استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التعايش المستحيل بين السعودية وايران.. في لبنان

الأربعاء 8 نوفمبر 2017 06:11 ص

سعد الحريري، أين أنت؟

لا جواب بعد. التخمين بلغ حد اللامعقول. حدود اللا تصديق. الأقوال تشي بأنه لغز وفكه مؤجل. كم يوما؟ لا أحد يدري. قد يحضر اليوم او غداً أو… ولكنه لن يكون سعد الحريري الذي نعرفه. هو، ما قبل “الاستقالة ـ الإقالة”، يختلف عما بعدها. فننظر ظهوره بعد التكهنات. في أي حال، ما قبل “البيان السعودي” من مكان ما في المملكة الغاضبة، ليس كما قبله.

لبنان كله يسأل: اين لبنان غداً؟

لا جواب بعد. الطريق الدستوري لن يُفضي إلى حل. والأسباب كثيرة. لبنان بعد “الاستقالة ـ الإقالة” لن يشبه لبنان ما قبله ابداً. شيء جديد حضر إلى لبنان، لا يستطيع أن يتحمله. كانت التسويات صعبة، أما بعد ذلك، فالتسويات شبه مستحيلة، أقله، في المدى المنظور.

التعايش المنهك حصل قبل سنة. أنتج التعايش انتخاباً لرئيس للجمهورية، وتأليف حكومة لابأس بها، قياساً على لبنان. تمكنت صيغة التفاهمات تأمين التعايش، السني الشيعي المسيحي، على مضض. وهذا أفضل من التنابذ.

غدأ، من يجرؤ على التوقع؟

إنما، وبرغم الغموض، فإن التعايش الإيراني ـ السعودي مستحيل. السعودية تريد من لبنان تنفيذ أمر "امير ملكي". على لبنان أن يختار بين أن يكون سعوديا او أن يكون ايرانيا. وفي تاريخ لبنان، منذ تكوينه، لم يستطع أن يتوحد ازاء أي انقسام إقليمي أو دولي.

تراثه الأصيل أفضى إلى أن يزدوج، وأن يتثنى.

استحال التوحد اللبناني، بين فرنسا ودمشق، قبل الاستقلال، وبين عبد الناصر وايزنهاور، وبين “دمشق العروبة”، والحلف الاسلامي، بين تبني البندقية الفلسطينية وبين طعنها في الصدر والظهر..

الاستعانة بالخارج قانون الطوائف اللبنانية، ولا تحيد عنه ابداً.

استعان المسيحيون بفرنسا وأميركا وسوريا ثم إسرائيل. دفع لبنان الثمن باهظاً في البشر والحجر. هذا تقليد لبناني.

السنّة كانوا أقرب إلى الحضن العربي، الفلسطيني، الاسلامي. نفيان لا يصنعان وطناً. يستدعيان تسوية وتعايشاً. تلك هي جلجلة لبنان.

هذه المرة، وبصيغة الأمر وإلا، على لبنان أن يكون، إما سعوديا وإما إيرانيا. كل ما تبقى هوامش ونوافل. الكهرباء، النفايات، أزمة السير، انتظارات النفط والغاز في البحر، الموازنة، السلطة، الانتخابات.. كلها في محطة انتظار الخيار المستحيل.

تاريخ لبنان لم يشهد ابداً توحداً. لم يستطع أي فريق أن يأخذ لبنان كله إلى محور.

في هذه المرة، ليس بمستطاع السّنة أن تأخذ كل لبنان إلى السعودية، وليس في قدرة الشيعة أن تأخذ لبنان كله إلى إيران. والمشكلة أن السعودية تريد كل لبنان، هذه المرة، لا نصفه. والتعايش الايراني السعودي مستحيل.

ما تصر عليه السعودية. بلسان السبهان، لا يستطيعه لبنان. فكيف تتألف حكومة، من دون “حزب الله”، بل، وكيف تتألف حكومة من دون السنّة؟ السنّة اليوم كتلة واحدة، شعبياً وسياسياً. الا إذا عاد الحريري مهزوماً من السعودية.

إيران لا تفرض أن يكون لبنان إيرانياً، هي مكتفية من نصيبها الشيعي. لكنه نصيب مربح في لبنان وسوريا والعراق واليمن و… ولا تطلب الا التعايش اللبناني مع بندقية "حزب الله". التأكيد على الايرانية من جهة والسعودية من جهة ثانية لا تلغي أن لـ”حزب الله” شخصيته المميزة، ولا تعني أن السنّة فاقدين للهوية والاختيار.

لكن الزمن الاقليمي لم يعد يحتمل انصاف الولاءات. اما أن تكن معي، والا فأنت ضدي.

السعودية عندما تهدد، واللغة لا تعوزها، فإنها قادرة على عقد قران مبرم بين ما تهدد به وما لا تتردد بتنفيذه. بالطبع، لن تخوض "عاصفة حزم" أخرى، لكنها قادرة على سيل من العقوبات، تلتقي مع مسلسل العقوبات الاميركية. وعندها، فـ..على أعدائي وأصدقائي يا رب. ممارسة الحصار الخليجي لا يسقط لبنان، ولكنه يشعره بالزلزال ويتوقع ارتداداته.

قد تذهب السعودية إلى أبعد من ذلك. أبشع ما نتوقعه، أن يصبح لبنان منقسماً بين خطوط تماس امنية. تحريك الشارع ليس لعبة. تعنيف الخطاب السياسي والمذهبي ليس تسلية. محاربة الجمهورية في المحافل العربية، ليس نزهة.

هي قادرة على ذلك وأكثر. فالمملكة التي اندفعت بالأموال والعتاد والمواقف في سوريا، وقبلها في العراق وبعدها في اليمن، تؤكد أنها قادرة على أن تكون "دولة اقليمية كبرى" تنافس الجمهورية الاسلامية الإيرانية في كل الجهات المشتعلة.

جبهة إضافية لا تسبب لها استنزافاً.

هي ذاهبة في حربها ضد إيران، حتى آخر نقطة نفط. وبرغم المكاسب الايرانية في سوريا، فهي لا تزال موجودة إلى جانب الحليف الاميركي في أكثر من منطقة. وهي مصممة على أن يكون الأمر لها، ولا ينافسها فيه أحد في الخليج وفي كل مكان تتواجد فيه "الأذرع الإيرانية".

برغم كل ذلك، وبعد كل الاصرار، فإن "حزب الله" لن يرف له جفن. هو مطمئن إلى قوته، وان كان يرغب بتحاشي أي منزلق أمني في لبنان. لكن إلى متى؟

لن يتنازل “حزب الله” عن مكاسبه الاقليمية. هو قوة عسكرية ذات شأن، ولن يتراجع عن بقائه كـ(مقاومة) لبنانية، إلى أن تحين ساعة التحرير الفلسطينية.

لبنان في عنق الزجاجة، أما يقطع عنقه، أو تكسر الزجاجة، وفي الحالتين، يكون لبنان مرشحاً للإقامة في النفق، إلى أن ترسو المنطقة على "سلام الخاسرين".

سعد الحريري، أين أنت؟

لم يعد هو السؤال الجوهري، برغد فداحته. انما:

لبنان أين أنت والى أين؟

من يجرؤ على الجواب؟

* نصري الصايغ كاتب صحفي لبناني.

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران لبنان استقالة الحريري الحريري العلاقات السعودية اللبنانية