«هآرتس»: مصر تتحول إلى أفغانستان أخرى.. حيث الحرب جزء من الحياة اليومية

الأحد 26 نوفمبر 2017 12:11 م

ليس لدى الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» حلول سحرية لوقف الإرهاب في بلاده، فمنذ وصوله إلى السلطة عام 2013، فإنه واجه حربا لا تنتهي ضد الجماعات الإرهابية في سيناء والصحراء الغربية، التي تقوم أيضا بهجمات واسعة النطاق في المدن الكبرى.

وقد حصل «السيسي» على تكنولوجيا قدمتها له الولايات المتحدة تحت تصرفه، ووفقا لمصادر أجنبية، كانت (إسرائيل) سخية أيضا بالمساعدات الاستخباراتية للمساعدة في هذه المعركة، التي تمس أمن (إسرائيل) بشكل مباشر.

وقد أوقف «السيسي» إلى حد كبير حركة المرور في الأنفاق بين غزة وسيناء، وغمر سيناء بقوات النخبة، وتوصل إلى اتفاق مع (إسرائيل) بشأن العمل الجوي المصري في منطقة كانت منزوعة السلاح حتى وقت قريب، استنادا إلى اتفاق «كامب ديفيد»، وتعتبر المصالحة بين «حماس»، و«فتح» عنصرا هاما أيضا في مكافحة الجماعات المتطرفة.

ليس كافيا

لكن القوات العسكرية وحدها ليست كافية على ما يبدو للقضاء على الجماعات الإرهابية، ولاسيما في شمال سيناء، ولا يزال البعض منهم يعتمد على التعاون مع البدو الذين يزودون الجهاديين بخدمات لوجستية مقابل المال، ويشكل هذا الترتيب بديلا عن الوظائف الحكومية التي لم تحققها الحكومة رغم الوعود.

ولا يعد التوتر بين البدو والحكومة جديدا، وبدأ ذلك منذ انسحبت (إسرائيل) من سيناء، ورأت الحكومة المصرية أن البدو  يمثلون الطابور الخامس الذي ظل مواليا لـ(إسرائيل).

وعلى مدى العامين الماضيين، حاولت الحكومة إعادة تأهيل علاقاتها مع البدو، من خلال برامج إنمائية، وحصلت حتى على أموال من المملكة العربية السعودية لبناء منازل ومصانع صغيرة بالمنطقة، ولكن على الأرض، تحركت الأشياء ببطء كالمعتاد، وتحاط التجمعات السكانية البدوية، خاصة في العريش والشيخ زويد وحولها، بحواجز الطرق العسكرية، ما يعرقل الطرق الرئيسية المؤدية إليها، وقد يكون هذا الأمر ضروريا من حيث الأمن، لكنه يمنع الحياة الطبيعية من العودة إلى هذه المناطق.

خسائر في العراق وسوريا

وعلى أية حال، لم يكن الوجود العسكري الكثيف كافيا يوم الجمعة، عندما تمكن المهاجمون من الوصول إلى بلدة بئر العبد وارتكاب مجزرة في مسجد الروضة، ومن المفترض أن يقوم محافظ شمال سيناء بالتحقيق اللازم لاكتشاف كيف وصل الإرهابيون إلى وسط المدينة، ولكن يبدو أن فشلا كبيرا في الاستخبارات قد ساهم في ذلك.

وتشير فداحة المذبحة، التي قتل فيها 305 أشخاص على الأقل، معظمهم من المدنيين، إلى جانب بعض جنود الجيش وأفراد الشرطة الذين كانوا يصلون في المسجد، إلى أن ولاية سيناء، وهي الفرع التابع لتنظيم الدولة الإسلامية في سيناء، كانت مسؤولة عن الهجوم، ويعتقد أن هذه الجماعة لديها ما بين 800 و1500 مقاتل، معظمهم من المصريين، إضافة إلى بعض الأجانب الذين جاءوا عبر الصحراء الغربية من ليبيا.

وليس هذا هو الهجوم الأول الذي يشنه تنظيم الدولة الإسلامية في مصر، ولكن حجم الهجوم قد يمثل اتجاها مرتبطا برغبة المجموعة في بعض النجاح بعد خسائرها الهائلة في العراق وسوريا. وقد تكون هذه استراتيجية جديدة ناجمة عن وضعها الجديد، الذي تحل فيه الهجمات الجماعية في الدول الإسلامية محل الاستيلاء على الأراضي.

ولكن في سيناء، لدى الدولة الإسلامية سبب خاص في هذا الهجوم، وينطوي هذا على نضالها ضد تنظيم القاعدة، المعروف في سيناء باسم جند الإسلام، وعادة لا يهاجم تنظيم القاعدة في مصر المدنيين، بل المسؤولين الحكوميين وقوات الأمن والأهداف العسكرية الأخرى.

هجرة الموالين للتنظيم

ومنذ أن استولى تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق في العراق وسوريا، زادت شعبيته بين الجماعات المحلية، وقد ترك العديد منهم، بما في ذلك في سيناء، القاعدة، وأقسموا الولاء للدولة الإسلامية، التي استخدمت الجماعات المحلية لإنشاء «ولايات تابعة للتنظيم» في تلك البلدان.

والآن، قد يخشى التنظيم من هجرة الموالين في الاتجاه المعاكس، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه لم يعد قادرا على توفير التمويل، الذي أغرى المجموعات المحلية إلى ذلك في السابق في البلدان الإسلامية.

وقد يزيد الصراع الوجودي بين الجماعات الإرهابية من أعداد الهجمات الإرهابية وحجمها، ولكنه قد يلعب أيضا في صالح قوات الأمن المصرية، كما حدث في بلدان أخرى.

وكانت الهجمات على المساجد نموذجا لأعمال الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، وليس في مصر، وقد يشير حجم الهجوم وكونه قد نفذ ضد المصلين، أيضا، إلى نقطة تحول في وجهة نظر بدو سيناء تجاه المجموعة.

وعزت وسائل الإعلام المصرية الهجوم إلى أن قبيلة السواركة البدوية، التي تقع بئر العبد في أراضيها، قد عززت تعاونها مع الحكومة، وبسبب هذا، قام إمام المسجد، وهو صوفي، بإلقاء خطبة قاسية بشكل خاص، الأسبوع الماضي، ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وهناك تفسير آخر يشير إلى أن الهجوم ينبع من عقيدة تنظيم الدولة الإسلامية التي تشير إلى أن أي منهج من الإسلام ينحرف عن السلفية الصارمة يعد ابتداعا، وبالتالي يصبح هدفا.

ويعترف بالتصوف في مصر على أنه ممارسة دينية مشروعة، وقد حصل العديد من أئمة الصوفية على تصاريح حكومية بالخطابة، بما في ذلك في مسجد الروضة بسيناء، الذي تعرض للهجوم يوم الجمعة، ولكن هذه التفسيرات، حتى لو كان لها أساس أيديولوجي، لا يمكن أن توفر حلا عمليا لمحاربة الإرهاب في سيناء.

وقال «السيسي» إنه سيصعد الإجراءات ضد هذه الجماعات، ومن المؤكد أنه أرسل على الفور قواته الجوية، مدعيا أنه قتل حوالي 30 مقاتلا من تنظيم الدولة الإسلامية.

ومع ذلك، يبدو أن مصر تتحول مع الوقت إلى «الحالة الأفغانية»، التي تشكل فيها الحرب الدائمة جزءا من الحياة.

  كلمات مفتاحية

السيسي ولاية سيناء مجزرة الروضة

صحيفة ألمانية: الجيش المصري أصبح أكثر قسوة ودموية وفشلا