جدل «القوائم البيضاء للإفتاء» إعلاميا.. الأزهر يتبرأ والمجلس يسترضي

الخميس 16 نوفمبر 2017 08:11 ص

لم تكد قوائم المسموح لهم بالظهور الإعلامي والإفتاء تظهر من قبل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ترى النور، حتى ضجت الأوساط الشرعية والدعوية باللغط والجدل حول تلك القوائم التي اقتصرت على 51 عالما، فكان لافتا للأنظار غياب أسماء ذات ثقل شرعي ورسمي عن تلك القوائم، إضافة إلى غياب ممثلين شرعيين لتيارات كاملة، بينما شدد أزهريون وعلماء رسميون على أن تلك القوائم مجرد قرارات إدارية لا تعنيهم في شيء ولن يلتزموا بها.

الرفض الشرعي دفع المجلس الأعلى والأزهر الشريف إلى تخفيف حدة تصريحاتهم حول تلك القوائم، وخرجوا بعد المؤتمر الصحفي بساعات كمن يحاول استرضاء العلماء الغاضبين، بينما شدد الأزهر على أنه لا علاقة له بمنع أحد من الظهور على الشاشات.

واندلعت الأزمة عقب إعلان قائمة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تتضمن أسماء 51 عالما يقتصر ظهورهم على الإعلام لتصدرهم للفتوى، وهي القائمة التي وصفتها صحف مصرية بـ«البيضاء» المسموح لهم بالإفتاء إعلاميا، وأكد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام «مكرم محمد أحمد» خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد الأربعاء بمقر المجلس أنه بعد المشاورات مع الأزهر ودار الإفتاء تقرر قصر الفتوي الدينية والظهور الإعلامي على 51 عالماً من أصحاب الخبرة وسداد الرأي.

وأكد «محمد أحمد» أن هذا القرار تم اتخاذه بعد سيل الفتاوى الغريبة والشاذة التي ظهرت في الآونة الأخيرة ومن أبرزها «نكاح الوداع»‬ وهو ما يعد أمراً غريباً عن شريعتنا الإسلامية التي تتسم بالرشد وتعتمد على العقلانية.

وكشفت قوائم الـ50 المصرح لهم بالإفتاء والظهور على شاشات الفضائيات والصحف، غياب رموز دينية كبيرة وكثيرة، حيث تم استبعاد المستشار الديني للرئيس «عبدالفتاح السيسي» الداعية «أسامة الأزهري»، ورئيسي جامعة الأزهر السابقين «أحمد عمر هاشم»، و«أسامة العبد» رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب الحالي، بالإضافة لأساتذة جامعة الأزهر «أحمد كريمة»، و«سعد الدين الهلالي» و«سعاد صالح» إضافة إلى الشيخ «خالد الجندي» وغيرهم.

كما خلت القوائم من مشايخ التيار السلفي تماما، أمثال «محمد حسان» و«محمد حسين يعقوب» و«أبوإسحاق الحويني».

وقال المجلس في بيان له إنه «أصدر قرارا إلى حين صدور قانون ينظم الإفتاء في مصر، ليدخل في مسؤولية المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بحكم القانون ومسؤوليته المباشرة، عن المحتوى القيمي والأخلاقي والمهني، وأن يطلب من كافة أجهزة الإعلام الالتزام بذلك».

وقال رئيس المجلس الكاتب الصحفي «مكرم محمد أحمد» خلال مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، إن «سبب إصدار قائمة للمتخصصين في الفتوى على الفضائيات والصحف، وإن مصر عانت خلال الفترة الأخيرة من عدد من الفتاوى غير الصحيحة والتي تصدر في موضوعات لا تتعلق بالواقع؛ وإن المجلس اتفق مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، على تحديد 50 داعية من قيادات وعلماء الأزهر للسماح لهم بالظهور إعلاميًا للإفتاء، ومناقشة القضايا الدينية التي يسأل فيها المواطنون عبر الشاشات».

وذكر رئيس المجلس الأعلى، أن «تحديد 50 شخصية للإفتاء جاء بعد مشاورات طويلة مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف»، مشيرا إلى أن «الأزهر الشريف والأوقاف تفهما الأزمة الحالية بشأن الإفتاء، وحتمية مواجهة غير المتخصصين».

وأضاف «مكرم» أن مصر «تواجه فوضى في الفتاوى عبر وسائل الإعلام، ولابد من وضع إطار ينهي هذه الفوضى، لذلك نحتاج شخصيات عقلانية تؤكد روح الإسلام السمحة، وليس حب الشهرة واستضافة غير المتخصصين لإرباك المواطنين بشأن شؤون دينهم ودنياهم».

وصرح بأن «المجلس يرفض سيطرة المتشددين على منابر الإعلام»، وادّعى أن «المواقع التي أغلقت في مصر يتم تمويلها من جماعة الإخوان الإرهابية، ليس هناك صحفي واحد معتقلًا بسبب مرتبط بديانته أو أفكاره في مصر» بحسب قوله.

رفض

أولى بوادر الرفض جاءت من أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمة، الذي وصف قائمة الـ«50 داعية» التي أرسلها الأزهر ودار الإفتاء، والخاصة بأسماء الشخصيات المنوط بهم التعامل مع وسائل الإعلام بأنه «قرار إداري» لا يعنيه وغير مُلزم بتنفيذه. 

وقال «كريمة» إن «القرار إداري ويسأل فيه الأزهر ودار الإفتاء، وأنا أكبر من ذلك، وخدمة الدعوة لا تحتاج إلى تصريح من أحد تلاميذي، ولا أريد الخوض في أمور قد تبدو محرجة للبعض ولي شخصيا، لأن القرار يحمل بعض التعليمات والإملاءات التي أرفضها في حياتي».

وأضاف: «أنا دكتور متفرغ في قسم الشريعة الإسلامية، وأحمل درجة الأستاذية، وقمت بتأليف 80 كتابًا في تخصصي، ومُعروف عني عدم المداهنة أو التملق سواء شخص أو جهة إدارية».

لهجة الترضية والتبرؤ

وبعد القرار بساعات، حملت تصريحات «مكرم» الفضائية لهجة التراجع ومحاولة الترضية، إذ قال خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي «أسامة كمال» في برنامج «مساء dmc» عبر فضائية «dmc»، أن القائمة مازالت مفتوحة، وأنها لن تغلق وأن هناك 3 من العلماء (لم يذكر أسماءهم) سيتم إضافتهم للقائمة.

وأضاف «مكرم» أن «المجلس الأعلى للإعلام اتفق مع الأزهر والإفتاء على إصدار هذه القائمة لحين صدور قانون تنظيم الفتوى من مجلس النواب» فقط.

بدوره حاول وكيل الأزهر الشريف «عباس شومان» التخفيف من وطأة الجدل والتبرؤ من مسؤولية الأزهر عن القائمة، وذلك بتأكيده أن «قائمة الـ50 المصرح لهم بالفتوى عبر الفضائيات والصحف، لا تعني أن الآخرين المؤهلين ممنوعون منها»، لكنه لم يذكر الغرض منها إذا لم يقتصر الظهور الإعلامي عليهم.

وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع البرنامج نفسه أن هذه القائمة لا تعني أن الآخرين غير مصرح لهم بالتحدث في القضايا الدينية، مشيرا إلى أن «الأزهر ليس جهة منع أصلًا»، ولكن «حينما طلب منه المجلس الأعلى للإعلام ترشيح بعض العلماء المؤهلين للإفتاء رشح هذه القائمة».

وأوضح «شومان» أن «الأزهر لا علاقة له بمنع أحد من الظهور على الشاشات، وأن هذا الأمر من سلطات المجلس الأعلى للإعلام وأنه لا توجد سلطة للأزهر على المجلس».

وتابع أن «الأزهر سيحاسب كل من يخطئ من هؤلاء العلماء نظرًا لأن الأزهر هو من قام بترشيحهم».

  كلمات مفتاحية

مصر قوائم الفتوى. قوائم بيضاء المسموح لهم بالفتوى قوائم الـ50 الأزهر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مكرم محمد أحمد.