4 زوجات لرؤساء سابقين يروين وقائع اليوم الأصعب بحياتهن

الخميس 9 نوفمبر 2017 04:11 ص

عندما تكون السير الذاتية للرؤساء العرب مكتوبة بأقلام زوجاتهم، لا يعود ممكناً البحث عن الحقيقة في ثناياها، ويصير المأمول من هذه الكتب فحسب الاطلاع على انطباعات الزوجات الخاصة عن اليوم الأصعب في حكم أزواجهنّ.

وهذا ما تكشفه سير 4 زوجات رؤساء، اثنان منهم فارقا الحياة، وهما لا يزالان في منصبهما، واثنان سقطا بفعل ثورتين شعبيتين، بحسب موقع «رصيف 22».

ومن أبرز أقوال زوجات الرؤساء السابقين: «زوجي ضحية السلام»، تقول «جيهان السادات»، فيما تتذكر «فرح بهلوي» صرخات الإيرانيين قائلة: «كنا نسمع في القصر هتافاتهم المفعمة بالكراهية».

أما «ليلى طرابلسي» فأكدت أن زوجها «زين العابدين بن علي» اعترض على إطلاق النار على المتظاهرين التونسيين، وأخيرًا فإن «تحية كاظم»، زوجة الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» شددت على أنها كانت تعد الأكل في المطبخ عندما عاد زوجها عن قراره بالتنحي.

«طرابلسي» واحتفالات التونسيين

اختارت «ليلى الطرابلسي»، زوجة الرئيس التونسي الأسبق، أن تبدأ سرد مذكراتها بعنوان «هذه حقيقتي» بالفصل الأخير من سيرتها في الحكم، أو آخر يوم في حكم زوجها «زين العابدين بن علي»، واللحظات الأخيرة لهما في تونس قبل أن تطوي الثورة التونسية صفحة حكمهما إلى الأبد.

وتقول «طرابلسي»: «يوم 13 يناير/كانون الثاني، قرر بن علي أن يتوجه بخطاب إلى الشعب على أمل أن يعيد الهدوء، سأكتشف ذلك اليوم -وافق الخميس- مساء ككل المشاهدين تصريحات الرئيس التي تدعو إلى المصالحة والتعقل والالتزام من الرئيس بعدم الترشح في انتخابات سنة 2014، وأن يكرس التعددية الحزبية، ويحترم حكم صندوق الاقتراع وحرية التعبير».

وتضيف «طرابلسي»: «أعجبني خطاب الرئيس مثل العديد من المواطنين الذين خرجوا في مختلف الولايات معبرين عن فرحتهم به، ادعى البعض أن الزغاريد ومظاهر الفرح ما هي إلا مسرحية من تنظيم التجمع؛ وهذا غير صحيح فهؤلاء هم مواطنون من عامة الشعب خرجوا بتلقائية وعفوية، التجمع كان عاجزاً عن تنظيم أي شيء في تلك الليلة».

وتصف «طرابلسي» الثورة بالانقلاب المدبر في مذكراتها، وتعفي زوجها من مسؤولية الدم الذي سقط في سبيل المطالبة بالحرية، وتقول: «يكفي أن نستمع إلى آخر مكالمة للرئيس مع وزير الداخلية (رفيق الحاج قاسم) قبل رحيله، (بن علي) قال بالحرف: شرطتك تطلق النار بسهولة، لقد سمعت بسقوط قتلى وهذا غير مقبول! فرد الوزير: أعوان الشرطة كانوا في حالة دفاع شرعي عن النفس، سيدي الرئيس ضع نفسك مكانهم، هاجموا مراكزهم وسرقوا أسلحتهم، وأرادوا قتلهم، هم مجبرون على الدفاع عن أنفسهم».

وكشفت «طرابلسي» أن وجهتهما إلى السعودية كانت محددة مسبقاً، وقالت في مذكراتها: «لم نستطع تصديق السيناريو الذي رسم لنا بعناية، فخلال عدة أيام كنّا نعتقد بأن الأمر يتعلق بتضليل من جهة ما، أو بفترة سيئة ستمر، وأننا سنعود من جديد إلى بلدنا».

يوم عزل الشاه

تصف «فرح ديبا»، في كتابها «مذكرات فرح بهلوي»، يوم ترك زوجها الشاه «محمد رضا بهلوي» وأسرته إيران فتقول: «عندما أتذكر ذلك الصباح من يناير/كانون الثاني 1979 يعاودني نفس إحساس الحزن المؤلم بكل حدته؛ كانت طهران تعاني هجوماً ضارياً منذ شهور، اليوم السادس عشر من الشهر ونحن على وشك مغادرة بلدنا، من الناحية السياسية كنا مسافرين لقضاء بضعة أسابيع للاستجمام وهو الانطباع الذى أراد الملك أن يتركه، لم أستطع تصديق أن هذا الرجل الذي خدم شعبه طيلة سبعة وثلاثين عاماً ربما لا يسترد ثقته قريباً».

تقول «ديبا» بأن زوجها لم يتمالك نفسه وسقطت دموعه في القصر حين توسل إليه البعض للبقاء وتضيف: «رغم إعلان الأحكام العرفية، ينجح المتظاهرون كل ليلة في تحدي الجنود، ويتسلقون أسطح المنازل حتى صرنا نسمع ونحن في القصر، هتافاتهم المفعمة بالكراهية: الله أكبر والموت للشاه، قاد زوجي الطائرة طوال الوقت الذي حلقنا فيه فوق إيران وبمجرد أن تجاوز مجالها الجوي، تخلى عن جهاز القيادة وانضم إلينا في المقصورة، أصبحت حينها مدركة تماماً للهاوية التي يدفعنا إليها التاريخ».

لم تعترف «فرح ديبا» بأي خطأ ارتكبه زوجها بل عددت «إصلاحاته السياسية والاقتصادية والثقافية وأضافت: خلال نصف قرن تم إنجاز الكثير ومهندسا هذا الانتعاش الهائل هما رضا شاه، وزوجي، لم تكن البلاد من قبل في مثل هذا الموقف المطمئن الذي كانت عليه، عام 1974 ارتفع إنتاجنا من البترول الخام من 73 مليون طن في 1963 إلى 302 مليون طن، لتصبح إيران رابع أهم الدول المنتجة للبترول».

ولم تخل مذكرات «فرح ديبا» من تقديم الشكر لمصر التي استضافتها هي وزوجها وتقول عن لحظة علمها بمقتل الرئيس الأسبق «السادات»: «جزء مني مات في نفس الوقت، جزء منا أيها السادات العظيم، أود أن أخبرك كم كنت رائعاً، أباً لأطفالي وصديقاً لي، كنت قوياً مثل الجبل، وهادئاً مثل صفحة الماء، كانت عيناك مليئتين بحب الناس وتفهمهم، يا لها من خسارة لمصر والعالم ولنا، لقد لحقت بصديقك ونحن الآن أيتام للمرة الثانية»، بحسب قولها.

«تحية كاظم» وتنحي «عبدالناصر»

كتبت الراحلة «تحية كاظم» في مذكراتها «ذكريات معه» بلغة بسيطة لزوجة تقدر زوجها، وعن يوم قرار زوجها الرئيس المصري الأسبق «جمال عبدالناصر» التنحي عن الحكم بعد هزيمة 67، كتبت: «في يوم 9 يونيو/حزيران ألقى الرئيس خطاباً، وكنت جالسة في الصالة كعادتي وقت إلقائه خطاباته أمام التليفزيون ومعي أولادنا، وسمعته وهو يعلن تنحيه عن الحكم، ورأيت الحزن على وجهه وهو يتكلم، ولم أكن أعرف أو عندي فكرة أبداً عن التنحي، لم تمض دقائق حتى علا صوت الجماهير حول البيت... وحضر الرئيس وصعد للدور الثاني ودخل حجرته وخلع بذلته ولبس البيجاما ورقد على السرير، سد الشارع وتعذر الدخول إلى البيت».

وتضيف «تحية كاظم»: «كنت أدخل للرئيس في الحجرة وأخبره عمّن يطلب مقابلته، وقد سمح لعدد قليل بالدخول إلى حجرته، ثلاثة أو أربعة وأراهم يخرجون من عنده وهم ينتحبون، ثم قام وارتدى البدلة ونزل إلى الدور الأول ومكث معهم لوقت قصير، وصعد إلى حجرته مرة أخرى وخلع البدلة وارتدى البيجاما ورقد في السرير وأخذ مهدئاً وقال: سأنام».

تتذكّر «كاظم» أنها نامت حتى الصباح وقامت «وأصوات الجماهير والهتافات لم تنقطع وتعلو بشكل لا أقدر أن أصفه.. خرجت من الحجرة وظل جمال عبدالناصر راقداً على السرير».

في العادة كانا يتبادلان تحية الصباح ثم تتركه ليقرأ التقارير ويجري الاتصالات «حتى يطلب الإفطار ويطلبني لأجلس معه».

كانت «تحية كاظم» تعد أكلاً خاصاً للرئيس فدخلت ابنتها «منى» وقالت لها: «أنور السادات يعلن في التليفزيون أن بابا رجع رئيساً».

ولكن في ليلة التنحي، تروي «تحية كاظم»: «لم أدخل الحجرة في هذا الصباح إذ كان يدخل عليه زوار فرادى، يمكثون وقتاً قصيراً ويخرجون، وهو في حجرته لم يغادرها، ووقت الظهر وجدت الحديقة من الخلف ترص فيها الكراسي صفوفاً، ووجدت الإذاعة والتليفزيون تجهزان في الحديقة، ورأيت مذيعاً من الإذاعة وفريقاً من الأخبار في التليفزيون، ونظمت الكراسي ووضعت منضدة أمام الصفوف، سألت: ما هذا؟ فقيل لي إن مجلس الأمة سيجتمع هنا، وكان ترتيب الكراسي والصفوف بشكل أدهشني، وكأنها صالة مجلس الأمة في الهواء الطلق، فقلت في نفسي: لقد رأيت كثيراً من المواقف والمفاجآت الغريبة في حياتي، وهاهي تختتم بمجلس أمة في البيت».

«جيهان السادات»: زوجي ضحية السلام

تقول «جيهان السادات»: «لقد قتل التهاون زوجي، لقد قتل الإهمال زوجي، إن حب (أنور) شخصياً للقوات المسلحة واعتقاده بأن المتطرفين المسلمين لن يتغلغلوا فيها ساعدا على قتل زوجي، وقفنا جميعاً لنراقب، هذا غير معقول، كانت تلك كلمات (أنور) الأخيرة إلى (حسني مبارك)، حين جرى بعض أفراد جيشه نحوه وهم يحملون الرشاشات التي تمطر الموت، وفي الحال نظرت إلى أنور وكان واقفاً مشيراً إلى حراسه وكأنه يقول: اذهبوا وأوقفوا هذا، وكان هذا آخر ما رأيت من زوجي».

هذا مما قالته «جيهان السادات» في الفصل الأول «موت زوجي» من مذكراتها بعنوان «سيدة من مصر» التي قدمت فيها صورة لتاريخ مصر منذ قيام ثورة 1952، حتى اغتيال الرئيس المصري الأسبق «أنور السادات» عام 1981، مروراً بزيارة «السادات» للقدس واتفاقية السلام مع (إسرائيل) عام 1979.

تصف «جيهان السادات» في مذكراتها تفاصيل حياة زوجها قبل الذهاب إلى المنصة لحضور عرض عسكري بمناسبة «انتصار أكتوبر»، في 6 أكتوبر/تشرين الأول عام 1981، وتقول: «كان (أنور) في ذلك الصباح شديد العناية بأناقته، وقد أعدّ للعرض سترة جديدة تليق بالأهمية الكبرى لهذا اليوم الجديد، وقد كان ذلك نابعاً من اعتزازه الشديد بالجندية وزهوه بزي ضباط الجيش».

كان «السادات» يشعر بأن موته بات قريباً، تقول «جيهان»: «دفن أنور في قبر على شكل هرم صغير، عبر ساحة العرض في مدينة نصر، حيث أطلق عليه الرصاص، كان هذا قراري وليس قراره».

وتقول «جيهان السادات» إنها وزوجها كانا يتحدثان عن المكان الذي سيدفن فيه، «خاصة في الأشهر الأخيرة حيث شعر أن موته بات قريباً»، وتنقل عنه أنه كان يريد أن يُدفن في ميت أبوالكوم، أو عند سفح جبل سيناء عند دير سانت كاترين، حيث سيبني جامعاً ومعبداً يهودياً، باعتبار أن دفنه هناك «سيقول للناس إن جميع الأديان واحدة وأن الله واحد لنا جميعاً».

وتتابع «جيهان السادات»: «كان الدفن هناك رمزاً خاصاً لأنور فقد كرس نفسه لاستعادة هذه الأرض التى استولت عليها (إسرائيل) في عهد عبدالناصر ومن سخريات القدر أن نجاح زوجي في هذه المهمة بالطرق السلمية كان هو ما حكم عليه بالموت».

تروي «جيهان السادات» أسباب مقتل زوجها، من وجهة نظرها وتقول: «أدى الصراع الديني إلى زيادة معارضة الأقلية لقيادة أنور وبسبب السلام الذي حققه مع (إسرائيل) اتهم بالخيانة من جانب الجماعات المتطرفة وبعض قادة الدول العربية، ومن أجل حلمه بأن يقيم التوافق بين معتنقي المسيحية واليهودية والإسلام، وصف أنور بالكفر، وبسبب سياسة الانفتاح الاقتصادي تجاه الاستثمارات الأجنبية قيل إنه ألعوبة في يد الغرب».

وتشير «جيهان السادات» إلى أنها اعتقدت في البداية، كما أشيع، أن زوجها فقط أصيب في يديه، لكنها بعد ذهابها إلى المستشفى علمت بوفاته وإصابته بثلاث طلقات قاتلة.

وتصف «جيهان السادات» الجنازة الخالية من حضور أي زعيم عربي فتقول: «سار موكب الجنازة الحزين وسار من خلفه المشيعون وقد صدمت وحزنت من عدم وجود أي زعيم عربي إلا الرئيس جعفر النميري رئيس السودان ورئيس الصومال سياد بري اللذين جاءا ليقدما احترامها إلى أخ سقط».

وتعلق «جيهان السادات»: «الإسلام يقول إن أية خلافات في هذه الحياة يصفيها الموت، إن واجب القادة العرب بصفتهم مسلمين كان تكريم وفاة واحد منهم، ولكنهم لم يفعلوا ذلك وسألت واحداً من الزعماء العرب فيما بعد لماذا؟ فأجاب: لأن (رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم) بيغن حضر الجنازة ولن أسير في جنازة يسير فيها رئيس وزراء (إسرائيل)، وكنت أعرف أن هذا كان مجرد عذر، إن غيابهم أصابني بجرح عظيم».

المصدر | الخليج الجديد+رصيف 22

  كلمات مفتاحية

سير ذاتية رؤساء سابقين زوجات تونس بن علي ليلى طرابلسي إيران الشاه فرح دببا مصر جمال عبدالناصر تحية كاظم السادات جيهان