استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

في ظلال مجزرة مسجد الروضة

الأربعاء 29 نوفمبر 2017 07:11 ص

لا حاجة لكثير من التنقيب، والذهاب بعيدًا في نظرية المؤامرةرغم وجودها في بعض الحالاتحيث تستخدم حكومات «ما» العنف لتحقيق أهداف معينة، وهنا في الحالة المصرية، تم استحضار تفجير كنيسة القديسين بتوقيع حبيب العادلي عام 2011.

الواقع هنا يقول إن التفجير هو من فعل مجموعة إسلامية، سواء أعلنت أم لم تعلن، تبعًا لردود الفعل الغاضبة على الجريمة، التي قتلت وأصابت المئات من الأبرياء، ممن كانوا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد، أو تبعًا لتنفيذها من قبل مجموعة ميدانية دون قرار من المرجعية العليا.

استهداف المساجد ليس جديدًا على المجموعات الإسلامية، وإن كان نادرًا «استهداف الحسينيات الشيعية معروف».

وفي الفتوى نعثر على نظرية «التكفير بالإعانة الظاهرة»، أي تكفير من يعينون الجهة المستهدفة، مع ما يسبق ذلك من اعتبار «الكفر» وحده سببًا للقتال، خلافًا للغالبية الساحقة من العلماء في القديم والحديث.

تنظيم القاعدة—مثلًا— لم يكن يذهب في هذا الاتجاه، وفي وثائق أبوت أباد رسائل كثيرة لأسامة بن لادن ومَن حوله، تشنّع على هذا اللون من الهجمات، ومن بينها رسائل عن حكيم الله مسعود، واستهدافه بعض المساجد في صلاة الجمعة، بهدف ضرب وزير أو مسؤول ما. وهناك حركة الشباب المجاهدين التي فعلت مثل ذلك ضد تجمعات مدنية، مثل تفجيرها لحفل خريجي كلية الطب في 2009، وهو ما شنّع عليه أسامة بن لادن ومن معه.

ولو ذهبنا أبعد من القاعدة مثلًا، كما في حالة المعركة بين الجماعة الإسلامية وحركة الجهاد مع النظام المصري خلال الثمانينيات والتسعينيات، لما رأينا شيئًا من ذلك، حيث اعتذر تنظيم الجهاد عن تفجير كان يستهدف مسؤولًا مصريًا، وأودى بحياة طفلة، عرض التنظيم دفع الدية لأهلها.

على أن التاريخ يخبرنا أن جماعات العنف غالبًا ما يخرج من بين صفوفها من هم أكثر تشددًا، وهذا لا يحدث بالطبع في الحالة الإسلامية وحدها، بل في كل الحالات، بما في ذلك الأيديولوجيات الأرضية، كما عند اليساريين، حيث تبالغ المجموعات الجديدة في ضرب كل من يتعاون مع السلطة «المستهدفة»، على أي نحو من الأنحاء.

ما نسمعه عن انشقاقات في تنظيم الدولة يشبه ذلك، الأمر الذي وصل حد تنفيذ إعدامات بحق من يسمونهم «الغلاة»، ممن يكفّرون «بالسلسلة»، أي يكفّرون من لا يكفّر الكافر أو المرتد، ويرفضون «العذر بالجهل».

كل ذلك ينبغي ألا ينسينا بحال، أن العامل الأكبر في العنف هو المتعلق بالظروف الموضوعية التي تنتجه، بينما تأتي الأيديولوجيا لاحقًا بهدف التبرير، ثم لا تلبث أن تصبح أولوية عند البعض.

في سيناء مثلًا، هناك حاضنة شعبية للعنف، بسبب المظالم والتمييز والتهميش، وحين تزامن ذلك مع انتشار الفكر السلفي الجهادي، حدث أن حمل الخارجون هذه الهوية.

ما يعني أن الحل الأهم للعنف لا يتعلق بتفنيد حججه الدينية أو الفكرية أو الأيديولوجية، وإنما بحرمانه من الحاضنة الشعبية، ولن يحدث ذلك من دون تغيير الظروف الموضوعية التي تنتجه، طبعًا دون التقليل بحال من أهمية البعد الأول، أي تفنيد الفتاوى التي يستند إليها.

يجب ألا ننسى هنا، أن وضع العمل «الجهادي» المسلح كان في حالة أفول مع بداية الربيع العربي، الذي اعتبره أسامة بن لادن «تحولًا تاريخيًا»، وطالب المريدين بالانسجام معه، بينما كان تنظيم الدولة مطاردًا بلا أي أرض في العراق، فجاءت طائفية المالكي ورده على الاعتصامات السلمية بالرصاص، ومن ثم دموية بشار، وبعدها جنون الحوثي، لتمنحه دفعة جديدة، الأمر الذي ينطبق على ضربات الثورة المضادة، التي اقتنع البعض أن رسالتها هي عبثية العمل السلمي.

أيًا يكن الأمر، فإن شيئًا -مهما كان- لا يبرر أبدًا استهداف الأبرياء، ويجب أن تكون الإدانة بالغة الوضوح من قبل الجميع، وفي مقدمتهم العلماء والدعاة، لأن هذا اللون من الجنون يسيء للدين أولًا وقبل كل شيء، فضلًا عن أضراره الأخرى، وفي مقدمتها ما يوقعه من ضحايا في صفوف أبرياء لا ذنب لهم.

* ياسر الزعاترة كاتب صحفي أردني/ فلسطيني

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية

سيناء مجزرة مسجد الروضة الجهاد المسلح العنف الحاضنة الشعبية القاعدة الدولة الإسلامية