لماذا لا يعزز النفط الرخيص فرص النمو الآسيوي؟

الاثنين 19 يناير 2015 05:01 ص

ينظر إلى الهبوط الحاد في أسعار الطاقة على أنه عامل إيجابي في دفع معظم الأسواق الآسيوية لكنه هذه المرة لم يوقف نزيف صناديق الاستثمار أو يرفع توقعات النمو كثيراً. 

فقد سحب المستثمرون خلال الأسبوع الماضي من الأسواق الآسيوية المطلة على الهادي أكثر من ملياري دولار كانت تتركز في صناديق مدرجة أو صناديق تبادلية. وتم ذلك رغم هبوط أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2009 وعلى مدى سبعة أسابيع متتالية، وهي الخطوة التي نظر إليها على أنها عامل دفع للأسواق الآسيوية التي تعتبر أغلبيتها دولا مستوردة للنفط.

ويبدو أنها فعلاً مفيدة لآسيا لكن ليس بالقدر المتوقع أو أنها لا تمارس تأثيراً مباشراً تظهر آثاره على نحو فوري.

ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، يشكل النفط بما فيه بنزين السيارات 6% من متوسط إنفاق المستهلك عموماً و12% من استهلاك العشرين في المئة الأشد فقراً من المستهلكين الأمريكيين. ويقدر بنك "سوسيته جنرال" الوفر الذي تحققه الأسرة الأمريكية جراء هبوط أسعار النفط بنحو 700 دولار سنوياً.

وهذا عامل تنشيط مباشر للإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة، ولكنه لا ينطبق على المستهلك في آسيا لأن استخدام السيارات ليس بنفس المعدلات . وهذا يعني أن الوفر لن يصب مباشرة في مصلحة الإنفاق الاستهلاكي.

ومن الأمثلة المفيدة في هذا المجال إندونيسيا التي تمكنت من خفض دعمها لمشتقات الوقود بنسبة 2% من ناتجها الإجمالي المحلي لمصلحة الميزانية وسوف تحول تلك المبالغ أو جلّها للإنفاق على مشاريع البنى الأساسية . ورغم أن هذايمثل عاملاً إيجابياً للاقتصاد الإندونيسي على المدى البعيد لكن أثره لن يظهر على المستهلكين بشكل مباشر.

يتفق تحليل بنك "إتش إس بي سي" مع هذا الرأي حيث يقول إنه في الهند وماليزيا وإندونيسيا وحتى تايلاند، وإن بدرجة أقل، لم تنعكس عمليات خفض الدعم الحكومي لمشتقات النفط فائدة مباشرة للقدرة الشرائية للمستهلكين كما يفترض الهبوط الحاد في أسعار النفط عالمياً. وتوقع تقرير البنك أن يوجه الفائض أو الوفر لتمويل مشاريع البنى الأساسية من دون أن يعزز معدلات النمو بشكل فوري. 

ويرى البنك أن انخفاض اسعار النفط والسلع الاستراتيجية ليس في مصلحة كامل دول آسيا . ففي الوقت الذي تستفيد دول جنوب شرق آسيا وحتى استراليا ونيوزيلندا من هبوط أسعار النفط الخام تتضرر الدول التي تعتمد ميزانياتها بشكل أساسي على الموارد الطبيعية ما يعرقل النمو بشكل كبير.

فالقسم الأكبر من مشاريع البنى التحتية الماليزية يمول من عائدات النفط ما يعرض تلك المشاريع لشح التمويل خاصة إذا أضفنا إليها تراجع أسعار المطاط وزيت النخيل.

يبقى أن نشير إلى أن هبوط اسعار النفط رغم تأثيره الايجابي في الدول المستوردة لن ينفع الأسواق الآسيوية لأنه سيؤثر سلباً في أرباح الشركات. ويقول خبراء بنك "غولدمان ساكس" إن دول آسيا تستورد النفط لكن قطاع الطاقة والمواد الأولية يشكل 15 بالمائة من الأرباح على مؤشرات أسواق الأسهم الرئيسية عدا اليابان.

وهذا يعني أن تأثير أسعار النفط المنخفضة سوف يظهر على القطاعات الأخرى بشكل محدود. وقد خفض البنك توقعات الأرباح في تلك المؤشرات لهذا العام بنسبة 2% رغم أنه رفع توقعاته لعام 2016 إلى 11 بالمائة.

وأخيراً، صحيح أن الشركات في دول مثل اليابان والصين وكوريا الشمالية سوف تحقق مكاسب مباشرة من تدني أسعار النفط، لكن تلك المكاسب لن تصب مباشرة في جيوب الموظفين لتتحول إلى قدرة شرائية وحركة استهلاكية أو حتى استثمارات مباشرة تحرك عجلة النمو الاقتصادي بالسرعة القصوى.

 

المصدر | ليزلي شيفر، سي إن بي سي

  كلمات مفتاحية

انخفاض أسعار النفط الاستهلاك الاستثمار الاقتصادات الآسيوية

هل ينخر النفط الرخيص عظام النظام المالي العالمي؟