استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

قليلا من التواضع وفهم التاريخ يا جنرال الإمارات

الأحد 26 نوفمبر 2017 07:11 ص

التواضع مهم جدا ومطلوب، في حال الفرد أو في حال المجموعة، أو حتى في حال الدول، فالتواضع من شيم الكبار والأقوياء ويعكس ثقة بالنفس.

وهذا بالطبع لا ينطبق على قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، فالتواضع ليس من خصالها في ظل الحاكم الفعلي الحالي، مع أن هذا البلد في عهد الوالد المؤسس الشيخ «زايد بن سلطان آل نهيان»، كان التواضع أحد أقوى خصاله إلى جانب موقفه العروبي.

والدافع إلى هذه المقدمة هي المقابلة المصورة التي أجرتها الوكالة الأمريكية «ديفنس أند ايروسبيس»، مع وكيل وزارة الدفاع الإماراتية المساعد الطيار الركن الجنرال «عبدالله محمد الهاشمي»، على هامش معرض دبي للطيران، ومؤتمر قادة الأسلحة الجوية في الإمارات، التي خلت من أي تواضع.

استمعت للمقابلة التي لفتت انتباهي، بعدما ذكرت بعض الوكالات أن المساعد الطيار الركن الجنرال، قال إن الإمارات و(إسرائيل) مثل الإخوة، وهو في الحقيقة لم يضعها في هذا السياق، وكان في هذا القول بعض من التجني على الجنرال الطيار، رغم أنه وقع في مطبات أعمق، وهو يحلل الاستراتيجية الجوية العسكرية لدولة الإمارات العربية «العظمى».

ويبرر التدخل العسكري في اليمن، ويستبعد الحل العسكري مع (إسرائيل) ولا يرى حلا معها إلا عبر طاولة المفاوضات، ويؤكد على أن السلاح الأمريكي الذي ستمتلكه الإمارات لن يشكل تهديدا لـ(إسرائيل).

وعبّر عن إعجابه وحبه الشديد لسيده نائب رئيس دولة الإمارات «محمد بن زايد» إلى حد القول إنه يعبده، وهو في عبادته حر فليعبد من يشاء، رغم أننا بالتأكيد لا نشاطره هذه العبادة.

استمعت بإمعان للمقابلة، ولو لم أستمع إليه بالصوت ولم أره بالصورة لخلته أحد كبار الجنرالات في إحدى الدول العظمى مثل الولايات الولايات المتحدة أو بريطانيا وغيرهما، فقد كان يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، أو لظننته وهو يتحدث عن الاستراتيجية العسكرية لاسيما الجوية باعتباره جنرالا جويا، لدولة الإمارات «العظمى»، الجنرال الإنجليزي «برنارد لو مونتغمري» نفسه ذا التاريخ الطويل في الانتصارات الكبيرة في الحربين العالميتين الأولى والثانية، التي اختتمها بالانتصار على الجنرال الألماني «أيرفين رومل» الذي يلقب بثعلب الصحراء؟ في معركة العلمين في مصر خلال الحرب العالمية الثانية.

أجريت المقابلة مع الجنرال «الهاشمي»، بمناسبة انعقاد مؤتمر قادة الأسلحة الجوية في الإمارات، وطبعا يجب أن تكون دولة الإمارات في وسط أي معمعة دولية لتثبت وجودها، ويجب أن تتفوق على أي دولة أخرى بأطول مبنى وأوسع «مول»، إلى حد أنها بنت نسخة عن متحف اللوفر الفرنسي واستعاروا منه بعض مقتنياته.

وتحدث الجنرال «الهاشمي» عن دور الإمارات «في العالم» لاسيما سلاح الجو الإماراتي فقال: «سلاحنا الجوي يشارك في عمليات حفظ السلام منذ سبعينات القرن الماضي (الإمارات منحت استقلالها في عام 1971)، كنا دوما موجودين مع الأمم المتحدة في كل مكان كان فيه هناك حاجة، وفي بلدان مثل ليبيا والعراق وسوريا.

نحن موجودون مع المجموعة الدولية ونحاول المساعدة وأن نكون شركاء، عندما نتحدث عن اليمن فإن الوضع مختلف، فالخطر جاء إلينا، أرغمنا على التدخل في اليمن دفاعا عن شقيقتنا الكبرى السعودية، ولجلب الرخاء والسلام لليمن الذي هو جزء من مجلس التعاون الخليجي، ونحن ننظر إلى دولة اليمن كشقيقة، وكان المخطط أن تصبح عضوا في مجلس التعاون، وعندما حاول الحوثيون والإيرانيون التدخل وجدنا أنفسنا مضطرين للتدخل للدفاع عن حدودنا الاستراتيجية».

وحقيقة الأمر أن الإمارات لم تكن معنية بالشقيقة الكبرى أو الدفاع عنها ولم يكن يهمها اليمن أو شعبه الذي تشارك في قتله بالآلاف جراء القصف الوحشي، ومن لم يمت من اليمنيين بالقصف مات من الأمراض المتفشية، أو من الجوع الذي يطال الآن السواد الاعظم إن لم يكن مجمل الشعب.

ووجدت الإمارات في ما يسمى التحالف الذي تقوده السعودية ضالتها لوضع اليد على خليج عدن، وهو الخليج الذي تعتبره امتدادا طبيعيا «لأمنها القومي».

بالمناسبة فإن 58% من الإماراتيين هم من أصول آسيوية (جنوب وشرق) و23% من أصول إيرانية و19% فقط محليون، وهي التي قادت الهجوم البرمائي على عدن في عام 2015.

الجنرال الإماراتي لم ير في فلسطين ما يستحق التدخل عسكريا، ويقرر أن المشكلة لا تحل إلا عبر طاولة المفاوضات، ويطمئن (إسرائيل) بأنه ليس ثمة ما تخافه من امتلاك دولة الامارات لطائرات «إف 35» الأمريكية المتطورة.

ويقول المارشال «الهاشمي» في المقابلة: «لا أعتقد أن حصول الإمارات على إف35 يشكل خطرا على (إسرائيل)، إن من يفكر بذلك لا يفهم شيئا» وقد صدق في قوله هذا.

وبما يعكس جهل الجنرال بتاريخ الحروب في منطقته، يضيف: «انظر إلى المشكلة بين فلسطين و(إسرائيل)، فإنه منذ عام 1976 لم تقع أي مواجهات عسكرية بين العرب و(إسرائيل)، ولا أعتقد أن أيا منا يريد أن يدخل في مواجهات عسكرية، وإذا كان هناك حل بين العرب/ فلسطين فإنه سيكون عبر التفاوض».

وهو بقوله هذا إنما يمعن في جهله بتاريخ المنطقة، فأولا أن الحرب التي يتحدث عنها ويعتبرها آخر الحروب وقعت عام 1973 وليس عام 1976، وثانيا لا يعرف الجنرال أو ربما أراد أن يتجاهل أن المنطقة شهدت حروبا عديدة، وقد لا تكون بمستوى الحروب التي قادها أو يطمح بقيادتها، بعد حرب 1973، أو بما لم يدرس في الأكاديميات العسكرية الغربية التي تخرج منها.

إن المنطقة شهدت حربا عام 1982 في لبنان كما شهدت حربا ثانية في لبنان أيضا عام 2006، لتتبعها ثلاث حروب ضد قطاع غزة أعوام 2008 و2012 وأخيرا 2014 التي استمرت51 يوما لتصبح أطول الحروب في المنطقة، ولن نذكر الجنرال بعدد الشهداء والجرحى والدمار الذي ألحقته تلك الحرب.

ويتابع الجنرال: «لا أعتقد (ونحن في هذه النقطة نشاطره الرأي) أننا نشكل تهديدا لـ(إسرائيل)، ولا أعتقد أن (إسرائيل) تشكل تهديدا للإمارات، لدينا خلافات حول تسوية قضية، لكن الأمور لن تصل إلى حد خوض حرب ضد (إسرائيل)، نحن ندرك أننا كما نحن حلفاء للولايات المتحدة، ندرك أيضا أن (إسرائيل) حليف لأمريكا، لدينا أخ أكبر، لن نخوض معارك ضد بعضنا بينما الأخ الأكبر يقول لنا لا تفعلوا ذلك».

لقد أوصل الغرور الجنرال «الهاشمي»، إلى وضع الإمارات على قدم المساواة مع إسرائيل في التحالف مع الولايات المتحدة، وهو ما يعكس جهلا في طبيعة العلاقات بين تل أبيب وواشنطن. ويمعن الجنرال (الهاشمي) في غروره وهو يبرر رغبة الإمارات في امتلاك طائرات إف35 بالقول: «إف35 مهم أن تكون في الإمارات، أو مهم أن تقتنيها الإمارات لأنها حليف استراتيجي للولايات المتحدة.. الإمارات لن تحارب أيا من حلفاء الولايات المتحدة، إننا سنقاتل معا وسنهزم العدو نفسه، سنكون هناك لدعم الأمريكيين، كما حصل في أفغانستان، فالقوات الأمريكية كانت تتقدم تحت الغطاء الجوي الذي يوفره سلاح الجو الإماراتي! وكما قلت نحن لسنا أعداء، الإمارات لا تريد أن تكون صديقا للولايات المتحدة بل نريد أن نكون الصديق الأفضل».

واختتم  الجنرال برد على سؤال حول إيران التي وصفها الصحفي بالقوة الكبرى في المنطقة، التي تحاول أن تفرض أجندتها، والرسالة التي تبعث بها الإمارات للولايات المتحدة في هذا الشأن، إذ قال بابتسامة عريضة «إن الرسالة التي أوجهها للولايات المتحدة هي الاستماع إلى محمد بن زايد عندما يبلغهم بشيء، لأنه هو مرشدنا والحكمة تخرج من هذا الرجل، ونحن نسير على خطاه، بل في الحقيقة نحن نعبده»، ولا تعليق سوى رحم الله امرءا عرف قدر نفسه.

* علي الصالح كاتب فلسطيني

  كلمات مفتاحية

أبوظبي الجنرال عبد الله محمد الهاشمي التدخل العسكري في اليمن محمد بن زايد إسرائيل طائرات إف35 الولايات المتحدة