«واشنطن بوست»: «بن سلمان» يتراجع عن خطته التصعيدية في لبنان

الجمعة 17 نوفمبر 2017 01:11 ص

لمح الكاتب والمحلل بصحيفة واشنطن بوست «ديفيد أغناتشيوس» إلى إمكانية عودة رئيس الوزراء اللباني المستقبل «سعد الحريري» إلى بلاده بعد زيارته المنتظرة لباريس غدا السبت بمباركة سعودية.

ولمح «أغناتشيوس» إلى أن «الحريري»، الذي اكتسب نفوذا رمزيا بعد احتجازه في الرياض، سوف يسعى وأنصاره إلى إقناع حزب الله بإيقاف أنشطته في اليمن كبادرة لحسن النية، كما أشار أن «الحريري» يمكن أن يقود حملة تمويل دولية لدعم الاقتصاد اللبناني.

ولم يصرح «أغناتشيوس» إذا ما كان «الحريري» سيتراجع عن استقالته التي أعلن عنها من الرياض مطلع الشهر الحالي، لكنه نقل عن مسؤول سعودي أن السعودية اقتنعت أنه من الأفضل لمصالحها وجود استقرار في لبنان وأن المملكة تعتزم العمل مع الولايات المتحدة لدعم المؤسسات اللبنانية، مثل الجيش، الأمر الذي قد يقلل تدريجيا من قوة حزب الله ونفوذ راعيته إيران، في لبنان.

وقال الكاتب الأمريكي في مقاله بعنوان «ولي العهد السعودي يسيطر على الأضرار» إنه بعد أسبوعين تقريبا من الانفجار السياسي المزدوج الذي هز الرياض، يبدو أن ولي العهد السعودي يراجع طريقته بما يساعد على استقرار المملكة العربية السعودية والمنطقة.

التفاوض مع المحتجزين

وكانت القنبلة الأولى في العاصمة السعودية هي الاعتقالات التي وقعت في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بتهمة الفساد التي وجهت لـ 201 من السعوديين البارزين، بمن فيهم أمراء ووزراء من الحكومة. والآن، بدأ ولي العهد، البالغ من العمر 32 عاما، إعداد مرسوم ملكي قد يسوي العديد من هذه الحالات خارج نطاق القضاء.

وقال مسؤول سعودي كبير، الخميس، إن لجنة مكافحة الفساد في المملكة ستتبع «عمليات تفاوض»، سيقوم بها المدعي العام عادة قبل نقل القضية إلى المحكمة المختصة. وقد يؤدي حل قضايا الفساد خارج نطاق المحكمة إلى الحد من هذا الانقسام رفيع المستوى، وفقا لـ«أغناتشيوس».

وكان الانفجار الثاني، في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، هو إعلان «سعد الحريري»، من الرياض، استقالته من منصبه كرئيس للوزراء في لبنان. وقالت مصادر لبنانية إن استقالة «الحريري» جاءت جراء ضغوط من طرف «محمد بن سلمان»، مما تسبب في زعزعة الاستقرار في لبنان، والذي من شأنه أن يعزز قوة حزب الله هناك، على عكس ما يريده السعوديون. وكان السعوديون قد وافقوا، الخميس، على السماح للحريري بالسفر إلى فرنسا. وقالت مصادر لبنانية إنه سيعود بعد ذلك إلى لبنان.

السعودية تغير نهجها

ووفقا «أغناتشيوس»، يبدو أن أزمة «الحريري» قد أقنعت الرياض بأن من الأفضل لمصالحها وجود استقرار في لبنان، وليس عدم الاستقرار، على الرغم من أن هذا النهج يتطلب بعض التعاون مع حزب الله، الفصيل السياسي المهيمن. وقال مسؤول سعودي إن المملكة تعتزم العمل مع الولايات المتحدة لدعم المؤسسات اللبنانية، مثل الجيش، الأمر الذي قد يقلل تدريجيا من قوة حزب الله ونفوذ راعيته إيران، في لبنان. ويبدو أن «بن سلمان» قد أدرك أن مكافحة حزب الله لعبة نفس طويل وليست لعبة الجولات القصيرة.

وكانت استقالة «الحريري» واحتجازه وإخضاعه للإقامة الجبرية في الرياض، إيذانا بتصويره بطلا في لبنان ورمزا لتوق البلاد للسيادة. وقد يمنحه هذا بعض النفوذ الجديد عند عودته إلى بيروت. ونقل «أغناتشيوس» عن مصادر لبنانية، إن مؤيدي «الحريري» قد يحثون حزب الله على سحب مقاتليه من اليمن كبادرة تضامن. كما سيبذل «الحريري» حملة جديدة للدعم الدولي لاقتصاد لبنان وجيشه.

تطهير صادم

وأدت عمليات الاعتقال واسعة النطاق التي قام بها «بن سلمان» إلى إرسال موجات صدمة عبر المملكة والمنطقة، وفاجأت أيضا بعض السعوديين المقربين من ولي العهد.

وكان «بن سلمان» يتمتع بسمعة كرجل أعمال غير سهل، قبل انضمامه إلى الديوان الملكي. لكنه أكد على موضوع مكافحة الفساد في مقابلة مع قناة العربية، في مايو/أيار هذا العام، قائلا: «إذا لم تكن محاربة الفساد على رأس جدول الأعمال، فهذا يعني أن المعركة لن تنجح ... وأكرر أن أي شخص متورط في الفساد لن ينجو».

وكأمثلة على الصفقات الفاسدة التي أدت إلى اعتقالات 4 نوفمبر/تشرين الثاني، ذكر مسؤول سعودي كبير شراء الأراضي في جدة، حيث دفعت الحكومة ما يقرب من ضعف سعر السوق، لتوفير عمولة كبيرة لمسؤول بارز. ومن الأمثلة الأخرى، قيام وزارة التعليم بشراء تذاكر طيران مبالغ في قيمتها إلى حد كبير، لمئات الآلاف من السعوديين الذين يدرسون في الخارج، مع دفع عمولات للمسؤولين.

ووفق «أغناتشيوس»، قد كان الفساد متوطنا في المملكة، حيث افترض العديد من المراقبين أنه كان جزءا من آلية حكم آل سعود. ويؤكد «أغناتشيوس» أنه بعد أول زيارة له للمملكة، عام 1981، كتب سلسلة من المقالات لصحيفة «وول ستريت جورنال»، حول كيف يقوض التربح الشخصي قطاعي الدفاع والنفط.

وبدت حملة التطهير، التي قادها «بن سلمان»، لكثير من الغرباء حركة سياسية عالية المخاطر. لكنه طموح يستحق المخاطرة، كما يقول «أغناتشيوس»، مختتما مقاله بالقول إنه «في حين يفجر بن سلمان قنابله، يجب عليه تجنب تفجير نفسه».

  كلمات مفتاحية

لبنان السعودية استقالة الحريري بن سلمان العلاقات السعودية اللبنانية حزب الله الحريري