الدعم السعودي لعرب الأحواز.. هل يشكل خطرا على إيران؟

الأربعاء 22 نوفمبر 2017 12:11 م

منذ عام 1979، سعى النظام الإيراني إلى تقديم نفسه كمدافع عن العرب الشيعة المضطهدين في الشرق الأوسط. غير أنه من غير المفاجئ أن منطقة واحدة من العالم العربي لا تروج فيها إيران للمقاومة الشيعية المهمشة ضد السلطات، هي خوزستان (المعروفة أيضا باسم عربستان). وتعد هذه المقاطعة الإيرانية الغنية بالموارد، التي لا تزال تعاني من نقص في الخدمات، والتي تقع على حدود محافظة البصرة في العراق، موطنا لنحو مليوني إيراني عربي، يشار إليهم عادة بالعرب الأحواز، وكذلك تحتوي على أكثر من 90% من الطاقة النفطية الإيرانية.

ويواجه العرب الأحواز في خوزستان مظالم عدة، تتمثل في القمع والتمييز والتهميش والمخاطر البيئية والفقر، تحت الحكم الفارسي الإيراني. وعلى الرغم من أن المسؤولين في طهران ينكرون مثل هذه الانتهاكات، إلا أن «منظمة العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش» والمنظمات الأخرى التي توثق قمع جماعات الأقليات وجدت أن شكاوى العرب الأحواز مشروعة.

وبعد أن مارست درجات مختلفة من الحكم الذاتي طوال تاريخ إيران قبل عام 1979، تحلم شرائح من السكان العرب الإيرانيين بإنشاء دولة عربية أحوازية مستقلة وغنية بالنفط جنوب غرب إيران، وتشمل الحركات الانفصالية في خوزستان فصائل مسلحة، مثل حزب النهضة العربي، وأحزاب أخرى غير عنيفة. ومنذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما وقعت سلسلة من التفجيرات عبر خوزستان، ازدادت حدة الاحتكاكات بين الدولة الإيرانية والانفصاليين العرب الأحواز.

وفي عام 2011، أدت ثورة شعبية في الأحواز، استلهمت حركتها من انتفاضات الربيع العربي، إلى قتل قوات الأمن لـ15 عربيا أحوازيا كانوا يتظاهرون ضد النظام الإيراني، وفي عام 2015، أشعل «يونس عساكرة»، بائع شارع من منطقة خرمشهر، في نفسه النار، احتجاجا على الظلم في خوزستان، ما أشعل بدوره سلسلة من الاحتجاجات في جميع أنحاء المحافظة. وفي جنازة عساكرة، أعرب العديد من الحضور عن شكاواهم ضد الجمهورية الإسلامية، مما أدى إلى حملة قمع وسلسلة من الاعتقالات. وفى وقت سابق من هذا العام، خرج المتظاهرون المناهضون للحكومة إلى شوارع خوزستان بعد أن تعرضت 11 من مدن المقاطعة لانقطاع التيار الكهربائي وسط عاصفة ترابية، وانتهت في النهاية إلى أعمال شغب.

ومما لا شك فيه، لا ينتهج غالبية العرب الأحواز العنف، ولا يرغبون في أن يتصاعد الاضطراب في خوزستان كما هو الحال في أجزاء أخرى كثيرة من الشرق الأوسط. ومع ذلك، منذ منتصف أو أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قامت جماعات متمردة انفصالية عربية مسلحة، مثل «حركة النضال العربي لتحرير الأحواز»، بالعديد من الهجمات على البنية التحتية للطاقة والمباني الحكومية وقوات الأمن في خوزستان.

في حين أن معظم العرب الإيرانيين في خوزستان يمارسون الإسلام الشيعي، تكشف الاضطرابات العنيفة في هذه المقاطعة أن الأمر يمثل نزاعا عرقيا إلى حد كبير. وفي مباريات كرة القدم الدولية التي تضم دول «مجلس التعاون الخليجي»، هتف بعض العرب الأحواز بشعارات ضد حكومتهم، الأمر الذي يظهر قوميتهم العربية، لأنهم يظهرون الدعم للفرق الزائرة من دول الخليج العربي. وقد أعرب بعض العرب الإيرانيين عن تضامنهم مع التحالف العربي بقيادة السعودية، الذي يقاتل المتمردين الحوثيين المتحالفين مع طهران، وكذلك المتمردين السنة، الذين يقاتلون النظام السوري المدعوم من إيران. وبهذه الطريقة، أظهروا دعمهم للجهود السعودية لاحتواء توسع النفوذ الإيراني في هذين البلدين العربيين، رغم الأغلبية السنية في البلدين.

العلاقات مع الأنظمة العربية

يرتبط سكان هذه المقاطعة الإيرانية قبليا وثقافيا وعرقيا بقطاعات من السكان العرب في العراق. وقد سعى «صدام حسين»، الذي دافع لفترة طويلة عن قضايا عربية مختلفة، إلى تحويل الأقلية العربية الإيرانية ضد الجمهورية الإسلامية، خلال الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988). لكنه لم ينجح في ذلك لأن أهالي خوزستان وقفوا إلى جانب حكومتهم، وقاتل كثير منهم بشجاعة ضد القوات العراقية.

وعلى الرغم من هذا التاريخ من الولاء من قبل العرب الأحواز، إلا أنه كلما تصاعدت الحروب بالوكالة بين السعودية وإيران في لبنان واليمن، فإن المسؤولين الإيرانيين يلقون باللوم في العنف في خوزستان على «مجلس التعاون الخليجي»، وبالأخص السعودية والإمارات. وفي عام 2013، أعلنت «حركة النضال العربي لتحرير الأحواز» مسؤوليتها عن الهجوم على خط أنابيب الغاز الذي يربط شاديان بساربندر، وهو ما يمثل الهجوم السادس للمجموعة في ذلك العام، وجاء بعد أيام من إعلان وسائل الإعلام الإيرانية المملوكة للدولة أن أعضاء المجموعة، التي ادعت أنهم نفذوا هجمات في شوش وهفت تبه عام 2012، كانوا يتلقون الدعم المالي والتدريب من دبي.

ولا تزال الأسئلة التي لم يتم الإجابة عليها حتى الآن حول مقتل مؤسس الحركة، «مولى نيسي»، هذا الشهر في لاهاي، توضح مخاوف طهران المتزايدة بشأن جهود الرياض لدعم الحركات الانفصالية العربية في خوزستان. وكان «نيسي»، الذي قال لرويترز، في يوليو/تموز، أن حركته تسعى إلى «تحرير أراضي الأحواز والشعب الأحوازي من الاحتلال الإيراني»، يستعد لإنشاء محطة تلفزيونية تمولها السعودية تستهدف الأقلية العربية الإيرانية.

وقد تزايدت مخاوف إيران بعد أن أعلن ولي العهد السعودي، الأمير «محمد بن سلمان»، الحاكم الفعلي للمملكة، في مايو/أيار الماضي، أن المعركة بين السعودية وإيران ستتحول إلى «داخل إيران وليس السعودية». كما أعربت إدارة «دونالد ترامب» دعمها لتغيير النظام في طهران. ومن المرجح أن تنظر السلطات الإيرانية ليس فقط إلى خوزستان، ولكن أيضا إلى سيستان وبلوشستان وكردستان وغرب وشرق أذربيجان، ومقاطعات زنجان، وهي المناطق التي قد يتم استغلال خصومتها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في إثارة التوترات العرقية الطائفية. ومن شأن تفاقم حالة عدم الاستقرار في خوزستان أن يشكل تهديدا خطيرا للصادرات النفطية الإيرانية، وبالتالي التأثير على اقتصاد البلد بأسره.

وتقابل خوزستان في إيران المنطقة الشرقية في السعودية، بمعنى أن المقاطعات الغنية بالنفط هي موطن الأقليات الإثنية أو الدينية المهمشة، التي تشكو من القمع والتمييز من قبل الدولة. ويعيش العرب في خوزستان والشيعة في المنطقة الشرقية في المملكة فوق أغلبية احتياطي بلدانهم من النفط، ولكنهم لم يجنوا ثمار هذه الثروة البترولية. وبدون معالجة طهران بشكل هادف للظروف في خوزستان، التي تساعد ترويج الانفصاليين المتشددين لمفهوم مقاومة «الاحتلال الإيراني»، من المرجح أن تستمر السعودية في استغلال المظالم المحلية لأجل مصالحها.

السياسة الأمريكية

يعني احتمال قيام حرب بالوكالة بين السعودية وإيران في خوزستان، وتغذية المزيد من أعمال العنف هناك، مزيدا من الرهانات بالنسبة لواشنطن، بسبب الخلاف فيما حول السياسة الخارجية للرياض. ويرغب «ترامب» وبعض مستشاريه في تبني سياسة خارجية تعتمد على مواجهة نفوذ إيران من خلال إعطاء الرياض المزيد من الحرية في مواجهة طهران. لكن آخرين يرون أن السياسة الخارجية لـ«محمد بن سلمان» مزعزعة للاستقرار، ويعتقدون أن بعض الضغوط المتواضعة، مثل تلك التي وضعها «باراك أوباما» على الرياض، قد تحتوي مرة أخرى أكثر الجوانب المفرطة في السياسة الخارجية السعودية.

وإذا ما بدأ السعوديون في رعاية جماعات المتمردين في خوزستان بشكل أكثر انفتاحا، فسيتعين على المسؤولين الأمريكيين النظر في الطريقة التي تنظر بها طهران إلى تواطؤ واشنطن. ومن شأن مثل هذا التطور أن يثير شبح تحدي إيران للمصالح الأمريكية في المنطقة بشكل أكثر حدة، من خلال وكلائها الذين هددوا البحرية الأمريكية والعسكريين الآخرين في «مجلس التعاون الخليجي». ومع تجمع المزيد من الوكلاء وراء علم إيران، من المرجح أن تصعد طهران لعبتها في مناطق أخرى من العالم العربي، مثل العراق أو سوريا أو البحرين.

وفي ظل مثل هذه الظروف، إذا عاود تنظيم «الدولة الإسلامية» الظهور في أجزاء من العراق أو سوريا، حيث فقد الكثير من الأراضي مؤخرا، فإن واشنطن ستواجه صعوبة في إحياء تعاونها غير الرسمي مع طهران في مثل تلك الأمور.

  كلمات مفتاحية

الأحواز خوزستان السعودية إيران ترامب

«الأحواز»: القصة الكاملة لمعاناة إقليم عربي في قلب بلاد فارس