الطريق المسدود

الأربعاء 15 نوفمبر 2017 01:11 ص

تناول الكاتب التركي «طه كلينش» في مقاله بصحيفة يني شفق الأربعاء التطورات في السعودية من خلال مقارنتها بأحداث تاريخية سابقة في المملكة وخاصة ما جرى مع الملك فيصل وعملية المطالبة بالتحديث في المملكة محذرا من إمكانية تكرار التاريخ.

وقال «كلينش» في مقاله الذي جاء بعنوان (الطريق المسدود) «دخل الابن الأكبر، سعود، مباشرة بعد وفاة عبدالعزيز، الملك المؤسس للمملكة العربية السعودية، عام 1953، في صراع وحشي على السلطة مع شقيقه فيصل. وكان سعود، جالسا على العرش في الوقت الذي بدأت فيه عائدات النفط بالسريان إلى البلاد، وكان هدفا لأسهم النقد بسبب الحياة الباهظة التي عاشها. ومع الدعم الذي حصل عليه فيصل من العائلة المالكة، استطاع أيضا بمساعدة العلماء في نهاية المطاف أن يجلس على العرش عام 1964، وكانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ البلاد».

وقسمت المعركة بين «سعود» و«فيصل» العائلة المالكة إلى معسكرين رئيسيين. على الرغم من أن مؤيدي سعود قد تضاءلوا مع مرور الوقت، فقد كان الفصل حادا وعميقا جدا. حتى في وقت القرار النهائي لعام 1964، عندما وافق العلماء على نزول سعود عن العرش، وقف بعض إخوته مقابل فيصل. وكان أحدهم مساعد «عبدالعزيز». وقتل «فيصل»، ابن مساعد، عمه الملك «فيصل»، الذي يحمل نفس الاسم نفسه، في 25 مارس/آذار 1975، في قصره بالرياض.

وفي أواخر الخمسينيات كانت الخلافات ققد بلغت ذروتها بين سعود وفيصل وظهرت انقسامات داخل العائلة وخرجت مجموعة أطلقت على نفسها  اسم (الأمراء الأحرار) وهي مجموعة من الأمراء تطالب بتحديث البلاد والمعايير الغربية والتحول نحو الديمقراطية.

وكان الأمير «طلال بن عبدالعزيز» يفود هذه المجموعة وقد حصل على دعم من الأمراء فواز ونواف وبدر أبناء عبدالعزيز في ذلك الوقت، كان لهم العديد من الأنصار داخل  العائلة المالكة. (يذكر أن ابن زعيم هذه المجموعة الأمير الوليد بن طلال الذي أصبح أقوى وأغنى رجل في المجموعة قد تم اعتقاله،أخيرا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 بتهم فساد)

وفي الوقت الذي كان يتصارع فيه كل من «سعود» و«فيصل» كان هناك مجموعة معارضة أخرى يدعمها الرئيس المصري آنذاك جمال عبدالناصر» من ناحية أخرى، وبينما كان الصراع يتغلغل داخل الأسرة المالكة في السعودية في أوائل الستينيات مستعرة كانت هذه صورة الوضع الذي يهدد استقرار البلاد ومستقبلها.

وبعد وقت قصير تم ترحيل عدد من أعضاء حركة الأمراء الأحرار إلى لبنان من قبل الأمير وولي العهد «فيصل» ثم استقر  بهم الحال في العاصمة المصرية القاهرة، وبدأ القتال علنا ضد العائلة المالكة السعودية.

بعد ذلك، بينما ضغط الأمراء الأحرار ضد بلدهم، للتحول إلى بلد ديمقراطي، بدأ التدخل المصري في اليمن في عام 1962، ودعم «عبدالناصر» الحكومة الاشتراكية في جنوب اليمن وقامت السعودية في المرحلة الأولى بدعم القوات القبلية الشمالية في حرب أهلية دامية ووقف الأمراء الأحرار تماما بجانب القاهرة.

وخلفت الحرب حوالي 200 ألف قتيل واضطرت مصر للانسحاب بعد الهزيمة الثقيلة التي تعرض لها ضد (إسرائيل) عام 1967.

وقال «جمال عبدالناصر»، إن الشعوب العربية يجب عليها لتحرير القدس أن تحرر الرياض أولا وعلى الرغم من استمرار الخطاب الداعم لمصر من الأمراء الأحرار، أصدر فيصل» في عام 1964، عفوا عاما عنهم عندما أصبح ملكا للبلاد واتفق على عودة الأمراء للبلد.

من هذا التاريخ، انتهت حركة الأمراء الأحرار، وقام الملك «فيصل» بالعمل على تحديث البلاد. ومن هنا بدأ التغيير وفي الوقت الحاضر يقوم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من خلال عملية لمكافحة الفساد أو العودة إلى الإسلام المعتدل بالشيء نفسه. وهذا الطريق محفوف بالمخاطر ومقامرة، ستعيشه المنطقة بأسرها.

بالضبط قبل 100 سنة أنشئت الخريطة السياسية العربية بعد تفكك الإمبراطورية العثمانية، وها هي مرة أخرى على وشك التفكك والانحلال.. إن الجراح التي وضعتها مشارط البريطانيين والفرنسيين قبل 100 سنة في المنطقة لا تزال تنزف ولكن اليوم أخذت الولايات المتحدة وروسيا مكانهما.  إن قراءة التاريخ بحسرة لا يفيد ولكن القادة الموجودين اليوم لا يعرفون التاريخ الحديث فهل يحدّث المستشارون «محمد سلمان» بهذا؟

  كلمات مفتاحية

السعودية الملك فيصل محمد بن سلمان