ترشح «شفيق» للانتخابات الرئاسية يحدث زلزالا سياسيا في مصر

الخميس 30 نوفمبر 2017 02:11 ص

أحدث ترشح رئيس الوزراء الأسبق الجنرال المصري المتقاعد، «أحمد شفيق»، لرئاسيات 2018 بمصر، ثم إعلانه عبر قناة «الجزيرة» القطرية، أمس الأربعاء، منعه من السفر خارج الإمارات، «زلزالا سياسيا» ربما يغير المشهد المصري خلال أشهر.

ولم تسلم تصريحات «شفيق» عن منعه من مغادرة أبوظبي، وبيانه المتلفز حول اعتزامه الترشح للرئاسة، من اتهامات بلغت حد التخوين من إعلاميين مؤيدين للنظام الحاكم، في ظل موقف رباعي عربي، يضم مصر والسعودية والإمارات والبحرين، يقاطع قطر، منذ 5 يونيو/حزيران الماضي، بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الأخيرة بشدة.

ونفت «دينا عدلي حسين»، محامية «شفيق»، عبر «فيسبوك» أن يكون الأخير منح «الجزيرة» فيديو حصرياً قائلة: «الفيديو الحقيقي تم تصويره بمعرفة نجلة الفريق شفيق، في صالون المنزل، ووضعت الجزيرة اللوجو الخاص بها عليه».

ويبدو أن «شفيق» اختار توقيتاً يعيش فيه النظام المصري أضعف لحظاته، لعدم تحقيق وعوده بالاستقرار الأمني في سيناء، شمال شرق البلاد، فضلا عن كونه مرشحا من داخل المؤسسة العسكرية التي ينتمي لها الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، ما يوفر له أرضية قوية لخوض السباق الرئاسي.

«شفيق» يتحدى

رئيس وزراء مصر الأسبق، المتواجد في الإمارات منذ 2012، أعلن أمس اعتزامه الترشح في انتخابات الرئاسة المصرية، قبل أن تبث «الجزيرة» القطرية فيديو يتحدث فيه عن منعه من السفر، وهو ما تبعه نفي من الإمارات لصحة المنع، على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية، «أنور قرقاش»، عبر حسابه الرسمي بموقع «تويتر».

والإمارات هي أبرز حليف وداعم لنظام «السيسي»، ورحبت بإطاحة قادة الجيش، حين كان الأخير وزيرا للدفاع، بنظام «محمد مرسي»، أول رئيس مدني مصري منتخب ديمقراطيا، في 3 يوليو/ تموز 2013، بعد عام واحد من فترته الرئاسية.

وجاء الإعلان عن ترشح «شفيق» ومنعه من السفر بلغة تحمل تحدياً بقوله: «أتعهد لأبناء وطني بألا أتراجع إطلاقًا متقبلا أية متاعب أو مصاعب».

ومال «شفيق» إلى استخدام كلمات تحمل النظام الحاكم مسؤولية ما تعانيه مصر من مشكلات، رغم أنها ليست فقيرة، وتمتلك ثروة بشرية هائلة، كما قال.

وحاول «شفيق» الاشتباك مع قضايا يعتبرها معارضون نقاط ضعف لدى «السيسي»، لاسيما في ملف حقوق الإنسان، بقوله إن «الحقوق الإنسانية الطبيعية ليست بمنحة لأحد، كما أنها لا تمنح أو تطبق تدريجيا إطلاقا، فإما ديمقراطية أو لا ديمقراطية».

وطرح «شفيق»، الذي أيد «السيسي» في رئاسيات 2014، نفسه في المعسكر الذي يرى أهمية الوصول إلى حكم مدني وديمقراطي نموذجي ومستقر قابل للمراجعة والنقد، متمسكا بخيار التغيير وتجديد الدماء، والتعاون مع الجميع، دون أن يسم جهة ولا تيار ولا شخصيات.

كما قدم نفسه للجماهير بأنه «صاحب الخبرات الطويلة داخل مؤسسات الدولة»، سواء من كونه قائدا سابقا للقوات الجوية لمدة 6 سنوات، وبقاءه سنوات طويلة في الحكومة ما بين وزير للطيران، ورئيس أسبق للوزراء.

وبينما يختتم «السيسي» خطاباته عادة بكلمتي «تحيا مصر»، اختتم «شفيق» حديثه بقوله: «عاشت مصر عزيزة مكرمة.. عاش المصري عزيزاً مكرماً».

وعقب الإعلان، شن إعلاميون وسياسيون مصريون مؤيدون لـ«السيسي»، هجوماً حاداً على ترشح «شفيق» وخروجه عبر قناة «الجزيرة».

وتنوعت الانتقادات بين وصف تلك الخطوات بأنها «انتحار سياسي» و«طعنة لمصر والإمارات» و«سقطة لا تغتفر»، مرددين أن «السيسي تعب في بناء الوطن»، و«لا يجب لشفيق أن يتسلمه جاهزا»، بحسب «الأناضول».

و«شفيق» هو وصيف «مرسي»، في رئاسيات 2012، حيث حصل على أكثر من 12 مليون صوت (49% من الأصوات)، قبل أن يغادر مصر إلى الإمارات، عقب إعلان خسارته الانتخابات، وهو يترأس حزب «الحركة الوطنية»، الذي يشهد منذ فترة استقالات تتم بشكل مفاجئ.

وسبق اتهام «شفيق» في قضايا فساد نال البراءة في أغلبها وأسقطت أخرى، قبل أن ترفع السلطات اسمه من قوائم الترقب والوصول، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

زالزل سياسي

الأكاديمي المصري المتخصص في علم الاجتماعي السياسي، «سعيد صادق»، يرى أن توقيت إعلان «شفيق» جاء بعد أكبر مذبحة في تاريخ الإرهاب في مصر طالت مسجداً في العريش.

وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أسفر هجوم إرهابي على مسجد الروضة بالعريش (شمال شرق)، أثناء صلاة الجمعة، عن مقتل 310 أشخاص، في أضخم هجوم من نوعه في تاريخ مصر.

ووأضاف «صادق»: «لا دخان بدون نار، وهناك نقد غربي للسيسي بأنه لم يستطع القضاء على الإرهاب.. كل هذه الأجواء دفعت شفيق إلى أن يقرأ أن الوضع الإقليمي والدولي والداخلي ويراه مناسبا لتمهيد ترشحه، وتحديه على نحو ما رأينا».

واعتبر ما حدث «زلزالاً سياسياً في مصر قد يغير المعادلة، لأنه جاء بينما وضعية النظام في حالة ضعف، وشفيق يحظى بدعم عسكري معروف ودعم الدولة العميقة (البيرقراطية المركزية)، بجانب القاعدة الاجتماعية التي كانت تؤيد السيسي، إضافة إلى أن الإسلاميين يؤيدونه من باب الخلاص من السيسي الذي وضعهم في السجون».

وتابع: «الأمر أكبر من أبوظبي، فنحن إزاء موضوع دولي، وليس محلياً، فرئاسة مصر مسألة دولية وإقليمية، قبل أن تكون مسألة محلية، كونه الرئيس القادم لبلد مهم في المنطقة».

و«شفيق هو المنافس الحقيقي للسيسي، فقد حصد المركز الثاني في الانتخابات الرئاسية (2012)، والقاعدة التي انتخبت السيسي هي القاعدة نفسها التي انتخبت شفيق، وربما تتجه إلى الأخير في ظل تراجع شعبية السيسي.. فبخوض شفيق للانتخابات قد تتغير المعادلة السياسية بمصر»، بحسب «صادق».

واستدرك: «ولكن طبعا وارد أن يكون موقف شفيق ضمن ورقة تستخدم للضغط على السيسي خارجياً للقبول بأمور ما أو استعجال تنفيذ أخرى، مثل صفقة القرن المعنية بحل القضية الفلسطينية».

السياسي المصري المعارض، «مجدي حمدان»، توقع أن أغلبية المصريين سيتجهون للتصويت لصالح «شفيق»، معتبراً أن «قرار ترشحه جعل وجوه التابعين للنظام عابسة، وباقي المصريين مستبشرة بالتغيير».

وأعرب عن اعتقاده بأن «الحرب التي بدأت على شفيق، عقب إعلان ترشحه والطعن فيه ومن قبلها تقديم أفراد استقالتهم من حزب يترأسه، تؤكد أنه مرشح قوي».

ورجح أن «كل من يختلف مع السيسي سيدعم شفيق في الانتخابات، خاصة الإسلاميين وقبلهم شرائح كبيرة في المجتمع ستراه حلاً لكثير من الأزمات الحالية».

واتفق معه الأكاديمي والحقوقي المصري البارز، «سعد الدين إبراهيم»، بقوله: «أعتقد أن المجتمع المصري سيتقبل ترشح شفيق مرة أخرى؛ فهو يملك نحو 13 مليون صوت حصل عليهم في رئاسيات 2012، منها 6 أو 7 ملايين صوت لديهم ولاء لشفيق».

وأضاف أن «الاستياء من الأوضاع السياسية وارتفاع تكاليف المعيشة والغلاء والأوضاع الأمنية ليس في صالح السيسي، وبالتالي هو في صالح أي منافس آخر، ما يرجح احتمالات منافسة جادة بين شفيق والسيسي».

وبحسب المادة 140 من الدستور المصري، «تبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بـ120 يومًا على الأقل (أي في يناير/كانون الثاني أو فبراير/شباط المقبلين)، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوما على الأقل».

وسيعلن اسم الرئيس المصري المنتخب جراء رئاسيات 2018 يوم 7 مايو/آيار 2018 على الأكثر، وفق المادة 140 من الدستور.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

أحمد شفيق عبدالفتاح السيسي انتخابات الرئاسة 2018 مصر الإمارات