسدين، الذين خانوا ضمائرهم واستفادوا من مناصبهم».
كما بدأت وسائل الإعلام المحلية الإبلاغ عن أنباء الاعتقالات، وتحديد المعتقلين فقط بالأحرف الأولى، وتبادل المواطنون السعوديون الرسائل في مجموعات الواتساب بقائمة أسماء كاملة للمعتقلين مع الكثير من الدهشة.
ولم يتم تأكيد أسماء المعتقلين رسميا، ولم تنجح محاولات صحيفة «فاينانشيال تايمز» للوصول إلى الأمير «الوليد».
وناشد ولي العهد الشاب السعوديين، الذين سئموا أعواما من التقشف والفوارق وعدم المساواة في الثروة، لدعمه ضد الفساد والفاسدين.
وكان الأمير «محمد»، البالغ من العمر 32 عاما، يمدد قبضة حديدية عبر المملكة، المشغولة بحربها ضد المتمردين المتحالفين مع إيران، فضلا عن خطط التنويع الجذري للاقتصاد المعتمد على النفط.
وقال «كريستيان كوتس أولريخسن»، زميل شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس: «إن حجم الاعتقالات يعني تجاوز المزاعم المتعلقة بالفساد، فهي مصممة لتعزيز سلاسة الانتقال النهائي للخلافة حينما يحين ذلك».
وأضاف: «كما يتلاءم الواقع مع زعيم من المقرر أن يبقى في السلطة لعقود، حيث يعيد محمد بن سلمان تشكيل المملكة لتتلاءم مع صورته الخاصة، وقد تخلى بشكل كبير عن الموافقات التوافقية بين المصالح المتنافسة التي ميزت الحكم السعودي في الماضي».
