استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ملاحظات في توصيف المرحلة العربية

الاثنين 20 نوفمبر 2017 06:11 ص

سيولة.. تشوّش.. عدم يقين.. انتقال من حال إلى حال.. انجراف مع التيار.. انزلاق إلى الهاوية.. تغيير مفاهيم ومبادئ وأعراف.. تغيير جلد.. تغيير وجوه.. استخلاصات متنافرة من الماضي.. قراءات متباعدة للحاضر.. ومستقبل غائر في بحر من الغموض.. وتعابير أخرى كثيرة ترِد هنا وهناك، بعفوية أو بعد تأمل، لشرح المرحلة التي يمرّ العرب بها..

وهي لا تشير بالضرورة إلى وجود تيار عربي سائد، واسع ومتماسك، يقف على مسافة واحدة من الأطراف المتنازعة عربياً، أو من الأطراف غير العربية المتنازعة على اقتطاع المنطقة ووراثتها.

كان هذا التيار على الدوام أشبه بصمّام أمانٍ متَخَيَّل يعزّز اقتناعات ممتدّة «من المحيط إلى الخليج» أن ثمة بوصلة عربية لا يمكن تضليلها، مهما تعارضت السياسات والمصالح.. لكنه، للأسف، يُدفع دفعاً إلى الأفول.

لعل الحاصل راهناً يضع العرب جميعاً أمام وهمٍ كانوا يعتقدونه -أو صنعت شوارعهم منه- حقيقة، فهو يقود بوتيرة ثابتة ومتسارعة إلى انهيار رأي عام عربي كان حتى أمس قريب يؤمن أن الشعوب والمجتمعات مفطورة وجدانياً -وحتى جينياً- على التعايش والتلاقي أياً ما تكون خيارات الأنظمة والحكومات أو خلافاتها.

صحيح أن هذا الوهم شهد لحظات من التحقّق كلما تطابقت طموحات الشعوب مع تقاربات الحكام، لكن طبائع الفرقة الراسخة تغلّبت دائماً على التطبّع الوفاقي، ولم تعد كل الروابط العربية الموضوعية لتعني شيئاً، فالمناشدات لـ «التضامن» غدت الحد الأقصى للتعويض عن سقوط «الوحدة» التي استهلكت عقوداً قبل الاعتراف بأنها غير واقعية.

ولم يُستنبط بعد أي مصطلح لتعويض سقوط «التضامن»، فالجامعة العربية قد تكون التجمّع الإقليمي الوحيد الذي يلتئم أعضاؤه، وهم يعرفون مسبقاً أنهم لن يلتزموا ما يُجمعون عليه بالنسبة إلى أيٍّ من قضاياهم التي يعتبرونها مصيرية.

ليس هناك أكثر مصيرية -بكل معنى الكلمة- مما شهده العرب طوال الأعوام الأخيرة، بل ما يعيشونه الآن..

فالطموحات الكبرى، «العروبية»، أو «القومية»، أو حتى «الإسلامية»، على مستوى الأمة ولّى زمنها، لتحلّ محلّها طموحات أدنى: مجرّد البقاء ولو في قوارب الموت، خيمة لجوء باتت بديلاً من الوطن، انتظار مساعدات إنسانية يقع جلّها في أيدي المتاجرين بقوت المحتاجين..

وعندما آلت الثورات والانتفاضات الشعبية—المتوقّعة والضرورية—إلى خيبات أمل، مثلها مثل الثورات المضادة، فهذا لم يعنِ سوى أن العقود الماضية أنتج فيها الظلم والقهر والقمع أزمات وجود وانتماء وهوية، مفخّخاً التعايش والوحدة الوطنيين، وراكم فشلاً عميقاً في بناء الدولة والمؤسسات.

كانت الأنظمة والحكومات قنوات تبعيّة ناظمة للتدخلات الخارجية، فيما هي تتغنّى بالاستقلال والسيادة، وحين سقطت أُسقطت معها كل الشرعيات، وصارت التدخّلات مباشرةً وعلنية، وبالغة الوقاحة.

المؤكّد أن عموم المنطقة العربية دخل نفق مرحلة انتقالية مجهولة النهاية.. ولا أحد يغامر بتصوّر الوضع الذي ستكون عليه، ذاك أن الدول التي نُكبت بحروبها وبالإرهاب الذي غزاها تعاني استحالة بقائها موحّدة، واستحالة تقسيمها في آن!

فأصبحت تحت رحمة المتدخّلين وعملائهم، والدول التي حاولت وتحاول الخروج من النفق وجدت أنها قد تحتاج إلى عقود لتسترجع شيئاً من الاستقرار. والدول التي نجت من الحروب والإرهاب باتت صراعاتها تستنزف ثرواتها، وتهدّد استقرارها الأمني والاقتصادي.

هذه ملامح أمة لا تزال في اختبار التشظّي، ويصعب الحديث عن مستقبل مشترك لها.

* عبد الوهاب بدرخان كاتب صحفي لبناني

  كلمات مفتاحية

الأمة العربية التدخلات الخارجية سقوط الأنظمة الإرهاب الخليج العرب الربيع العربي