«عزمي بشارة» يخشى ضياع قضية فلسطين وسط صراعات المنطقة

الاثنين 13 نوفمبر 2017 04:11 ص

رأى المفكر الفلسطيني «عزمي بشارة»، أن إقحام المنطقة العربية في معسكرات، يبعدها عن قضاياها المحورية المرتبطة أساسا بقضية فلسطين.

حصار قطر

وأوضح خلال حوار له ببرنامج «تقدير موقف» على شاشة «التليفزيون العربي»، أن «سلوك الدول المحاصرة لقطر لا يدل على تقليل في التصعيد»، لافتاً إلى أن الخطاب السياسي غير مسبوق في حدته ومفرداته.

وتابع: «هناك إعلان واضح عن استراتيجية حصار، اتضح أنه حصار اقتصادي طويل المدى ومحاولات للتضييق على قطر في المحافل الدولية، واستغلال ملفات دولية حساسة، كالاتهامات والافتراءات فيما يتعلق بملف الإرهاب».

ورأى «بشارة» أن نتائج هذا الحصار جاءت عكسية، مؤكدا أن «ما حصل هو العكس، تحسّن في وضع قطر»، معتبراً أن إحدى نتائج الأزمة هي «بلورة هوية وطنية قطرية في خضم الصراع مع السعودية، كأنه استقلال جديد لقطر».

وأضاف: «أستطيع أن ألخص ما يجري بكلمتين؛ هي حرب قذرة، تستخدم فيها كل الوسائل، وهناك مؤامرات حقيقية لسلب قدرة قطر على استضافة كأس العالم، والضغط على الدول من أجل عدم استيراد الغاز، وحصل ذلك مع بنغلاديش ولم ينجح»، مستشهدا بإفشال حملة المرشح القطري لـ«اليونسكو»، «حمد الكواري»، الذي قال إن «له مواقف عروبية عامة، ولم تكن له مواقف مسبقة متطرفة تجاه هذا الطرف أو ذاك».

وحول الترويج للتصعيد ضد قطر تحت شعار «مكافحة الإرهاب»، قال «بشارة»: «لا أحد يصدق أن الموضوع موضوع إرهاب، من حارب الإرهاب في تاريخ السعودية أكثر من محمد بن نايف؟ والآن هو معتقل».

وقطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، في 5 يونيو/حزيران الماضي، وفرضت عليها إجراءات عقابية بدعوى «دعمها للإرهاب»، وهو ما نفته الدوحة، وقالت إنها تواجه حملة «افتراءات وأكاذيب».

ومازالت الأزمة تراوح مكانها رغم دعوات إقليمية ودولية لأطرافها إلى التفاوض والحوار.

المستجدات داخل الساحة السعودية

وحول المستجدات الجارية داخل الساحة السعودية، وصف «بشارة» ما يجري بـ«التحول الكبير»، مردفا أن ملامح هذا التحول كانت واضحة منذ أن عين «محمد بن سلمان» وليا للعهد.

ووصف ما يجري في السعودية بأنه «عملية تحول كبير إلى ملكية مطلقة».

واعتبر أن ثمة مشكلة بنيوية تتجلى الآن في نظام توريث الحكم، بعد الانتقال من جيل أبناء الأب المؤسس، «عبدالعزيز بن سعود»، إلى جيل الأحفاد.

وأردف: «الآن وصلنا إلى جيل مثل جيل عبدالعزيز الذي وصل إلى الحكم سابقا، الآن لم يعد هؤلاء أولياء لآل سعود بل لآل سلمان».

وبالنسبة للتغيرات الاقتصادية، قال «بشارة»: «هناك تحديث في الاقتصاد السعودي، والهدف الأول هو الاستفراد في الحكم.. هناك ملك واحد، وليست هناك مشاركات ولا إقطاعيات سياسية كما كان في السابق، حين كان يتم استرضاء الأمراء الطامحين إلى الحكم بمنحهم مناصب وإقطاعيات ليقوموا بنهبها.. هذه كانت بنية المملكة».

وشكك كذلك في الذريعة التي تساق للتغيّرات الجديدة المتسارعة الجارية داخل المملكة الآن؛ وهي «مكافحة الفساد».

وقال: «فلاديمير بوتين جاء إلى السلطة لمحاربة الفساد، وبشار الأسد جاء إلى السلطة لمحاربة الفساد، فجاء بفاسديه بدل الفاسدين القدامى؛ جمال مبارك كان يدّعي أنه سيصل إلى الحكم لمكافحة الفساد، وكذلك سيف الإسلام القذافي.. الشرعية التي يحتاجها شاب حين يصل إلى الحكم إما شرعية ديمقراطية، أو أنها تتمثل بشعار مكافحة الفساد».

واعتقلت السلطات السعودية، السبت قبل الماضي، أكثر من 200 فرد، منهم 11 أميرا والعشرات من الوزراء والمسؤولين السابقين ورجال الأعمال، بتهم فساد.

وقال النائب العام السعودي، إن التحقيقات أظهرت تبديد ما لا يقل عن 100 مليار دولار في عمليات فساد واختلاس، مضيفا أنه تم الإفراج عن 7 من أصل 208 متهمين بالفساد.

صاروخ الحوثيين وإيران

 ورجح «بشارة» أن «الحوثيين لا سلطة كاملة لإيران عليهم.. هم ليسوا كحزب الله، ولكن يُدفعون أكثر فأكثر إلى حضن إيران.. إيران لا تريد التورط في حرب مع دول خليجية، تريد أن تبقى السعودية متورطة في اليمن ومستنزفة في اليمن، لأنها اعتقدت أنها قد تحسم الموضوع بسلاح الطيران، لكن ما حصل هو أنها تحولت إلى ارتكاب جرائم حقيقية، ودمرت اليمن، وتورطت وشوّهت صورتها العالمية، في ما عدا صورتها بسبب سياستها الداخلية، وأيضًا لم تستطع أن تغلق الملف وتخرج خاسرة، فالحوثيون الآن هم من يقصفون المدن السعودية، والسعودية لا تستطيع أن تخرج الآن دون إغلاق هذا الملف».

وكانت ميليشيات «الحوثيين» أعلنت إطلاق صاروخ باليستي على مطار الملك خالد الدولي بالعاصمة السعودية الرياض، بينما قالت قيادة «التحالف العربي» إن الصاروخ استهدف الرياض وجرى اعتراضه وسقط في منطقة غير مأهولة شرق مطار الملك خالد.

وجدد المتحدث باسم «الحوثيين»، «محمد عبدالسلام» تأكيده أن عواصم دول التحالف ليست في منأى عن الصواريخ الباليستية لجماعته.

والثلاثاء الماضي، اعتبر ولي العهد السعودي، الأمير «محمد بن سلمان»، خلال اتصال هاتفي تلقاه من وزير الخارجية البريطاني «بوريس جونسون»، أن «ضلوع النظام الإيراني في تزويد الميليشيات الحوثية التابعة له بالصواريخ يعد عدوانا عسكريا ومباشرا من قبل النظام الإيراني، وقد يرقى إلى اعتباره عملا من أعمال الحرب ضد المملكة»، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

استقالة «الحريري»

وعن استقالة رئيس الوزراء اللبناني، «سعد الحريري»، اعتبر «بشارة» أن الرسالة هي أنه «لا تسويات مع التمدد الإيراني، لكنه أوضح أن الغائب في الرؤية السعودية هو تقديم البديل».

واعتبر أن لبنان الآن «يترك إلى الفوضى، ومقاطعة لبنان اقتصاديا تدمر الجميع».

وحول أبعاد هذه الاستقالة، ولا سيما في ظل الحديث عن الدور الإسرائيلي في هذا الملف، أكد «بشارة»، أن «(إسرائيل) لا تخرج إلى حروب في خدمة السعودية، بل على العكس هي تتمنى أن تقوم السعودية بذلك، والسعودية لا تستطيع أن تقوم بعمل عسكري في لبنان».

وتتداول وسائل الإعلام العبرية، تقارير عن احتمال قيام (إسرائيل) بتوجيه ضربة عسكرية لـ«حزب الله» بضوء أخضر أمريكي، ودعم سعودي وخليجي.

ووفق صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن قلقا عارما يسود شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) في الجيش الإسرائيلي من مواجهة مستقبلية قاسية على الجبهة الشمالية، أي مع «حزب الله» اللبناني.

وبحسب الصحيفة، التي اعتمدت على مصادر سياسية وأمنية إسرائيلية رفيعة المستوى، فإنه على خلفية معارضة البيت الأبيض زيادة المساعدات العسكرية لـ(إسرائيل) لحمايتها من الصواريخ، حذر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، الجنرال «هرتسي هليفي»، من حرب غير هينة مع «حزب الله».

وكانت صحيفة «هآرتس» العبرية، قد أشارت إلى أن القيادة السعودية تأمل في نقل مواجهاتها مع إيران من سوريا إلى لبنان، من خلال سحب «سعد الحريري» من منصبه، في إشارة إلى استقالة رئيس الوزراء اللبناني في بث متلفز من المملكة، الأسبوع الجاري.

وقالت الصحيفة: «سيتعين على (إسرائيل) أن تتخذ قرارها عندما يكون الوقت مناسبا لهذه المعركة، وعندما تصل لحظة الحقيقة، يجب على حلفاء (إسرائيل)، مع الولايات المتحدة، أن يقدموا الدعم الكامل، إن عمل عدواني إيراني أو من حزب الله قد يكون الشرارة، لكن القادة الإسرائيليين لابد أن يهتموا بألا يجدوا أنفسهم أمام مواجهة سابقة لأوانها من خلال مناورات حلفائهم الذين يجلسون في الرياض».

والأسبوع الماضي، طلبت السلطات السعودية من رعاياها بلبنان مغادرة البلاد في أقرب وقت ممكن، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (واس) عن مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية.

وفي وقت سابق، هدد وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي «ثامر السبهان»، بأن بلاده «ستستخدم كل الوسائل السياسية وغيرها لمواجهة حزب الله، وستعامل حكومة لبنان كحكومة إعلان حرب بسبب ميليشيات حزب الله».

التنسيق السعودي - الإسرائيلي

وحول التنسيق السعودي - الإسرائيلي المتداول إعلاميا هذه الفترة، قال «بشارة»: «واضح أن هناك اتجاها حقيقيا للتطبيع مع (إسرائيل) بدأته الإمارات، لدرجة أن الإنسان يعتقد أنهم حلفاء والعرب أعداء، هم ينظرون الآن إلى الفلسطينيين كأنهم عقبة، لديهم خوف من كل الشباب العربي، وإمكانية مستقبل أفضل في الوطن العربي، (إسرائيل) أيضًا تخشى ذلك، وأسوأ سنواتها كانت 2011، ومن يشاركها كان الإمارات».

 وأضاف: «(إسرائيل) وضعت بشكل واضح الخطوط الحمر لعمل عسكري في لبنان نقلا عن التصريحات الرسمية والأبحاث الإسرائيلية».


المصالحة الفلسطينية

وأكد «بشارة» أن المصالحة الفلسطينية مرحب بها رغم أنها تأخرت كثيرا.

وأشار إلى أن «المصالحة في هذه المرة تبدو أكثر جدية بسبب توفر الإرادة لأن الأطراف كلها مأزومة؛ من حركة حماس التي تحولت سلطتها إلى إشكالية كبيرة لأنها تعني إعالة قطاع في ظلّ الحصار، إلى السلطة الفلسطينية التي تواجه أزمة نتيجة انسداد آفاق المفاوضات، والنظام المصري الذي أصبح في ورطة أمنية حقيقية في سيناء، ولا يستطيع أن يتدخل في قطاع غزة، لأن حماس أثبتت أنّها حركة منظّمة قويّة عسكرية قادرة على محاربة أكثر من عدوان إسرائيلي شرس ضد القطاع».

وكانت حركتا «فتح» و«حماس» وقعتا في العاصمة المصرية القاهرة اتفاق المصالحة، قبل أسابيع، بحضور مدير المخابرات المصرية «خالد فوزي».

ونص الاتفاق على تنفيذ إجراءات لتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها الكاملة، في إدارة شؤون قطاع غزة، كما في الضفة الغربية، بحد أقصاه الأول من ديسمبر/كانون الأول المقبل، مع العمل على إزالة كل المشاكل الناجمة عن الانقسام.

كما تضمن الاتفاق دعوة من القاهرة لكل الفصائل الفلسطينية، الموقعة علي اتفاقية الوفاق الوطني في 4 مايو/آيار 2011، لعقد اجتماع آخر في 21 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، دون توضيح جدول أعماله، لكنه يتوقع أن يناقش ترتيبات إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وإعادة هيكلة «منظمة التحرير».

وتوقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، نهاية أبريل/نيسان 2014، دون تحقيق أية نتائج تذكر، بعد 9 أشهر من المباحثات برعاية أمريكية وأوروبية، بسبب رفض (إسرائيل) وقف الاستيطان، وقبول حدود 1967 كأساس للمفاوضات، والإفراج عن معتقلين فلسطينيين قدماء في سجونها.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

حصار قطر القضية الفلسطينية المصالحة الفلسطينية اعتقال الأمراء استقالة الحريري حزب الله إسرائيل