بعد الكنائس.. تحول استراتيجي للعنف يطال الحلقات الأضعف بمصر

الاثنين 27 نوفمبر 2017 08:11 ص

قال خبراء مصريون، إن استهداف مسجد «الروضة» بمدينة «بئر العبد»، بمحافظة شمال سيناء، شمال شرقي البلاد، الجمعة الماضي، يعد تحولا استراتيجيا للعنف، يستهدف الحلقات الأضعف في المجتمع بهدف إحراج النظام الحاكم في البلاد.

والهجوم الدموي الأكبر في تاريخ مصر الذي خلّف 305 قتلى، و128 مصابًا آخرين، سبقه تفجيرات طالت كنائس ومنشآت مدنية، لكنه المرة الأولى التي يتم خلالها استهداف مسجد بهذه الصورة.

ولم تُعلن بعد أية جهة مسؤوليتها عن الهجوم، فيما قالت النيابة المصرية في بيان السبت، إن منفذي الهجوم كان يحملون راية تنظيم «الدولة الإسلامية».

و«الحلقات الأضعف»، وفق بعض المحللين، يندرج في إطارها القوى الصوفية الذين كانوا أحد أبرز رواد مسجد «الروضة» المستهدف، فضلًا عن المسيحيين وكنائسهم، والمنشآت الحيوية المدنية، بهدف إشعال معارك جديدة تظهر تلك التنظيمات بشكل قوي ومنتصر.

تحول نوعي

في ديسمبر/كانون الأول 2016، وأبريل/نيسان ومايو/أيار 2017، على الترتيب، استهدف تنظيم «الدولة الإسلامية» الإرهابي الكنيسة البطرسية الملحقة بمجمع كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس، وسط القاهرة، وكنيستين شمالي البلاد، وحافلة بمحافظة المنيا وسط مصر، تضم مسيحيين وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل وإصابة المئات.

وفي سيناء استهدف التنظيم أقباط العريش على مدار نحو عام، ما أدى إلى مقتل 7 منهم ونزوح عشرات آخرين لمحافظات مجاورة، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، قتل «سليمان أبو حراز»، أحد أكبر مشايخ الطريقة الصوفية بمحافظة سيناء، كما استهدف مؤخرًا أيضا منشآت مدنية مثل مصنع الإسمنت بسيناء وسائقيه، وقتل منهم 8 مؤخرًا.

وترتكز أغلب الهجمات في سيناء مؤخرًا في «العريش» بعد تراجعها في «الشيخ زويد»، و«رفح»، بشكل لافت مع عمليات عسكرية متوالية هناك، فيما تقع عمليات مسلحة بين حين وآخر في العاصمة القاهرة، والجيزة، ومحافظات قليلة أخرى.

على المستوي الرسمي، قال  المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير «بسام راضي»، في مداخلة هاتفية مع فضائية مصرية خاصة، أمس الأول السبت،: «بعدما فشل الإرهاب في مواجهة الجيش والشرطة والأماكن السياحية توجه إلى المساجد والكنائس لإحداث أكبر خسائر».

المحلل المصري، «صلاح الدين حسن»، المتخصص في شؤون الحركات المسلحة، أكد حدوث تغيير في أهداف التنظيمات الإرهابية؛ عبر استهداف أهداف مدنية أو أي عناصر مخالفة له بشكل يريد استنزاف الدولة، والهروب من مواجهة مع الجيش والشرطة كبدتهم خسائر.

وأضاف، أن «الدولة الإسلامية بهذا التحوّل والتطور، يستهدف الأطراف السهلة كالصوفيين ومن قبل المسيحيين وأي أهداف مدنية من أجل أن يضغط على القلب، وهو النظام بهدف خلف معركة طائفية تعيده بعد انحساره».

ضغوط وإحراج

وجهة نظر أخرى، تبناها أحد شيوخ قبائل سيناء «خالد عرفات»، في تصريح لوكالة «الأناضول»، مفادها أن «ما تعرّضت له سيناء مؤخرًا، هو حلقة من حلقات الضغط على مصر، وتفريغ سيناء من أهلها في إطار ما يراه البعض صفقة تقود واشنطن لحل القضية الفلسطينية».

بينما رجح الأكاديمي المصري، «سعيد صادق»، المتخصص في العلوم السياسية، أن استهداف الأطراف الرخوة في سيناء أو في أي مكان هدفه التأثير والضغط على النظام.

ورأى أن «العملية الأخيرة مستهدف بها النظام وشعبيته، لإحراجه أكثر والطعن في قدراته على حفظ الأمن، أحد وعوده للمصريين، خاصة وإنها أتت بعد مؤتمر عالمي للشباب بشرم الشيخ الشهر الماضي، ظهرت مصر فيه بأنها استعادت نسبة كبيرة من الاستقرار فضلا على أنه قبل الانتخابات الرئاسية»، على حد قوله.

حلول وخيارات

ويتوقع «صادق» أن تستمر تلك الضغوط على النظام في شكل عمليات إرهابية مؤثرة ضد أهداف رخوة مثل الأقباط وغيرهم.

واستدرك بالقول: «لكن هذا التغيير في بنك الأهداف، لن يبتعد تمامًا عن الجيش والشرطة وبالتالي لا بد من الانتباه والحذر».

والحل من وجهة نظر «صادق» يتمثل في مكافحة شاملة للإرهاب، لا تقتصر فقط على البعد الأمني، وتمتد للبعد الاجتماعي والتنموي والسياسي.

واستبعد أن يكون لدى النظام الفترة المقبلة أي «تصور سياسي لحل الأزمة في ظل قبوله بالحل الأمني عادة».

بينما توقع «حسن»، أن تنظّيم «الدولة الإسلامية» في سيناء بعد هذه العملية الأخيرة ربما يكون معرضًا للانشقاق الداخلي، وربط بين هذا التأخر في إعلان مسؤوليته عن العملية، واحتمال وجود غضب داخلي من إتمام العملية بهذا الشكل الوحشي.

وتخشى دوائر استخباراتية محلية وغربية، من تكرار استهداف المساجد في مصر، على غرار ما يحدث في العراق واليمن وسوريا.

وهناك انتقادات حادة للأمن المصري بعد الفشل الذريع خلال نحو شهر، في إجهاض مجزرة «الواحات» غربي البلاد، الشهر الماضي، التي راح ضحيتها 58 ضابطا وجنديا من قوات الداخلية المصرية، ومجزرة «الروضة» التي جاءت بعد تحذيرات تداولتها مواقع قريبة من تنظيم «الدولة الإسلامية» تشير إلى استهداف القرية، دون أن تتحرك الجهات المعنية لوأد المخطط قبل وقوعه. 

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

مسجد الروضة سيناء الدولة الإسلامية الأقباط مجزرة الواحات عبدالفتاح السيسي