«قولوا لقطر» آخرها.. السعودية والإمارات إذ تحاربان بالأغاني!

الأربعاء 8 نوفمبر 2017 08:11 ص

منذ بدأت «الأزمة الخليجية» في 5 من يونيو/حزيران الماضي عمدت دول الحصار من السعودية مرورا بالإمارات والبحرين ومصر إلى استخدام جميع الوسائل المتاحة لها من أجل إلحاق الضرر بقطر، وكان للسعودية والإمارات اليد الطولى وقصب السبق في استخدام الطرق السياسية والاقتصادية والدبلوماسية وغيرها للتحريض ومحاولة إلحاق الضرر بقطر، إلا أن الأمر لم يقتصر في الرياض وأبوظبي على ما مضى فحسب بل تجاوزه إلى آفاق جديدة.

من المعروف عالميا أنه في وقت الحرب يتم استدعاء الفن لشحن والوجدان والمشاعر ضد الأعداء؛ بخاصة مع طول أمد المعارك والعداء بين الدول المختلفة، ومن تمام الخلافات الدولية تباين واتساع الهوة بين الدول المتحاربة .. وهو ما عرفه الوطن العربي بصورة جلية في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والذي يستمر منذ عقود.

 وأسفر الصراع العربي ـ الإسرائيلي عن أغان ترددت في الوجدان العربي وما تزال وتتناقلها الأجيال، بخاصة مع وجاهة قيمتها الفنية غالبا من حسن انتقاء للكلمات وجودة للألحان، وتغطيتها مراحل الصراع ومنها: «صار عندي اليوم بندقية» للمطربة الراحلة «أم كلثوم» من كلمات الشاعر الراحل «نزار قباني»، «عدى النهار» للراحل «عبدالحليم حافظ» من كلمات الشاعر الراحل «عبدالرحمن الأبنودي»، و«سمينا وعدينا» لـشهرزاد»، «أنا على ربابة بأغني» لـ«وردة»، و«الأرض بتتكلم عربي» لـ«سيد مكاوي» من كلمات الشاعر الراحل «فؤاد حداد» وكانت درة تاج هذه الأغاني وماتزال في رأي كثير من النقاد الفنيين «بسم الله .. الله أكبر»، بالإضافة إلى أن الأغاني كانت ضمن منظومة فنية متكاملة فنية وأدبية من أفلام ولوحات ومجسمات وصور وقصص وروايات ودواوين شعرية.

ولكن الجديد عربيا هو أن السعودية والإمارات صارتا تلهبان الشعور لدى المواطنين في الدولتين لا ضد العدو الإسرائيلي الذي مايزال يحتل الأراضي الفلسطينية بل يتوسع في الاستيطان كل آن، ولا حتى لتحفيز شعبيهما على العمل وزيادة الإنتاج، إن كان هذا من أولويات الدولتين، بل صار الفن المدعى ضد قطر، إذ إن أغنيتين للدولتين لا تحملان من معنى الفن الحقيقي والغناء إلا الاسم، فلا كلمات تعلق بالأذهان أو الوجدان أو حتى الأذان .. وما تمثل الأغنيتان إلا محاولة رسمية فاشلة لشحن عواطف السعوديين والإماراتيين ضد دولة عربية شقيقة .. لها نفس العادات والتقاليد ومن قبل الدين ثم اللغة والثقافة، حتى أن أغلب المغنين الذي حاولوا الغناء ضد قطر تغنوا بمدحها من قبل.

الإمارات و«قولوا لقطر»

 «برجال زايد، دك (حطم) كل حصونهم، لاعاد تبقي، منهم ولا تذر!».

الكلمات الماضية أطلقتها وسائل إعلامية إماراتية، مؤخرا، في أغنية «قولوا لقطر» في ذكرى مرور قرابة 5 أشهر على الأزمة الخليجية، بأداء عدد من المغنين الخلجييين هم: «حسين الجسمي»، «ميحد حمد»، «عيضة المنهالي»، «فايز السعيد»، «حمد العامري»، «أحمد الهرمي»، «فؤاد عبدالواحد»، و«علي بن محمد»، وهي من كلمات «علي الخوار»، وألحان «فايز السعيد».

وأثارت الأغنية بما حملته كلماتها من تهجم واضح على دولة خليجية ردود فعل اتسمت بالدهشة، بخاصة والأغنية تهدد وتتوعد بالحرب، مما أثار بعض المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن دهشتهم مما جاء فيما بخاصة اعتبار الدوحة العدو الأول للرياض وأبوظبي، فأطلق نشطاء على الشبكة العنكبوتية وسما أسموه «#قولوا_ل_قطر».

وبدأت الأغنية التي بلغت مدتها نحو 6 دقائق بمقطع جاء فيه:

«قولوا لقطر لا توصل لحد الخطر، لابد من نقطة على آخر السطر، أو نقلب الصفحة ونبدأ من جديد، أما العذر ما عاد للخاين عذر!».

أما مقطع الأغنية التالي فقد استفز مشاعر الكثيرين بخاصة وهو يساوي بين تركيا وإيران على اتساع الهوة بين دولة سنية وأخرى أغلبها من الشيعة؛ بالإضافة إلى المعاني الاستفزازية الفجة إذ يقول المقطع الذي أداه الإماراتي «ميحد محمد»:

«ما عاد فيها حمد ولا حمد، ولا يداويها تميم المنتظر، ما دامه التركي غدا حامي البطن والفارسي الخائن غدا يحمي الضهر!».

السعودية و«علم قطر»

وفي 5 من سبتمبر/أيلول الماضي أطلق مغنون سعوديون أغنية سياسية مشتركة ضد قطر، بعد نحو 3 أشهر من الحصار، في خطوة لاقت سخرية وانتقادات واسعة وقتها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، فيما رأتها الدوحة «افتراء وسوقية».

وبثت آنذاك شركة «روتانا» المملوكة للأمير السعودي الذي اعتقلته السلطات مؤخرا ضمن آخرين منهم أمراء ومسؤولين بتهمة محاربة الفساد «الوليد بن طلال»، أغنية حملت اسم «علم قطر» وتبلغ مدتها خمس دقائق على حسابها في «يوتيوب».

وشارك في أداء الأغنية مجموعة من كبار الفنانين السعوديين وعمالقة الموسيقى فيها، وهم: «محمد عبده»، و«عبد المجيد عبدالله»، و«راشد الماجد»، و«رابح صقر»، و«أصيل أبوبكر»، إلى جانب الفنانين العراقيين «وليد الشامي» و«ماجد المهندس».

وكانت الأغنية من تأليف المستشار في الديوان الملكي السعودي «تركي آل الشيخ»، والذي تم تعيينه رئيسا لهيئة الرياضة بالسعودية.

وتقول كلمات الأغنية في التسجيل المصور الذي عرض صورا للعاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» ونجله ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»: «علم قطر واللي وقف ورا قطر أن البلد هذه (السعودية) طويل بالها، بس المسايل (المسائل) لين (إن) وصلت للخطر، لا والله أن تشوف فعل رجالها».

وردت الدوحة على الأغنية عبر مدير المكتب الإعلامي في وزارة الخارجية «أحمد بن سعيد الرميحي» الذي كتب في تغريدة على حسابه بـ«تويتر»: «إننا نسمو بأخلاقنا عن الصغائر، ونترك لهم الافتراءات والسرقات والسوقية بالكلام وإعلامهم المبتذل»، مضيفا: «علميهم يا قطر».

كما قوبلت الأغنية بردود فعل ساخرة عبر «تويتر»، حيث قال «عبدالله الغافري»: «إحنا مشغولين بفخرنا على مشروع ميناء حمد، وهم هذا وضعهم مع أغنية علم قطر».

وفي السياق قال مغرد ثان: «قطر تدشن أكبر ميناء في الشرق الأوسط، والسعودية تدشن أغنية علم قطر».

يشار إلى أن الأغنية صدرت بالتزامن مع إعلان قطر افتتاح ميناء «حمد» أحد أكبر الموانئ التجارية في منطقة الشرق الأوسط.

قلق دولي

ومن جانبها أعربت «الفيدرالية الدولية للحقوق والتنمية (إفرد)»، الثلاثاء، عن بالغ قلقها لتوظيف الفن من قبل كل من السعودية والإمارات في تغذية البيئة العدائية ضد الشعوب على خلفية الأزمة الخليجية مع قطر.

وقالت «الفيدرالية الدولية» التي تتخذ من روما مقرا لها في بيان صحفي، إنها تنظر بخطورة بالغة لإصدار أعمال غنائية مناهضة لقطر في إساءة للفن ورسالته وتجييرا (دسا) بمستوى هابط للفنانين للزج بهم في الشؤون السياسية.

وأضافت «الفيدرالية الدولية» أن صدور أغنية إماراتية (قولوا لقطر) ومن قبلها سعودية (علم قطر) مناهضتين لقطر منذ بدء أزمة الخليج مطلع يونيو/حزيران الماضي يمثل استكمالا في سياسة دول الحصار للتحريض ضد الدوحة وخلق بيئة عدائية ضدها.

ونبهت الفيدرالية الدولية للحقوق والتنمية إلى تضمن الأغنيتين تحريضا لافتا على قطر ونظامها الحاكم بما في ذلك استخدام أوصاف من قبيل «خائن العهد» بهدف واضح يعتمد إثارة أجواء الكراهية والضغينة.

وأعربت الفيدرالية الدولية عن استغرابها ورفضها لتوظيف الفن في خدمة أجندة سياسية معينة لا سيما عند الحديث عن تغذية البيئة العدائية ضد الشعوب، مشددة على دور وقيمة الفن في توحيد الشعوب وتجميعهم لا تفريقهم ودفعهم للتنازع.

تطور محتمل وسوء إدراك

ويبقى أن إثارة روح الفرقة والخلاف وتعميق روحيهما داخل الشعبين السعودي والإماراتي ضد الشعب القطري على رغم أواصر القربى الاجتماعية والعلاقات الممتدة بين الأفراد والعائلات لا يصب في صالح أنظمة تراعي التكامل بين دولها والدول المجاورة، بخاصة مع التعايش المشترك بين الشعوب إذ يمتد في الحال السعودي/الإماراتي/البحريني من ناحية والقطري من ناحية أخرى إلى مئات السنوات .. فضلا عن أن الأمر لا يبشر بحكمة أولئك الذين لا يدركون حقيقة الإخوة المشتركة وأواصر الدين والرحم والقربى قبل الثقافة.

أما السؤال المرير هنا فهو: هل إذا طالت الأزمة الخليجية أكثر سنشهد إنتاجا سينمائيا وروايات وقصصا ومجسمات تشكيلية وداووين شعرية أيضا بعد الأغاني المدعاة؟ .. وماذا بإمكانها أن تقول حينها هذه الأشكال الفنية المحتملة؟!

 

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

قطر السعودية الإمارات أزمة خليجية قولوا لقطر علم قطر وسم عداوة أغاني عدو استنكار