«القدس العربي»: الحريري وأوجاع لبنان… العلاج بالصدمة!

الثلاثاء 14 نوفمبر 2017 03:11 ص

لعل رئيس الوزراء اللبناني «سعد الحريري» قد أفلح، خلال اللقاء المتلفز ليل الأحد الماضي، في تبديد بعض الشكوك التي اكتنفت إقامته الراهنة في العاصمة السعودية الرياض، وإعلانه الاستقالة من هناك، فضلاً عن نص الاستقالة الذي بدا متشدداً ضد إيران و«حزب الله» على غير المألوف في خطاب الحريري عموماً.

لقد أكد أنه ليس مقيد الحركة وفي وسعه أن يسافر متى شاء، وألزم نفسه بالعودة إلى بيروت خلال يومين أو ثلاثة، كما ردّ على التقولات التي نالت من نصّ استقالته فقطع بأنه هو الذي كتبه.

لكن «الحريري» أفلح أيضاً في إثارة طراز آخر من الشكوك، حول ارتباط استقالته بأجندات لا تخصّ لبنان بصفة حصرية، أو لا تقتصر على المصالح اللبنانية وحدها، وإنما تتبع مقتضيات سياسية وأمنية وعسكرية ذات صلة بالسعودية، البلد الذي فيه يقيم الآن، ومنه أعلن استقالته.

صحيح أن «حزب الله»، بوصفه دولة ضمن الدولة أو حتى فوقها، يظل مشكلة لبنانية أولاً. لكن هذه الحال ليست جديدة على لبنان، ولم يستجد فيها عنصر طارئ يستدعي من رئيس الوزراء ذلك الخيار القاطع.

لقد سبق للحزب أن استهدف الحريات العامة في لبنان، وهدد الأمن القومي، وعطّل الحياة السياسية طيلة أشهر، واتُهم بسلسلة اغتيالات كبرى.. مع ذلك كان الحريري قد وصل إلى الرياض وهو على رأس حكومة لا يتمثل فيها «حزب الله» فقط، بل كان صانعها الذي سهّل ولادتها.

الذي استجد، كما يلوح، هو خيار الردع الجذري الذي أخذت السعودية تنتهجه إزاء تطورات المساندة الإيرانية للحوثيين، ونوعية التسليح الصاروخي الذي يبدو أن طهران قد رخّصت استخدامه ضدّ أهداف في عمق المملكة، ثم الدور الخاص المناط بـ«حزب الله» في ذلك كله، وما إذا كان سليماً أو لائقاً أن يبقى الحريري مكتوف اليدين ومتفرجاً على هذا المشهد، بل مترئساً حكومة بعض وزرائها من ذلك الحزب.

ذلك كان وراء تعابير قصوى من نوع «أيدي إيران في المنطقة ستقطع»، وإيران «ما تحل في مكان إلا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب»، و«حزب الله يوجه سلاحه إلى صدور اللبنانيين وإخواننا السوريين واليمنيين».

لكن الحريري طوى في اللقاء المتلفز نبرة التشدد هذه، على نحو ملموس، واستبدلها بعبارة محورية هي «النأي بالنفس»، وكأنها ليست الشعار الغامض والطنان، الذي ظلّ بلا معنى منذ أن جرى اشتقاقه لاختزال حياد لبنان إزاء جواره العربي والإقليمي.

وهذا، في واقع الأمر، هو نوع الفالج الذي ليس في وسع «صدمة» استقالة الحريري أن تعالجه.

ذلك أنّ «حزب الله» لم يستأذن أي طرف لبناني قبيل إرسال ميليشياته للقتال إلى جانب النظام السوري في القصير منذ نيسان (أبريل) 2013، كما أنه أعلن مراراً عدم التزامه بمبدأ النأي بالنفس لأنه كما يبرر «يقاتل في سوريا دفاعاً عن النفس».

ولعلّ الأيام القليلة المقبلة سوف تثبت أن أمراض لبنان أشدّ استعصاء من أن تُعالج بصدمة، خاصة حين تُطلق من الرياض: صاخبة عاتية أولاً، ثم هادئة ملطفة لاحقاً!

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

لبنان استقالة الحريري الحريري إيران السعودية العلاقات السعودية اللبنانية حزب الله