استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

من مصر إلى زيمبابوي.. الطغاة يربحون!

الثلاثاء 28 نوفمبر 2017 07:11 ص

الطغاة يكسبون أرضًا ومالًا ونفوذًا وذهبًا وأسهمًا وسندات، والحكّام اللصوص يفوزون دومًا حتى آخر نفس في حياتهم، والدليل ما حدث اليوم في زيمبابوي، وحدث أمس في مصر واليمن وتونس وليبيا والعراق، وحدث أول من أمس في نيجيريا والفيليبين وتشاد وغيرها من دول العالم النامي التي شهدت عمليات نهب مالي منظّم وتجريف لثرواتها من قبل حكام ظلّوا في السلطة سنوات تزيد على ربع قرن، والقائمة تطول ويا قلبي لا تحزن.

وبدلًا من أن يتم اقتياد الطغاة والديكتاتوريين إلى السجون عقابًا لهم على الأموال التي نهبوها من قوت شعوبهم الفقيرة والمطحونة طوال فترة حكمهم، يتم السماح لهم بالخروج الآمن من الحكم، بل الهجرة إلى الخارج للاستمتاع بمليارات الدولارات التي أودعوها في بنوك سويسرا وعقارات أوروبا وفي غيرها من أدوات الاستثمار والملاذات الضريبية مثل جزر البهاما.

الغريب أنه بدلًا من أن يتم اعتقال هؤلاء اللصوص والضغط عليهم وعدم الإفراج عنهم حتى يعيدوا الأموال التي نهبوها إبان فترة حكمهم الطويلة، يتم منح الطغاة مزيدًا من الأموال والمزايا المادية والمعنوية، ولا تتحرك حكومات هذه الدول للمطالبة بإعادة الأموال المنهوبة في الخارج.

حدث ذلك في بلدان الربيع العربي (مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا) حيث تم التفريط في مليارات الدولارات المودعة في بنوك سويسرا بأسماء رموز أنظمة «مبارك»، و«القذافي»، و«بن علي»، و«علي عبدالله صالح»، كما حدث قبله في دول تنتمي إلى عالمنا الثالث الفقير، وفي القلب منه أفريقيا.

خذ مثلًا ما حدث اليوم في زيمبابوي، فالجميع تصوّر البدء فورًا بمحاكمة «روبرت موغابي» عقب إجباره على تقديم استقالته، عقابًا له على الجرائم المالية والاقتصادية والسياسية التي ارتكبها طوال فترة حكمه الممتدة لنحو 37 عامًا، وعقابًا له كذلك على تحويل واحدة من أكثر الدول الأفريقية امتلاكًا للثروات الطبيعية والأراضي الزراعية والمياه والمعادن والذهب والبلاتين والألماس إلى واحدة من أفقر دول العالم، تتسوّل غذاءها وكهرباءها ووقودها من دول مجاورة.

لكن بدلًا من محاكمة «موغابي» فوجئ الجميع بحصول الرئيس المستقيل على حصانة قضائية تضمن عدم ملاحقته، وعلى ضمانات من السلطة الجديدة بعدم الاقتراب من مصالحه الاقتصادية أو مصالح أسرته التجارية، بالإضافة إلى الحصول على مبلغ مالي ضخم تسلم منه خمسة ملايين دولار فورًا، وبانتظار الحصول على دفعات أخرى لاحقًا.

واللافت أن هذه المكافآت المالية تدفّقت على هذا الديكتاتور على الرغم من تردي الأوضاع الاقتصادية لبلاده وانهيار العملة الوطنية وتحوّل زيمبابوي من بلد زراعي ينظر إليه على أنه سلة غذاء أفريقيا إلى بلد منهار اقتصاديًا.

وإذا تركنا زيمبابوي، وذهبنا إلى مصر، لوجدنا تطورًا مهمًا حدث الأحد 26 نوفمبر/تشرين الثاني، ويتعلّق بثروة رموز نظام «مبارك»، فبعد أربعة أشهر تذكّرت السلطات المصرية أن سويسرا أغلقت ملف التعاون القضائي مع مصر في ما يتعلق بالأصول والموجودات والأموال المهربة داخل سويسرا، بمعرفة رموز نظام «مبارك».

كذلك اكتشفت أن سويسرا أوقفت التعاون بعد أن برأت مصر رموز «مبارك» من قضايا الفساد المالي وغسل الأموال، وبالتالي فإنه يحق لـ«مبارك» ونجليه ورموز نظامه، أمثال «حسين سالم» و«يوسف بطرس غالي»، استعادة أموالهم، لأن القاهرة لم تقدّم دليلًا يثبت أن هذه الأموال المهربة تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة.

وبعد أربعة أشهر خرجت النيابة العامة المصرية لتعلن، في بيان لها اليوم، عدم صحة الأسباب التي بُني عليها قرار السلطات السويسرية في شهر أغسطس/آب الماضي بغلق التعاون القضائي مع مصر في ما يتعلق بأموال نظام «مبارك» المهربة في بنوك سويسرا، بل يؤكد البيان أن الأسباب التي ساقها الجانب السويسري تستهدف في حقيقتها التنصّل من تطبيق نص قانوني جديد أقرّته سويسرا على نحو كان من شأنه أن يتيح لمصر استرداد أموالها المهربة المتحصلة من جرائم فساد.

ما الذي دعا السلطات المصرية إلى تذكر هذا الملف فجأة أو الرد الآن على قرار السلطات السويسرية الصادر في شهر أغسطس/آب الماضي؟

لتقل لنا هذه السلطات أولًا، لماذا لم تقدم ما يدين رموز نظام «مبارك» حتى تقتنع سويسرا بمواصلة التعاون القضائي والاستمرار في ملاحقة أموال هؤلاء المنهوبة في بنوك سويسرا.

هذه علامة استفهام كبيرة تتعلّق بملف الأموال المصرية المنهوبة في بنوك أوروبا وعقارات بريطانيا وفرنسا ومستثمرة في ذهب وسندات ألمانيا، ولا نعرف سوى قليل عنها.

نفس السيناريو يتكرّر مع مليارات «القذافي» المودعة في بنوك سويسرا ومستثمرة في شركات بريطانية، ومع الـ60 مليار دولار التي نهبها «علي عبدالله صالح» خلال فترة حكمه أحد أفقر بلدان العالم، وكذلك مع مليارات الدولارات التي سرقها «نوري المالكي»، و«زين العابدين بن علي» وغيرهما من الحكام اللصوص.

الطغاة يحصدون المزيد من الأموال والمزايا المالية حتى آخر نفس من عمرهم، وبدلًا من أن يكون مصيرهم السجن مدى الحياة وقبله إعادة ما نهبوه، نجدهم ينعمون بهذه المليارات بل يحصلون على أموال جديدة يشترون بها قصورًا في باريس وفنادق في لندن.

* مصطفى عبد السلام كاتب ومحرر صحفي اقتصادي مصري.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر زيمبابوي مبارك موغابي الأموال المنهوبة الحكام الطغاة نوري المالكي زين العابدين بن علي علي عبد الله صالح