استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الأردن..إعادة هيكلة!

الأحد 12 نوفمبر 2017 07:11 ص

يتحدث دبلوماسيون أجانب في الأردن عن مفارقة الحجم والتعقيد، بقدر ما إنّ الأردن يبدو دولة صغيرة الحجم، هادئة نسبيًا مقارنة بما يجري في المنطقة حولها، والناس يجنحون إلى البساطة، بقدر ما إنّ هذا الانطباع هو خادع، ويخفي خلفه تعقيدات ومفارقات هائلة، تجعل من فهم ما يجري وتحليله مسألة في غاية الصعوبة!

تذكّرت هذه "الحكمة" التي أسمعها من بعض الدبلوماسيين وأنا أقرأ الأخبار الرئيسة في الصفحة الأولى من "الغد"، فهي تلخّص إلى درجة كبيرة بعض هذه المفارقات والتعقيدات. فتقرير (أعدّته سماح بيبرس، وعلّقت عليه جمانة غنيمات) يتحدث عن أنّ 75 بالمئة من الأردنيين (أي ثلاثة أرباعنا) ينفقون أكثر مما يستهلكون، بينما نسبة الاستجابة للأزمة السورية بلغت فقط 20 بالمئة، خلال الشهور العشرة من العام الحالي (أي الدعم الذي نتلقاه لإيواء اللاجئين)، أي أنّ هنالك فجوة دعم تصل إلى 80 بالمئة (رغم وعود العالم)، ما يعني بالتالي أنّ اقتصادًا ضعيفًا محدود الموارد يعاني عبء لجوء مرعب، وعائلات لا تملك ترف الادخّار، بل تنفق أكثر مما تستهلك!

على الطرف الآخر، يصرّح وزير العمل بأنّ هنالك أكثر من 800 ألف عامل وافد في سوق العمل الأردني من دون تصاريح عمل، ذلك يعني:

- أولًا هدرًا ماليًا كبيرًا في الموازنة لأنّ التصاريح هذه من المفترض أن توفّر عشرات الملايين للخزينة،

- ثانيًا اختلالات بنيوية في سوق العمل، مع ارتفاع معدل البطالة إلى أكثر من 18 بالمئة، وبالنسبة للشباب تصل إلى معدل 40 بالمئة، وهكذا!

هذه عيّنة من أخبار على الصفحة الرئيسة فقط أمس، ولم نتحدث عن الفجوة الطبقية الهائلة، وعن خبر مخابز عجلون التي تبيع الخبز بالدين (بينما تفكّر الحكومة بتغيير سياسات دعم الخبز؛ ما سينعكس بالضرورة على أسعار الخبز)، ولا عن التهرب الضريبي من قبل شريحة اجتماعية واسعة (أغلبهم أطباء ومهندسون ورجال أعمال ومحامون) بما يصل إلى أقل من مليار دينار سنويًا، وفق تقديرات شبه رسمية!

ما أودّ قوله هو أنّ هذه المفارقات والاختلالات والفجوات جميعًا تؤكّد أنّ هنالك تفكيرًا عميقًا غائبًا، لكنه مطلوب من قبل الحكومة، بما يتجاوز فقط كيفية تدبير 500 مليون دينار للموازنة العام القادم، وكيفية تمرير ذلك على الرأي العام، بل في الصورة الكليّة، في إصلاح البيت الداخلي عبر جراحات عميقة وجوهرية، لأنّنا بالفعل على مفترق طرق، وفي سياق مغاير تمامًا للعقود الماضية، وتحديات مختلفة بالكلية.

في مثل هذه اللحظة التاريخية، وهذا المنعرج التاريخي الخطير تبدو الطريقة التقليدية في التفكير والتخطيط هي طريقة مفلسة خشبية عاجزة، ولا أدلّ من ذلك في الفشل الذريع الذي تواجهه الحكومات في إدارة الأزمات، والانحدار الهائل في مصداقيتها، وهنالك – بالمناسبة– فرق شديد وبون شاسع بين مفهومي المصداقية والشعبوية، فالحكومات في الأردن تعاني جفافًا في المصداقية والثقة، وليس فقط في تدني الشعبية!

هذا التفكير من المفترض أن يطرح أسئلة جوهرية عن هوية الاقتصاد الوطني؟ وعما نريده في المستقبل؟ وعن كيفية مواجهة الاختلالات الكبيرة، ومن الضروري أن يكون جوهر هذا التفكير إصلاح الاختلالات الهيكلية في سوق العمل وفي مواجهة التهرب الضريبي.

لكن كي يحدث ذلك لا بد بداية من إعادة هيكلة العقلية الرسمية، كي تكون قادرة على فهم ما يجري، وتحليله، وإيجاد حلول من كتاب آخر غير ذلك الذي ملّه المواطنون ولا يحل أي مشكلات حقيقية!

* د. محمد ابورمان كاتب وباحث بـ«مركز الدراسات الاستراتيجية» بالجامعة الأردنية.

المصدر | الغد الأردنية

  كلمات مفتاحية

الأردن الاقتصاد الأردني اختلالات هيكلية البطالة في الأردن العمالة الأجنبية دعم الخبز المصداقية والشعبوية التهرب الضريبي العقلية الرسمية