تسريبات لـ«العتيبة» تكشف تجنيد الإمارات باحثين لتشويه «الإسلام السياسي»

الجمعة 10 نوفمبر 2017 03:11 ص

كشف موقع «ميدل إيست مونيتور» عن أن الإمارات تجند باحثين في أمريكا بغرض تشويه صورة الإسلام السياسي في الغرب، وفقا لرسائل مسربة من بريد سفير الإمارات لدى واشنطن، «يوسف العتيبة».

ولفت الموقع البريطاني إلى أن «الإمارات لم تقف عند حد مجاهرتها بامتعاضها من الإسلام السياسي في العالم العربي، وتنديدها المتكرر بجماعة الإخوان المسلمين، وكذا شنها حصاراً على قطر، وحظرها أحزاباً سياسية، بل ذهبت أبعد من ذلك في محاولاتها تغيير الخطاب حول الإسلام السياسي في الولايات المتحدة وخارجها».

وتشير سلسلة من المراسلات الإلكترونية، تعود لمايو/أيار الماضي، بين «العتيبة» وشركائه في الولايات المتحدة إلى أن الإمارات تعمل على نشر ما تعتبره «إسلاما معتدلا»، وتقوم في الآن ذاته بربط مراكز القرار في أمريكا مع أشخاص عبروا عن الرغبة في حظر جماعة «الإخوان المسلمين».

ونقل الموقع إن «العتيبة» أدلى بكلمة خلال مؤتمر حول مبادرة الحكومة الأمريكية لمواجهة التطرف العنيف، وهي الاستراتيجية التي تتم بلورتها تحت مسميات مختلفة في الدول الغربية، ومحط جدل كبير داخل المجتمعات الإسلامية.

وأشار الموقع إلى مراسلات إلكترونية أخرى يعود تاريخها إلى 23 مايو/أيار الماضي بين السفير الإماراتي و«مختار عواد»، الباحث المشارك في «برنامج حول التطرف» في جامعة جورج واشنطن، وهي جامعة تعد تقارير استشارية لفائدة الحكومة الأمريكية.

وتفيد المراسلات بأن «العتيبة» عبر عن رغبته في تنظيم حفل إفطار تحضره وجوه من ديانات مختلفة خلال شهر رمضان، وطلب من «عواد» مده بأسماء باحثين في الشؤون الإسلامية لدعوتهم، شرط أن يكون هؤلاء «لديهم سجل نقي، ومحصنين».

من جهته، اقترح «عواد» أسماء أشخاص عرف عنهم تبني أجندة الحكومة الأمريكية في مواجهة «التطرف»، بمن فيهم إمام «خالد لطيف»، إمام «وليد مسعد»، وإمام «طلال عيد». كما اقترح أيضا شخصا من السودان يدعى إمام «محمد مجيد»، موضحا أن الأخير ابتعد عن «الإخوان المسلمين».

وحسب «ميدل إيست مونيتور» فإن «مجيد» معروف عنه اشتغاله مع مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» في مواضيع تهم الطائفة المسلمة، واشتغل كمستشار لدى الرئيس الأمريكي السابق، «باراك أوباما».

كما ورد في المراسلات الإلكترونية المسربة اسم شخص آخر يدعى «ناصر ودادي»، الناشط بالعمل الجمعوي ببوسطن، ورغم أن الأخير لم يتلقّ أي تدريب في المجال الديني، إلا أنه يدعي امتلاك شهرة من خلال مواجهة ما يدعي أنها «شبكة قوية للإسلاميين» ببوسطن.

ويعرف «ودادي» نفسه بكونه «خبير في الإصلاح الإسلامي»، وأقر بأنه مرتبط بوكالات إنفاذ القانون، بما في ذلك «إف بي آي»، وبأنه قدم المشورة بخصوص «أنشطة راديكالية».

استراتيجية قديمة

وذكر «ميدل إيست مونيتور» أن الإمارات تبنت منذ وقت طويل استراتيجية تقوم على توفير الدعم لباحثيها المقيمين، في ما يخص استراتيجية الدولة حول مكافحة «التطرف»، وتقوم بين الفينة والأخرى باستدعاء رجال دين إسلاميين من أجل التنديد بكل الأنشطة الراديكالية ودعم الملكيات العربية.

وأضاف الموقع أن الرسائل الإلكترونية المسربة تفيد بأن الإمارات تأمل في أن تصدر مثل هذه الرسائل لجمهور عريض في الغرب.

في سياق متصل، لفت موقع «ميدل إيست مونيتور» إلى أن «العتيبة» مطلوب أيضا للإدلاء برأيه بخصوص الحرب الموسعة في الولايات المتحدة في مواجهة «التطرف العنيف».

ففي بريد إلكتروني يعود ليونيو/حزيران 2016، تلقى «العتيبة» دعوة من «روبرت دانين»، الذي يشتغل لفائدة «مجلس العلاقات الخارجية» من أجل الإدلاء بكلمة حول الموضوع أمام لجنة كان يترأسها بالمناصفة وزير الخارجية البريطاني السابق، «توني بلير».

وأوضح الموقع أن اللجنة، التي أسسها «بلير» والوزير الأمريكي السابق في الدفاع «ليون بانيتا»، بدايات العام 2016، تهدف إلى رسم السياسات في ما يخص برنامج الحكومة الأمريكية لمواجهة «التطرف العنيف».

وأضاف أن هذا البرنامج يُعرف داخل بريطانيا باسم «الحد من التطرف العنيف»، وأن مثل هذه المبادرات لقيت انتقادات في الغرب لاستهدافها حرية التعبير في صفوف المسلمين، بخصوص بعض المواضيع المحددة، وكذا لوسمها بعض الممارسات الإسلامية الشائعة بـ«المتطرفة».

كما لفت الموقع إلى أن «العتيبة» أكد حضوره المؤتمر، وأنه سيتحدث حول: «استخدام القوة العسكرية لمواجهة التطرف، والعلاقة بين الإسلام والتطرف العنيف، وكيفية تطوير علاقات طويلة مع البلدان ذات الأغلبية المسلمة للتعاطي مع هذه المواضيع بفعالية».

وأوضح أن مشاركة «العتيبة» في مثل هذه المؤتمرات تكشف عن أن الإمارات تتحين استغلال أي فرصة متاحة للتشديد على ضرورة فرض رقابة على مناقشة بعض المواضيع داخل المجتمعات الإسلامية، مثلما فعلت داخل أراضيها، وكذا لتعزيز خطابها بكون الإسلام السياسي يقود إلى التطرف العنيف.

ومن ضمن ما حملته الرسائل الجديدة المسربة قيام «العتيبة» بتسويق رؤية الإمارات حول «الإخوان المسلمين» في داخل الولايات المتحدة، وذلك من خلال مراسلة أجراها في فبراير/شباط الماضي مع المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط «جيسون غرينبلات».

 ودعا «العتيبة» في رسالته «غرينبلات» إلى حضور حدث بعنوان «تحديد الإخوان المسلمين؟ نقاش مع سير جون جينكنز».

و«جينكنز» هو سفير بريطاني سابق قام بإجراء تقييم حول «الإخوان المسلمين» عام 2014 لفائدة الحكومة البريطانية.

وخلصت لجنته إلى نتائج مثيرة للجدل، وأعطت صورة متحيزة عن الجماعة، لتتدخل لجنة برلمانية بريطانية وتكشف عن غياب الحياد في عمل اللجنة التي ترأسها «جينكنز».

من جهة أخرى، لفت «ميدل إيست مونيتور» إلى أن «غرينبلات» يتمتع بنفوذ كبير في ما يخص النقاشات التي تدور حول العالم العربي، لا سيما تلك المرتبطة بموضوع «التطرف».

 وتابع أن محاولات التقرب من مسؤولين بارزين داخل الإدارة الأمريكية تكشف عن أن الإمارات مصممة على نشر فهمها الخاص حول «التطرف»، والكيفية التي ينبغي أن يحاكى فهمها ذلك من قبل الحكومات الغربية والمجتمع المدني.

المصدر | ميدل إيست مونيتور

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإماراتية الأمريكية يوسف العتيبة الإسلام السياسي مكافحة التطرف الإخوان المسلمون الإمارات أمريكا