استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«سياسة الانتظار» أردنيًا

الأحد 26 نوفمبر 2017 06:11 ص

تتمثل الفلسفة التي تحكم منظور "مطبخ القرار" الأردني اليوم، باختصار، بكلمة واحدة، ربما تختزن كمًّا كبيرًا من المقدمات والنتائج والخلاصات والنقاشات، وهي "سياسة الانتظار"، السياسة المتوقع أن تتراوح بين عام وعامين.

فما تزال الملفات الإقليمية المحيطة، سواء في العراق وسورية أو ما يطرح عن التسوية السلمية، أو حالة النظام الإقليمي العربي اليوم والأزمة الداخلية، كلّها، في مرحلة انتقالية، وفي لحظة ملتبسة، ولا توجد مصلحة حيوية للأردن لكي يكون في "الخطوط الأمامية" في ما يحدث.

هنالك إدارة أميركية اليوم غير مستقرة، وليست تقليدية. وللمرّة الأولى يتم التعامل مع أكثر من "مطبخ قرار" في واشنطن، وآراء متضاربة ومتناقضة، ما يستدعي الانتظار والتريّث لمعرفة إلى أين تسير الأمور هناك، وما هي الصيغة أو العقيدة التي ستنضج مع الإدارة الجديدة، وذلك يتطلب ما بين عام وعامين، فهنالك تذبذب وعدم استقرار واضح في سلوك هذه الإدارة تجاه المنطقة.

على صعيد الموقف الإقليمي، ما يزال الوضع يتطلب مزيدًا من الوضوح، ففي سورية هنالك مؤشراتٌ على تسوية سياسية ممكنة، نظريًا، لكن أمامها، عمليًا، عقد ومشكلات عديدة، مرتبطة بالأجندات الإقليمية والوضع المحلي. وبدلًا من أن يكون الحديث مقتصرًا على "عقدة الأسد"، أصبح اليوم هناك أيضًا "عقدة الموقف الإيراني".

ولا تختلف الحال في العراق، فما تزال مؤشرات الصراع والمخاض قائمة، على أكثر من صعيد، العلاقة بين رئيس الوزراء، حيدر العبادي وإيران والانتخابات القادمة وخطورة عودة رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، وملف الأكراد، وارتباطه بالأمن الإقليمي.

الملفان العراقي والسوري مرتبطان، بالضرورة، بالأمن الوطني الأردني بصورة كبيرة، وبمصالح عمّان الاقتصادية المتضرّرة أيضًا، لكن الخطوات الأردنية لا بد أن تكون حذرة، فهنالك اليوم قوة إقليمية مهيمنة، هي إيران، لها نفوذ كبير، ولا يمكن تجاوزها، أو إنكار هذه المتغيرات التي حدثت.

في الوقت نفسه، يؤثر ما تقوم به إيران سلبًا على المصالح الأردنية، بخاصة إشعال النزعة الطائفية وتحويل الدول إلى مليشيات عابرة للحدود. وأي "استدارة أردنية" تجاه إيران ترتبط، على الطرف الآخر، بالعلاقة مع السعودية، والمعروف أنّ هنالك تصعيدًا وتسخينًا في الأزمة السعودية- الإيرانية.

ورغم أنّ الأردن يقع مع السعودية في الخندق نفسه من المصالح المشتركة، ولديه تحالف تاريخي كبير معها، إلاّ أنّ "السعودية الجديدة" اليوم، وفقًا لتوصيف مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، ما تزال تتشكّل، وتضغط على النظام العربي (كما حدث في اجتماع وزراء الخارجية العربية أخيرا في القاهرة) نحو مواقف أكثر صلابة وحديّة مع إيران، وهو المنظور الذي يتعامل معه الأردن بصورة نسبية، ويفضّل أن يكون هنالك تدوير في الزوايا الحادّة، وتفكير متأنٍ في كيفية إدارة الأزمة والصراع مع إيران من جهة.

ومن جهةٍ ثانية، للأردن حدود ممتدة مع العراق وسورية، وأصبحت إيران عمليًا قريبة منه، ولم تعد قوة إقليمية خارجية، بل داخلية. لذلك، ترسيم العلاقة معها وصوغ السياسة الخارجية تجاهها مرتبط بتطور تلك الملفات أولًا، وبمحدّد المصالح الأردنية ثانيًا، وهذه مرتبطة بضرورة فتح الحدود لتحريك عجلة الاقتصاد الراكد.

في الوقت نفسه، لم يعلن بصورة رسمية عن المبادرة الأميركية تجاه التسوية السلمية، لكنّ هنالك أفكارًا طرحها مقرّبون من الرئيس دونالد ترامب، خصوصا صهره جاريد كوشنر، ولا تبدو تلك الأفكار عملية، لكن ما يهم الأردن مرحليًا ألا تكون هنالك مقايضة لأهمية القضية الفلسطينية لصالح ملف إيران الذي يستحوذ على اهتمام ترامب والأنظمة العربية.

ضمن هذه المعطيات والحيثيات، تتمثل قناعة الأردن في أنّ المنطقة تمرّ بمرحلة دقيقة، وانتقالية. ما نزال نعاين انهيار نظام إقليمي قديم، وآخر في طور التشكّل، غير واضح المعالم، ومن الضروري التأني والتريث، إلى أن تتضح الصورة أكثر، لما يمكن أن تؤول إليه العلاقات الإيرانية- الأميركية، تستقر من خلاله رؤية ترامب، وكذا حالة النظام العربي والسياسات الإقليمية الجديدة، ومآلات الأزمة الخليجية والأوضاع الإقليمية المحيطة وموازين القوى.

* د. محمد أبورمان باحث بـ«مركز الدراسات الاستراتيجية» بالجامعة الأردنية 

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

الأردن سياسة الانتظار النظام الإقليمي العربي نوري المالكي حيدر العبادي إدارة أميركية إيران أجندات إقليمية