جنوب سوريا وقوات إيران.. اتفاق خفض التصعيد يتحول لصراعات

الأربعاء 15 نوفمبر 2017 06:11 ص

بات جنوب سوريا، محل صراع وتوتر بين عدة أطراف دولية وإقليمية، للدرجة التي جعلت موسكو ترفض إخراج ميليشيات موالية لطهران، ما أثار حفيظة (تل أبيب) التي سبق أن شكت من اتفاق بين واشنطن وموسكو وعمان، على وقف إطلاق النار في هذه المنطقة.

واتفاق وقف إطلاق النار في جنوب سوريا، اتخذته أمريكا وروسيا والأردن، بمبادرة من الأخيرة، في 7 يوليو/تموز الماضي، ليتم تنفيذه بعدها بيومين على طول خطوط التماس المتفق عليها.

وعقب حديث الرئيسين الأمريكي «دونالد ترامب» والروسي «فلاديمير بوتين»، قبل أيام، صدر بيان مشترك تضمن نقاطا عديدة، كان من بينها التمسك بالحل السياسي للأزمة السورية، بالإضافة إلى أهمية التمسك بسوريا موحدة.

وبعد ذلك بساعات صدر بيان من الحكومة الأردنية تم التصريح فيه بتوقيع كل من أمريكا والأردن وروسيا على مذكرة المبادئ بما يخص تأسيس منطقة خفض التصعيد المؤقتة في جنوب سوريا في عمان.

قلق إسرائيلي

وكانت (إسرائيل) أبدت خيبة أمل من الاتفاق، الذي تحدث عن وجوب خروج جميع القوات الأجنبية من سوريا بما فيها الحرس الثوري الإيراني وميليشيات شيعية تتحرك بإرشاد من إيران، وفق صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية.

وكشفت (تل أبيب)، أمس، عن لقاء سري جرى في نهاية الأسبوع بين قائد قوات الجيش الأمريكي في أوروبا «كرتيس سكبروتي»، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي «غادي آيزنكوت»، في بروكسل، وذلك للتباحث في الهيمنة الإيرانية على سوريا، ونيات طهران تثبيت وجودها في المنطقة ببناء قواعد عسكرية برية وبحرية، بحسب صحيفة «الشرق الأوسط».

وجاء هذا اللقاء لافتا بشكل خاص؛ لأن «آيزنكوت» كان قد اجتمع فقط قبل أسبوعين مع رئيس وأعضاء رئاسة أركان الجيش الأمريكي في واشنطن، وتباحث معهم في الموضوع نفسه.

ولذلك فقد تم تفسير هذا اللقاء السري على أنه تعبير عن القلق الإسرائيلي من الاتفاق الثلاثي بين روسيا والولايات المتحدة والأردن، حول وقف إطلاق النار في جنوب سوريا، الذي تعرفت (إسرائيل) على صيغته الجديدة في مطلع الأسبوع الماضي.

وفي مقابل ذلك، أفادت تقارير إسرائيلية بأن وفداً أمريكياً رفيع المستوى يمثل مؤسسة الأمن القومي، وصل أمس إلى (إسرائيل)، وشرع في محادثات مع قادة أذرع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، تطرقت أساساً إلى الوجود الإيراني والوضع في جنوب سوريا.

وأشارت (إسرائيل) إلى أن الاتفاق لا يتحدث عن جدول زمني لتطبيقه، وأن التفاهمات السرية بين الأطراف المختلقة تضمن في المرحلة الراهنة فقط إبعاد الإيرانيين والميليشيات إلى مسافة قصيرة نسبياً من حدود (إسرائيل) مع الجولان المحتل، بحسب صحيفة «الحياة».

وتخشى (إسرائيل) من أن يؤدي انتصار رئيس النظام السوري «بشار الأسد» في النهاية إلى وجود حامية إيرانية دائمة في سوريا، ما يوسع نطاق تهديد في لبنان يشكله «حزب الله» المدعوم من إيران.

وشنت (إسرائيل) خلال العامين الماضيين عشرات الغارات الجوية، ضد مواقع سورية وتابعة لـ«حزب الله» وشحنات أسلحة ومقاتلين من الحزب في سوريا لوقف ما قالت إنه عمليات تسليم شحنات أسلحة متطورة للحزب اللبناني، أحد الحلفاء الرئيسيين للنظام السوري.

وقال مصدر سياسي كبير إن (إسرائيل) تنظر بإيجابية لجوهر الاتفاق، خصوصا الفقرة التي تؤكد أن «كل القوات الأجنبية، بما في ذلك رجال الحرس الثوري الإيراني، والميليشيات الشيعية التي تعمل بتوجيه من إيران، سوف تجبر على الخروج من الأراضي السورية»؛ لكنها «قلقة من كون الاتفاق لا يتضمن جدولا زمنيا للتنفيذ، وكون التفاهمات السرية بين الأطراف تضمن في هذه المرحلة فقط إبعاد الإيرانيين والميليشيات، إلى مسافة قصيرة نسبيا عن الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان».

موسكو تتراجع

في المقابل، أعلن وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف»، من ناحيته، أن اتفاقات موسكو وواشنطن حول منطقة خفض توتر جنوب سوريا، «لا تفترض انسحاب تشكيلات موالية لإيران»، مشيراً إلى أن الحديث في هذا السياق يدور حول «قوات غير سورية».

وقال «لافروف» خلال مؤتمر صحفي في موسكو أمس، إن روسيا بحثت مع الأمريكيين آلية عمل منطقة خفض التوتر في جنوب غرب سوريا، والتي شارك الأردن في العمل على إقامتها.

وأكد أن الاتفاقات الروسية الأمريكية الأردنية تفترض سحب «تشكيلات غير سورية» من هذه المنطقة، مضيفاً أن «الحديث لم يتطرق إلى موضوع إيران أو بالأخص قوات موالية لإيران».

وأدلى «لافروف» بهذا التصريح تعليقاً على سؤال حول بيان صادر عن الخارجية الأمريكية أعلنت فيه أن موسكو وافقت على المساهمة في إخراج «قوات موالية لإيران» من أراضي سوريا.

وأضاف الوزير الروسي: «إذا نظرنا إلى من يمثل أكبر خطر فإنهم أتباع الولايات المتحدة، وهم إرهابيون أجانب ومسلحون يحاولون الانضمام إلى الجماعات المعارضة التي تدعمها الولايات المتحدة».

وأكد وزير الخارجية الروسي أن قوات روسيا وإيران توجد في سوريا في شكل شرعي وبدعوة من الحكومة الشرعية، على خلاف قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

ونقلت صحيفة «القدس العربي»، عن مصادر سورية معارضة، قولها إن موسكو تحاول الاصطياد بالمياه العكرة، حيث حاولت منذ البداية عبر اجتماعات أستانة تخريب اتفاق جنيف، وعندما فشلت في الوصول لأهدافها، سعت موسكو إلى التركيز على تجميد فعالية فصائل المعارضة على الأرض السورية، وتحاول مجددا تطبيق الاتفاق المبرم بشأن جنوب سوريا بآلية مغايرة لتعهداتها أمام واشنطن وعمان.

وفي هذا الصدد قال المحلل السياسي «محمد العطار»، إن «روسيا عبارة عن دولة مارقة لا تختلف عن إيران، ولا تبحث عن حل جدي في سوريا ولا يهمها بشار الأسد أيضا، إنما هي تعتبر سوريا وما يحصل فيها، ورقة مساومة مع الغرب بسبب أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية والقرم وغيرها، وهي تستمر في إفشال كل ما من شأنه إيقاف الحرب السورية، من أجل الاستمرار في استخدام الورقة السورية في خدمة مصالحها».

يشار إلى أن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» كلف مؤخرا فريق عمل من وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين لإعداد خطة لإنشاء مناطق آمنة وقتال «الدولة الإسلامية» في سوريا.

  كلمات مفتاحية

إسرائيل جنوب سوريا ميليشيات إيران حزب الله أمريكا روسيا