«موغابي» ديكتاتور زيمبابوي الذي هزم الزمن.. وأسقطه غرور امرأة

الأربعاء 15 نوفمبر 2017 08:11 ص

رغم سنه التي تجاوزت التسعين، وقف العجوز الذي يحكم قبضته على البلاد منذ نحو 4 عقود وسط حشود من أنصاره يمازحهم ويستهزئ بالشائعات التي سرت عن مرضه ووفاته قائلا: «نعم صحيح.. لقد مت كما يقولون.. وأنا الآن أكلمكم من العالم الآخر، لقد جئتكم من بين الأموات».. صحيح أن السنوات التسعين وطول زمنه في السلطة لم ينهيا حكمه العجوز المستبد، لكن غرور زوجته دفعته للإطاحة برجاله المخلصين، لتأتيه نهاية زمن حكمه الذي دام 37 عاما من الجالسين على يمينه ويساره.

تلك الروح المرحة التي تحلى بها بها رئيس زيمبابوي «روبرت موغابي» قبل عام من الآن، تبدو بعيدة عنه وهو قيد الإقامة الجبرية محتجزا من قبل قادة جيشه الذين انقلبوا عليه، إثر تململهم من التدخلات السافرة والطموح الطاغي من قبل «غريس موغابي» زوجة الرئيس التي تصغره بما يزيد على 40 عاما، وتستعد لتولي السلطة في البلاد خلفا لزوجها.

طموح «غريس» جعلها تدفع «موغابي» للإطاحة بنائبه الأكثر ولاء له، «إيميرسون منانغاغوا»، ذي الشعبية العالية في أوساط العسكريين، ويشن حملة تطهير على كل من يمكن أن يعيق وصول زوجته إلى سدة الحكم.. وأمام تلك القرارات، تحرك الجيش لينهي أخيرا حكما «موغابي»، الذي لم تعرف زيمبابوي غيره منذ الاستقلال.

في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته، كان مجرد ذكر اسمه يثير الاعجاب بسيرة رجل اسمه «روبرت موغابي»، قاد ثورة في مواجهة نظام الفصل العنصري في روديسيا، وقرأ هذا الثائر الافريقي سيرة باتريس لوممبا ونيلسون مانديلا جيدا، ودرس القانون أيضا خلال فترة اعتقاله في السجون البريطانية التي دامت 10 سنوات وبعد إطلاق سراحه توجه إلى موزمبيق، وتولى بنفسه قيادة جيش «زانو».

في 1980 انتصرت إرادة الشعب وأطيح  بنظام التمييز العنصري، وجاء قائد الثورة اليساري «موغابي» ليصبح رئيسا لبلاده مبينا الفرق الكبير بين أن يكون المرء ثائرا من أجل مبادئ وقيم الحرية وأن يكون رئيس جمهورية متفردا بالحكم.

أُعيد انتخاب «موغابي» في انتخابات عام 2002، التي شهدت أعمال عنف وجدلا واسعا بسبب الطعن في نزاهتها وشفافيتها.

أما في 2008، فقد استطاعت الحركة من أجل التغيير الديمقراطي وهي الحركة المعارضة الرئيسية لموغابي بقيادة «مورغان تسفانغيراي» الفوز بغالبية مقاعد البرلمان، بعد موسم انتخابي ذائع الصيت في عام 2008، حيث هاجمت قوات الأمن ومؤيدو «موغابي» وقتلوا وخوفوا الآلاف من أعضاء المعارضة، فازداد الغضب الدولي وتفاقمت الأزمة الاقتصادية في البلاد، مما أجبر الرئيس على الموافقة على اتفاق لتقاسم السلطة.

وأدى السيد «تسفانجيراي» اليمين كرئيس للوزراء في عام 2009، ولكن هذا الترتيب كان معيبا من البداية وانهار بعد أن استعاد السيد موغابي السلطة في انتخابات عام 2013، حيث فاز «موغابي» وحزبه الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي/الجبهة الوطنية بنسبة61% من مقاعد البرلمان.

في 6 ديسمبر 2014، كلف زوجته «غريس» برئاسة الجناح النسائي لحزبه وبدأ الرئيس الطاعن في السن عمليات تطهير داخل الحزب، فأقال نائبته «جويس موجورو» ليعين مكانها وزير العدل «إيمرسون منانغاغوا»، وفي 6 نوفمبر الماضي، وفي خضم التوتر السائد والتوجس من أي تهديد لحكمه، لعب «موغابي» ورقته الأخيرة بإقالة نائبه المقرب «منانغاغوا» الذي يعتبر الاوفر حظا ليحل مكانه.

وبعد 24 ساعة فقط من تهديد قائد القوات المسلحة «كونستانتينو تشيونغا» بالتدخل لإنهاء حملة تطهير ضد حلفائه في الحزب الحاكم، وتحذيره الرئيس «موغابي» بسبب إقالته نائب رئيس الجمهورية بعدما دخل الأخير في مواجهة مع «غرايس موغابي» (52 عاما) زوجة الرئيس التي تناصب العداء للكثير من المسؤولين في الحزب الحاكم، تحركت الدبابات في هاراري لتنهي حكم الرجل العجوز.

وكان «منانغاغوا» واسمه الحركي في أجهزة الأمن «ذا كروكودايل» (أي التمساح) حتى شهور قليلة مضت الأوفر حظا لخلافة «موجاغي»، ولكن أطيح به قبل أسبوع لتمهيد الطريق أمام زوجة موغابي البالغة من العمر 52 عاما لخلافته، ولكن الجيش يرفض قبول إقالة «منانغاغوا».

واعتبر السيد «منانغاغوا» (75 عاما) قريبا من القادة العسكريين، بمن فيهم قائد قوات الدفاع الزيمبابوية، الجنرال «كونستانتينو تشيونغا»، الذي هدد بالتدخل العسكري في وقت مبكر من هذا الأسبوع.

وعلى الرغم من أنه كان قدامى المحاربين في حزب زانو-يف الحاكم، فقد كان منغانغوا معروفا أيضا أنه على علاقة جيدة مع مورغان تسفانجيراي، الزعيم الطويل لحزب المعارضة الرئيسي، حركة التغيير الديمقراطي.

وطبقا لعدد كبير من وثائق المخابرات التي سبق أن نشرتها عليها «رويترز»، فإن منانغاغوا  كان يعتزم إنعاش الاقتصاد بإعادة آلاف المزارعين البيض الذين طردوا من أراضيهم منذ ما يقرب من 20 عاما وإصلاح العلاقات مع مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

  كلمات مفتاحية

زيمبابوي موغابي انقلاب عسكري هاراري إفريقيا إفريقي