«هآرتس»: استقالة «الحريري».. هل تدفع السعودية (إسرائيل) إلى حرب مع «حزب الله» وإيران؟

الأربعاء 8 نوفمبر 2017 12:11 م

ما الذي يربط بين الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء اللبناني «سعد الحريري» والتهديد بضرب «حزب الله» من السعودية و(إسرائيل)؟ إن الأمر مرتبط بإيران؛ ولكن يجب ألا تنزلق (إسرائيل) بسبب قلة صبر الرياض إلى مواجهة سابقة لأوانها.

وكان «سعد الحريري» الذي استقال السبت من موقعه رئيسا للوزراء في لبنان، يواجه دائما حالة من عدم النجاح في محاولة للاضطلاع بهذا الدور، غير أن رحيله يبشر بآخر تصعيد للتوترات بين السعودية وإيران في المنطقة، مع ما يترتب على ذلك من آثار كبيرة على (إسرائيل).

لا يعد «الحريري» قائدا سياسيا ناجحا رغم نواياه الصادقة، وكان موقعه كزعيم للكتلة السنية اللبنانية قد دفعه إليه اغتيال والده رئيس الوزراء «رفيق الحريري» عام 2005.

خلال فترة ولايته الأولى كرئيس للوزراء، من 2009 إلى 2011، اختار «سعد»، العمل في الظل. عندما زرت مجمعه في بيروت، لم أتفاجأ فقط بالثراء الفاضح والترتيبات الأمنية الخانقة، ولكن بالذوق الشديد لما يتعلق بذكرى والده. في الصالون حيث يستقبل الضيوف، جلس «سعد» في الكرسي الثاني على الجانب اللبناني، حيث تم حجز الكرسي الأول لصورة لوالده مع شريط أسود.

رئيس وزراء للضرورة

ولكن كانت هناك قوة أخرى تدفعه إلى هذا الدور وهم رعاته السعوديون. فقد دعمت السعودية منذ فترة طويلة السنة في النظام السياسي متعدد الطوائف في لبنان وأثناء الحرب الأهلية. ولكنهم قدموا أيضا دعما ماليا وماليا لإمبراطورية «الحريري» التجارية. لم يستطع «الحريري» التحرك يمينا أو يسارا دون دعم سعودي، ولا يمكنه أن يرفض أوامرها بالعودة إلى لبنان كرئيس للوزراء.

خلال فترة «الحريري» الأولى، لم ينته صداعه: كان بإمكان وزراء «حزب الله» في مجلس الوزراء إسقاط حكومته في أي وقت؛ كما أن معرفة أن «حزب الله»، المدعوم من «الأسد»، متورط في قتل والده كان بمثابة نوع خاص من التعذيب.

وقد انعكست هذه الأمور جميعها على محاولة إيران المستمرة للاحتفاظ بنفوذها في لبنان واستعادة الأرض التي فقدتها عندما أدت انتفاضة 14 مارس/آذار بعد اغتيال «الحريري» إلى انسحاب القوات السورية بعد 30 عاما.

وبدعم مستمر من السعودية والولايات المتحدة، صمد «سعد الحريري» أمام هذه الضغوط لبعض الوقت، لكن الدعم السعودي تراجع في عام 2010، عندما سعى الملك «عبدالله» آنذاك، إلى التقارب مع «الأسد»، وعندما رفض «الحريري» اللعب، سحب «حزب الله» وزرائه من حكومته، وأدى إلى إزالته بطريقة مهينة.

ومع هذا التاريخ، تعد عودة «الحريري» إلى رئاسة الوزراء في أواخر العام الماضي، بعد تجربة من الجمود الذي طال أمده في الحكومة، مفاجأة حقيقية. ولم يتم ذلك إلا عندما صعد «ميشال عون» الحليف المسيحي لـ«حزب الله» للرئاسة.

لماذا يعود «الحريري» في ظل ظروف أكثر صرامة من تلك التي سادت خلال ولايته الأولى؟ مرة أخرى، لأن السعوديين قدموا له عرضا لا يمكن أن يرفضه.

ولكن هذه كانت سلالة جديدة من الحكام السعوديين. لم يكن الملك «عبدالله» يحب إيران، التي وصفها بأنها رأس الثعبان المنتشر في جميع أنحاء الشرق الأوسط. لكنه اختار مواقعه لمواجهة خصومه، بخلاف الملك «سلمان بن عبدالعزيز» ونجله اللذان يبدوان مصممان على خوض المعركة مع إيران من اليمن إلى سوريا إلى لبنان. ومع وجود رجلهم، «الحريري»، فإن ذلك أعطاهم لاعبا في الميدان.

واجه «الحريري» مهمة مستحيلة حقا. وقد زادت هيمنة «حزب الله» على السياسة اللبنانية. وعلى الرغم من استمرار الدعم الأمريكي للقوات المسلحة اللبنانية، الذي يزعم أنه متعدد الطوائف، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن نفوذ «حزب الله» مخيق ومهيمن.

 جعل انتهاء الحرب الأهلية السورية الأمر أسوأ من ذلك. وفي الوقت الذي اشتعل فيه القتال، كان «حزب الله» يدعم نظام «الأسد»، الذي سهل نقل الأسلحة الإيرانية إلى أيدي «حزب الله». وفي حين تم ضمان مستقبل «الأسد»، تحت رعاية روسيا وإيران، وبعد أن عاد مقاتلو «حزب الله» بعد انتهاء الحرب إلى ديارهم إلى لبنان، تمكنت قيادتهم من إعادة التركيز على المعارك اللبنانية الداخلية.

الدفع إلى الحرب

لقد عرف «الحريري» منذ فترة طويلة أن موقعه كرئيس للوزراء، كان مستعارا. وفي نزوة من «حزب الله»، في أي لحظة، يمكن أن يلاقي مصير والده، ومن الإنصاف القول إن محاولة الاغتيال التي ألمح إليها في إعلان استقالته تمثل تهديدا بالقتل كان يواجهه دائما. ولم تكن المسألة سوى مسألة متى سيختار «حزب الله» تفعيل هذا الأمر.

السؤال الأكبر هو ما إذا كانت استقالته علامة على سحب السعوديين دعمهم له مرة أخرى. في البداية، يبدو أن ذلك لا يبدو متسقا مع الملك «سلمان» والرغبة العامة لـ«محمد بن سلمان» في مواجهة وكلاء إيران على كل جبهة.

ولكن من المعقول أن السعوديين يحاولون خلق السياق لوسائل منافسة مختلفة مع إيران في لبنان: وعلى رأسها حرب إسرائيلية ضد «حزب الله».

وبما أن «الأسد» قد نجا من التحدي الذي شكله المتمردون المدعومون من السعودية، فإن القيادة السعودية قد تأمل في نقل مواجهاتها مع إيران من سوريا إلى لبنان. من خلال سحب «الحريري» من منصبه، قد يأمل السعوديون في التأكد من أن «حزب الله» سوف يعلق في مستنقع اللوم والمسؤولية عن تحديات لبنان، من رعاية اللاجئين السوريين إلى تطهير تنظيم «القاعدة» و«الدولة الإسلامية».

يعتقد السعوديون أنهم يقودون «حزب الله» إلى السعي إلى مواجهة متسارعة مع (إسرائيل) كوسيلة لتوحيد الدعم اللبناني لهيمنتهم. وكما هو واضح في سياق مختلف فإن اعتقالات هذا الأسبوع للأمراء السعوديين في حملة الفساد المفترضة تشير أن «محمد بن سلمان» لديه القليل من الصبر لتأسيس النظام المطلوب.

وكان القادة الإسرائيليون يستعدون للحرب المقبلة مع «حزب الله» منذ عام 2006. ويمكن أن نقول أن (إسرائيل) والسعودية متمسكان تماما بهذا الصراع الإقليمي، ولا يمكن للسعوديين إلا أن يعجبوا بتصعيد (إسرائيل) المتزايد لضرب التهديدات الإيرانية في سوريا.

وسيتعين على (إسرائيل) أن تتخذ قرارها عندما يكون الوقت مناسبا لهذه المعركة. وعندما تصل لحظة الحقيقة، يجب على حلفاء (إسرائيل)، مع الولايات المتحدة، أن يقدموا الدعم الكامل. إن عمل عدواني إيراني أو من «حزب الله» قد يكون الشرارة، لكن القادة الإسرائيليين لابد أن يهتموا بأن لا يجدوا أنفسهم أمام مواجهة سابقة لأوانها من خلال مناورات حلفائهم الذين يجلسون في الرياض.

المصدر | دانييل شابيرو - هآرتس

  كلمات مفتاحية

استقالة الحريري السعودية حزب الله (إسرائيل) إيران