أخيرا.. «موغابي» يتنحى والآلاف يرقصون في شوارع هراري

الأحد 19 نوفمبر 2017 06:11 ص

وافق رئيس زيمبابوي «روبرت موغابي» الأحد على الاستقالة من منصبه كرئيس للبلاد، وذلك بعد ساعات من قيام حزب «زانو/الجبهة الوطنية» الحاكم بإقالته من منصبه كزعيم له، وذلك بعد 37 عاما من بقائه في السلطة وتجاوزه الـ93 من عمره.

ونقلت «رويترز» عن مصدر مطلع على المفاوضات أن حزب زانو-الجبهة الوطنية سبق أن أمهل «موغابي» أقل من 24 ساعة لمغادرة منصبه كرئيس للدولة، وذلك في ظل تحرك آليات عسكرية للجيش والقبض على سياسيين مقربين من «غريس موغابي» (زوجة الرئيس) ووضع «موغابي» وأسرته قيد الإقامة الجبرية، وينفي الجيش أن يكون تحركه انقلابا عسكريا وإنما هو فقط يستهدف فاسدين محيطين بالرئيس وفقا لبيانات عسكرية، وذلك إثر أزمة سياسية طاحنة فجرتها إقالة نائب الرئيس «إيمرسون منانغاغوا».

نهاية سلمية

وبينما نقلت الوكالة عن مصادر أن الجيش الزيمبابوى يعمل على استقالة «موغابي»، فإنها وصفت إقالة «موغابي» من زعامة الحزب على أنها محاولة لتأمين نهاية سلمية لولايته بعد انقلاب فعلي.

وذكرت هيئة الإذاعة الزيمبابوية أن «موغابى» سيخاطب الأمة قريبا، وفي وقت سابق الأحد، أظهرت صحيفة هيرالد الرسمية صورا لاجتماعه مع كبار الجنرالات فى مكاتب بيت الرئاسة.

وتجدر الإشارة إلى أن «موغابى» هو الزعيم الوحيد الذي عرفته الدولة الواقعة فى جنوب القارة، منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1980، ويتوقع مراقبون أن يحل محله «إيمرسون منانغاغوا» النائب الذي أقاله «موغابي» مطلع هذا الشهر فى خطوة أثارت تدخل الجيش منتصف الأسبوع.

وفي مشاهد لا يمكن تصورها قبل أسبوع واحد فقط، وجه مندوبو حزب «زانو» الـ200 المعتمدين إعلانا تم بموجبه منح «موغابى» حتى ظهر الإثنين للاستقالة أو مواجهة الإقالة، وهى نهاية مهينة لمسيرة «الرجل العجوز» الذي كان ينظر إليه في ثمانينيات القرن الماضي في جميع أنحاء القارة كبطل للتحرير ضد الاستعمار.

حتى في الغرب، كان «موغابي» مشهورا في سنواته الأولى بأنه العقل المدبر لحرب العصابات التي أنهت الهيمنة الغربية على بلاده.

ومع انهيار الاقتصاد، وازدياد المعارضة السياسية لحكمه في أواخر التسعينيات، استولى «موغابى» على آلاف المزارع المملوكة للبيض، واحتجز المعارضين، وأطلق العنان لقوات الأمن لسحق المعارضة.

رصاصة الرحمة.. و«G40» ينهار

وعندما أعلن حزب «زانو» نتائج التصويت الأحد بإزاحة «موغابي» وتولي نائبه السابق زعامة الحزب، هتف زعيم المعارضين السابق «كريس موتسفانغوا»، الذي سبق وقاد حملة سياسية ضخمة مدتها 18 شهرا لإزاحة «موغابي» ووصفه علنا بأنه «ديكتاتور»: «لقد ذهب الرئيس.. عاش الرئيس الجديد»، واحتضن رفاقه بسعادة.

وتعد إزاحة «موغابي» من زعامة حزبه الذي يتكئ عليه رصاصة الرحمة على آماله في التشبث بكرسي الرئاسة الذي لازمه نحو 4 عقود من الزمان.

وينظر سياسيون إلى زوجة «موغابى» البالغة من العمر 52 عاما «غريس» بأنها سبب الأزمة التي أطاحت بزوجها عن سدة الحكم، إذ تسببت طموحاتها في تولي الرئاسة خلفا لزوجها في الإطاحة بوزراء سابقين ورجال مخلصين له، ما فجر تلك الأزمة، وانتهت بطرد مهين لـ«موغابي» بالإضافة إلى ثلاثة وزراء على الأقل كانوا يشكلون العمود الفقري لجناحها السياسي داخل الحزب المعروف اختصارا باسم «G40».

وكشف مسؤول في حزب «زانو» الحاكم في زيمبابوي عن المصير المتوقع لزوجة «موغابي»، قائلا إن«غريس»، ستحاكم إلى جانب عدد آخر من المسؤولين بتهمة نشر الكراهية وتعزيز الانقسام والاضطلاع بأدوار وسلطات لم تخوّل إليها، كما تم إبعادها كرئيسة لرابطة السيدات.

سعادة المعارضين.. والتمساح يستعد

وفى حديثه قبل الاجتماع، قال «موتسفانغوا» إن «موغابي» الذي قاوم دعوات الانسحاب من منصبه، لم يعد قادرا على التفاوض بشأن رحيله، وإنه يجب أن يغادر البلاد في الوقت الذي يستطيع فيه ذلك، وقال «إنه يحاول المساومة من أجل الخروج بكرامة».

وقال «موتسفانغوا» للصحفيين: «إذا رفض موغابى الرحيل فإننا سنحشد الحشود في الشوارع وسوف يقومون بعملهم».

وتقول وكالات الأنباء إن «موغابي» ظل حبيسا قيد الإقامة الجبرية في مجمعه «بلو روف» الفخم، يشاهد الدعم الذي كان ينتظره من حزبه، والأجهزة الأمنية والناس تتبخر.

ومن المتوقع أن يرأس «منانغاغوا»، الشهير باسم «التمساح» وهو رئيس سابق لأمن الدولة، حكومة وحدة مؤقتة لمرحلة ستركز على إعادة بناء العلاقات مع العالم الخارجي وتحقيق استقرار اقتصادي، وذلك حتى إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة فى عام 2018.

قشرة الديمقراطية.. الآلاف بالشوارع

ويوم السبت، غصت شوارع العاصمة الزيمبابوية هراري بمئات الآلاف الذين انخرطوا في الغناء والرقص والتعانق مع الجنود الموجودين في الشوارع لتنفيذ الانقلاب والإطاحة المتوقعة بـ«موغابي».

كما ركض رجال ونساء وأطفال إلى جانب السيارات المدرعة والقوات التى تدخلت فى استهداف من وصفهم الجيش بـ«المجرمين» فى الدائرة الداخلية لـ«موغابي».

في شوارع هراري، يبدو أن القليلين كانوا يهتمون بالضمانات القانونية، حيث كانوا يبشرون بـ«تحرير ثان» وتحدثوا عن أحلامهم من أجل التغيير السياسي والاقتصادي بعد عقدين من تعميق القمع والمشقة.

وأعطت الحشود الضخمة في هراري قشرة شبه ديموقراطية لتدخل الجيش، مؤيدة تأكيدها بأنه مجرد نقل دستوري للسلطة، بدلا من انقلاب عادي، الأمر الذي من شأنه أن يثير رد فعل دبلوماسي.

ومن المحتمل أن يلقى السقوط المذهل لـ«موغابي» موجات صدمة فى جميع أنحاء أفريقيا، حيث يواجه عدد الرؤساء الذين كانوا رجال جيش راسخين كـ«موغابي» ضغوطا متزايدة للتنحي، بينهم «يوري موسيفيني» رئيس أوغندا، و«جوزيف كابيلا» زعيم جمهورية الكونغو الديمقراطية.

  كلمات مفتاحية

موغابي زيمبابوي يتنحى تنحي إقالة الجيش منانغاغوا غريس هاراري

الحزب الحاكم في زيمبابوي يطيح بـ«موغابي» من رئاسته