تركيا والتطورات الأخيرة في السعودية

الأحد 12 نوفمبر 2017 04:11 ص

لم يكن الرد التركي على التطورات المتسارعة التي تجري في السعودية واضحا ولكنه مع ذلك حمل بعض مؤشرات القلق فقد قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية، «إبراهيم قالن»، في تعليقه على التطورات الأخيرة بالسعودية إن بلاده تأمل في أن تساهم هذه الخطوة في تحقيق الاستقرار والسلام والازدهار للمملكة، مؤكدا أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها القيادة السعودية، هي مسألة تتعلق بالشؤون الداخلية لهذا البلد.

وأضاف «قالن» أن قرارات العاهل السعودي حملت في جعبتها مجموعة من التغييرات، وبطبيعة الحال وصلتنا أنباء حول توقيف بعض الوزراء السابقين والأمراء، وأن هذه التوقيفات جرت في إطار مكافحة الفساد، وما إلى ذلك، ربما في الأيام المقبلة سوف تكشف المزيد من التفاصيل التي تجعل الصورة أكثر وضوحا.

وفي ذات السياق اختار الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» بعد هذه التطورات أن يعلق بشكل ضمني على تصريحات ولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان، والتي قال فيها إنه يسعى لإعادة الإسلام المعتدل إلى المملكة.

وقال «أردوغان» إن «الإسلام واحد، ولا يوجد شيء اسمه إسلام معتدل أو غير معتدل».

وتابع أن «من يتحدث عن الإسلام المعتدل اليوم، كان لا يزال يمنع النساء من قيادة السيارات مؤكدا أن منع النساء من قيادة السيارات ليس ممنوعا في الإسلام».

وتابع العديد من الخبراء والسياسيين والمحللين الأتراك التطورات في السعودية وفيما يلي استعراض لعدد من الآراء التي تم تناولها من قبل المحللين الأتراك.

واعتبر «محي الدين أتامان» في حديثه لبرنامج تليفزيوني على قناة تي أر تي أن هناك عدة أمور غريبة تجري في السعودية وعلى سبيل المثال أن «محمد بن سلمان» يعتبر من الأمراء الذين لم يتلقوا تعليما في الغرب ومع ذلك فهو صاحب أقوى علاقة مع الغرب حتى أنه تفوق على «محمد بن نايف».

وفيما يتعلق بالاعتقالات، ذكر «أتامان» أن بعض من اعتقلوا ليس فقط ممن يعارضون سياسة بن سلمان فهناك من تم اعتقاله أثناء عودته من المشاركة في وفد رسمي ينفذ سياسة بن سلمان.

وفي تعقيبه على حديث «بن سلمان» عن عودة السعودية إلى الإسلام المعتدل، قال أتامان إن السعودية لم يكن فيها اعتدال منذ تحالف السعوديين والوهابيين.

وقال وزير الخارجية التركي الأسبق والذي عمل دبلوماسيا في السعودية أيضا في تعليقه على حملة الاعتقالات لعدد من الأمراء ورجال الأعمال في السعودية لصحيفة يني عقد إن الأمير محمد بن سلمان الذي يستعد لتبوء منصب الملك يعتبر من الآن فاشلا وإن هناك شكوك كبيرة في نجاح الثورة التي يريد عملها في البلد.

وحول العلاقة بين تركيا والسعودية قال «يشار ياكيش» إن تركيا لن تتأثر بالصراعات الداخلية في السعودية ولكن فقط يمكن لتركيا أن تتأثر إذا ما حدثت مواجهة محتملة بين السعودية وإيران والتي يرى ياكيش أن التطورات في المنطقة تشير إلى أن احتمالات وقوعها أكبر من أي وقت مضى.

وفي سياق تأثر تركيا، قال الباحثان التركيان «طلحة كوسا» و«عبدالله اربوغا» إن تركيا ستكون في موقف حرج وربما تتكلف الكثير في حال وقعت مواجهة بين السعودية وإيران علما أن تركيا تتعاون بشكل جيد حاليا مع إيران في مواجهة حزب العمال الكردستاني كما أنها طورت علاقاتها الثنائية مع السعودية وهي منخرطة في أمن منطقة الخليج ولهذا يرى الباحثان أن تركيا يمكن أن تلعب دورا مهما في تهدئة الأمور بين البلدين.

وعلى عكس تصريحات الرئيس «أردوغان» المنتقدة لمصطلح الإسلام المعتدل الذي ذكره محمد بن سلمان قال الباحثان إن الاعتدال في السعودية والحديث عن الإسلام المعتدل يعتبر مقدمة لعلاقات جيدة بين تركيا والسعودية وأن السعودية قد تحتاج مساعدة تركيا في هذا الإطار.

أما الكاتب التركي «إسماعيل يشا» فقد اعتبر أن ما يقلق أنقرة وتتوجس منه، هو الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة التي تشهدها المملكة، وانعكاساته المحتملة على العلاقات الثنائية بين تركيا والسعودية.

وأضاف «يشا» أن أنقرة ترى أن ما يجري في الشرق الأوسط هو عبارة عن إعادة هيكلة للمنطقة، وليست أحداثا عشوائية، كما أشار إليه أردوغان في كلمته التي ألقاها الثلاثاء أمام نواب حزبه في البرلمان.

واستحضر الكاتب ما قاله الرئيس «أردوغان» أن الأحداث التي يشهدها العالم والمنطقة تشير إلى أن هناك عملية إعادة هيكلة جذرية؛ من شأنها أن تشكل معالم القرن المقبل، موضحا أن بلاده تمر بمرحلة هي الأكثر حساسية منذ حرب الاستقلال التي خاضتها ضد قوات الغزاة التي احتلت مساحات من الأناضول عقب الحرب العالمية الأولى.

أما المحلل السياسي «مهمت اجيت» فقد اعتبر أن ما يجري تحضيره والحديث عن الإسلام المعتدل في السعودية هو ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد ويهدف لتحضير بديل عن تجربة حزب العدالة والتنمية التركي.

واهتمت الصحافة التركية باعتقال الأمير والملياردير السعودي الأمير «الوليد بن طلال» الذي عرف باستثماراته ورحلاته إلى تركيا واعتبر بعض المحللين الأتراك أن اعتقال بعض المستثمرين قد ينعكس سلبا على تركيا بسبب وجود استثمارات خاصة سعودية كبيرة في تركيا.

وقال الصحفي «مراد يتكن» في صحيفة حرييت إن تركيا ستتأثر من التطورات الأخيرة في المملكة وخاصة من تراجع الرياض عن دعم الوهابية وقال يتكن إن التأثير لن يكون مباشرا بل سيكون على مناطق مهمة لتركيا مثل البلقان والقوقاز.

وعلى مستوى المعارضة التركية، قال رئيس حزب الشعب الجمهوري «كمال كليجدار أوغلو» أن على تركيا أن تساهم في منع حدوث أي صراعات جديدة في المنطقة وعليها ألا تكون طرفا في أي صراع ويجب إعادة الثقة مع دول المنطقة بالرغم من تدهورها في المرحلة السابقة.

 ودعا «كليجدار أوغلو» إلى تقليد الرئيس الراحل «تورغوت أوزال» الذي اعتمد سياسة الحياد الفعال أثناء الحرب العراقية الإيرانية منذ عام 1980.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية تركيا اعتقالات السعودية العلاقات السعودية التركية