من «العمرة» إلى «التبغ».. الغلاء يحاصر المصريين في الحسنات والسيئات

الأربعاء 22 نوفمبر 2017 05:11 ص

بشكل متزامن تقريبا، وافق مجلس النواب المصري (البرلمان) على زيادة جديدة في أسعار التبغ، في الوقت الذي كشفت مصادر سياحية أن أسعار الحج والعمرة هذا الموسم (بدءا بعمرة المولد النبوي الشريف) ستشهد زيادة في الأسعار، بنسبة 5% تقريبا، وذلك على وقع فرض السلطات السعودية ضريبة القيمة المضافة على الفنادق والسياحة.

وما بين غلاء بقرارات الداخل أو ضرائب الخارج، تندر المصريون على حصار الغلاء المفروض على طلاب الحسنات من باب الحج العمرة، أو الواقعين في براثن السيئات من مزالق تدخين السجائر والشيشة، وذلك في ظل مخاوف متنامية من زيادات مرتقبة في أسعار الوقود، ووسائل المواصلات، ومختلف السلع الأخرى.

ونتيجة لتلك الزيادات في الأسعار، توقع خبراء في قطاع السياحة أن تنخفض أعداد المعتمرين المصريين خلال الفترة المقبلة، وفي المقابل توقع خبراء التجارة أن تقل كميات تدخين السجائر تحت وطأة ارتفاع أسعارها وموجة الغلاء التي تضرب بقية مناحي الحياة، وهو ما تندر عليه مصريون بالقول: «طيب الحسنات غليت.. والسيئات غليت.. نعمل إيه؟».

القيمة المضافة ترفع الأسعار

وفي تصريحات منشورة في الصحف المصرية، الأربعاء، قال المدير العام لفندق زمزم بولمان المدينة بالسعودية «أشرف مدكور» إن «تطبيق ضريبة القيمة المضافة بالمملكة، سيرفع أسعار كل من الغرف الفندقية، وتذاكر الطيران بنسبة 5%، وهو ما يعني زيادة أسعار برامج الحج والعمرة التي تنفذها الشركات بنفس النسبة تقريبا»، وتحتل مصر المرتبة الأولى بين الدول الإسلامية في أعداد المعتمرين.

وتوقع «مدكور» في تصريحات نشرتها صحيفة «الشروق» المصرية، أن تنخفض أعداد المعتمرين المصريين كنتيجة لزيادة أسعار الفنادق وتذاكر الطيران، فضلا عن الزيادة التي شهدتها أسعار البرامج العام الماضي، عقب تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، في إطار برنامج إصلاح اقتصادي تقوم به مصر.

وأعلنت الهيئة العامة للزكاة والدخل بالمملكة، بدء تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، والمطبقة بالفعل في أغلب دول العالم؛ وذلك لزيادة إيرادات خزينة المملكة والموازنة العامة، وأن قيمة الضريبة تتفاوت من سلعة إلى أخرى، معلنة أن أغلب السلع والخدمات المتداولة، سيتم تطبيق الضريبة عليها بنسبة 5% كضريبة قيمة مضافة، وأنه يوجد بعض السلع والخدمات ستكون معفاة من هذه الضريبة.

وضريبة القيمة المضافة هي ضريبة غير مباشرة تفرض على جميع السلع والخدمات التي يتم شراؤها وبيعها من قبل المنشآت، بما في ذلك تأجير الفنادق والوحدات السكنية المفروشة والاستراحات.

ولأول مرة هذا العام، تبدأ المملكة العربية السعودية موسم العمرة مبكرا ليبدأ في 14 محرم بدلا من شهر صفر كما كان معتادا من قبل، لكن وزارة السياحة المصرية لم تحدد حتى الآن ضوابط العمرة لهذا الموسم، وتتخوف شركات السياحة من أن تحدد الوزارة الموسم بثلاثة أشهر فقط هي رجب، وشعبان، ورمضان كما حدث في العام الماضي.

وقال «مدكور» إن شهري شعبان، ورمضان ترتفع فيه أسعار الفنادق في مكة، والمدينة مقارنة بباقي شهور السنة بنحو 10%، بسبب إقبال المعتمرين الكبير من كل مسلمي العالم.

وتنتظر شركات السياحة المصرية رد وزير السياحة اليوم على المطالب التي رفعوها لـ«نادر الببلاوي»، رئيس لجنة تيسير الأعمال بغرفة شركات السياحة، والتي طالبوا فيها بإعداد ضوابط الموسم لهذا العام، وعدم قصرها على ثلاثة أشهر، نظرا لأن هذه المدة تشهد زيادة أسعار مبالغ فيها نظرا لتكدس الأعداد من مختلف الدول الإسلامية، وأكدت الشركات في مطلبها أنه لا داعي لتحديد مدة العمرة بعد اتخاذ قرار تحرير الصرف.

4 جنيهات زيادة بالسجائر

«القيمة المضافة» رفعت الأسعار أيضا هذه المرة، ولكن مصريا بقرار من الحكومة، فبعد موافقة البرلمان المصري، ناقش مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأسبوعي، الأربعاء، تقريرا حول موافقة مجلس النواب على زيادة ضريبة السجائر والتبغ، لرفع القرار للرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» لإصداره، وبدء العمل به بعد تصديق الرئيس عليه، ونشره بالجريدة الرسمية.

من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة الشركة الشرقية للدخان «إيسترن كومباني» أنه سيتم إقرار الزيادة الجديدة في أسعار السجائر غدا الخميس.

وأشار المحاسب «محمد عثمان هارون» أن الزيادة ستتراوح من جنيه ونصف إلى 4 جنيهات كحد أقصى للعلبة، لافتا أن القرار المتوقع صدوره غدا سيحدد شرائح واضحة لزيادة الأسعار بحيث لا تترك الأمور للشركات للزيادة حسب رؤيتها، وذلك حرصا على المستهلك، بحسب ما نقلته صحيفة «اليوم السابع».

تذاكر المترو تتضاعف

ويعيش الشارع المصري على ترقب زيادة جديدة في أسعار تذاكر مترو الأنفاق التي تعد وسيلة المواصلات الأكثر شعبية في العاصمة المصرية، وبعد أن تضاعفت أسعار تذاكر مترو الأنفاق هذا العام، يتوقع المصريون أن تتضاعف من جديد مع نهاية هذا العام.

وقال المتحدث باسم الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق «أحمد عبدالهادي» إن ما يقال حول الزيادة الجديدة في أسعار التذاكر سابق لأوانه، مشيرا إلى أن زيادة الأسعار لن تكون قبل الانتهاء من تركيب بوابات الكارت الذكي الجديدة، بمحطات الخطين الأول والثاني لمترو الأنفاق، وهو ما توقع الانتهاء منه قبل نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وأوضح المتحدث باسم الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق، أن هذه الماكينات سوف توفر لنا ميزة إدخال التذكرة حسب المراحل والمحطات المختلفة، بحيث يتم تقسيم سعر التذكرة إلى نظام محطات، ويكون كل عدد معين من المحطات بسعر مختلف.

وقد تم الانتهاء من تركيب 70 ماكينة تذاكر جديدة تقريبا، من إجمالي 100 ماكينة تم توريدهم، وفق العقد المبرم بين الهيئة القومية للأنفاق، وشركة تاليس الفرنسية، والذي ينص على توريد 850 ماكينة تذاكر جديدة، بتكلفة 160 مليون جنيه، كما أنه جار الانتهاء من تركيب ما تبقى بالخط الأول «حلوان / المرج» في إطار خطة وزارة النقل لتغيير جميع ماكينات تذاكر الخط.

وشهد شهر مارس/آذار الماضي، رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق وشملت الزيادة الجديدة رفع سعر التذكرة العادية إلى 2 جنيه، والمخفضة إلى جنيه ونصف، وجنيه واحد لأصحاب الحالات الخاصة وذوي الاحتياجات، بعد أن كانت الأسعار السابق نصف المعمول بها حاليا.

وينظر المصريون الذين اعتادوا الاعتماد على مترو الأنفاق قضاء احتياجاتهم اليومية بدلا من شوارع العاصمة المكدسة بترقب إلى تقارير إعلامية تؤكد أن تذكرة المترو ستصل في بعض الأحيان إلى 4.5 جنيه لمن يستقل المترو لعدد كبير من المحطات.

وعادة ما يصاحب تحريك أسعار تذاكر المترو ارتفاع في أسعار المواصلات غير الحكومية في شوارع العاصمة أيضا، إذ يستغل سائقو سيارات الأجرة هجرة المواطنين من المترو في تحقيق مكاسب إضافية.

الوقود على الطريق!

وبخلاف المترو، لا يثق مواطنون في تأكيدات الحكومة أنه لن تكون هناك زيادات في أسعار الوقود خلال العام المالي الجاري الذي ينتهي أواخر يونيو/حزيران المقبل، خاصة في ظل تصريحات متضاربة تتحدث عن أن ارتفاع أسعار النفط العالمي قد يكون خارج إطار استعدادات موازنة الحكومة لدعم أسعار المحروقات، وهو ما يعني تحميل الزيادة على أسعار الوقود في السوق، ويؤدي ارتفاع أسعار الوقود إلى إحداث موجة من الغلاء في سائر السلع.

وتنظر الحكومة المصرية للارتفاعات المتتالية لأسعار النفط العالمية على أنها سيكون لها «تأثير سلبي على فاتورة الدعم»، ما يؤدي إلى بلوغها أعلى مستوياتها في عامين، مع تزايد التكهنات بتأثير سلبي على الموازنة العامة للبلاد التي تعاني بالفعل عجزا متزايدا، أضف إلى ذلك مطالبات صندوق النقد للحكومة المصرية برفع الأسعار قبل 30 يونيو/حزيران المقبل، وهو ما يعني العودة لمنهج الحكومة المتكرر خلال الفترة الماضية برفع الوقود مرتين كل عام في نهاية ديسمبر/كانون الأول، وفي نهاية يونيو/حزيران.

ويحوم «خام برنت» القياسي حاليا، بين مستويات 60 إلى 65 دولارا للبرميل، مقابل نحو 29 دولارا في مطلع 2016، في حين يقدر مشروع الموازنة العامة لعام 2017/2018 سعر البرميل عند 55 دولارا.

وتبدأ السنة المالية في مصر، مطلع يوليو/تموز من كل عام، حتى نهاية يونيو/حزيران من العام التالي له، بحسب قانون الموازنة العامة.

وكل زيادة فى سعر برميل «خام برنت» بقيمة دولار واحد خلال العام، ترفع قيمة دعم المواد البترولية بنحو ثلاثة مليارات جنيه.

ويوصي الصندوق بتنفيذ زيادة ثالثة، بعد رفع أسعار الوقود مرتين في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 ويونيو/حزيران 2017.

ويمثل دعم المواد البترولية في مصر الفارق بين تكلفة تدبير المنتجات وسعر بيعها في السوق المحلي.

ويشرف «صندوق النقد الدولي» على برنامج اقتصادي وافقت عليه الحكومة المصرية للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، ويجري الصندوق في سياق ذلك الاتفاق، مراجعة شاملة لوضع الاقتصاد المصري من حين لآخر.

لكن تلك الإجراءات كان لها تأثيرات سلبية بشكل كبير على المواطنين، ورفعت من نسبة الفقر بشكل ملحوظ، وأدت إلى ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية، وحدوث موجة طاحنة من الغلاء وارتفاع الأسعار، وسط حالة من السخط في الشارع المصري.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

غلاء أسعار الحج العمرة المترو الوقود الطاقة النفط الحسنات السيئات