محاكمة أتراك في أمريكا .. محاولة جديدة لابتزاز «أردوغان»

الجمعة 1 ديسمبر 2017 07:12 ص

تتواصل في الولايات المتحدة الأمريكية محاكمة مسؤول مالي ورجل أعمال تركيين بتهم تتعلق بمساعدة إيران على الوصول للنظام المالي الأمريكي وانتهاك العقوبات التي كانت مفروضة على إيران في محاكمة تعتبر الأخطر ضد تركيا، ويرى فيها الأتراك محاولة لابتزاز الرئيس «رجب طيب أردوغان» سياسيا واقتصاديا.

المحاكمة التي جرى التحضير لها منذ أسابيع وانطلقت الثلاثاء رسميا تستهدف بشكل مباشر رجل الأعمال التركي من أصل إيراني «رضا ضراب» ونائب رئيس «هالك بانك» الحكومي التركي «هاكان أتيلا» وهما معتقلان في الولايات المتحدة، لكنها تستهدف بشكل آخر وزير الاقتصاد التركي السابق «ظافر تشاليان» بدرجة كبيرة.

وبحسب صحيفة «القدس العربي»، يتوقع أن تؤدي المحاكمة التي سوف تستمر لعدة أسابيع إلى فرض عقوبات مالية قد تصل لقرابة 10 مليار دولار على تركيا من خلال «هالك بنك» الحكومي ما يعني تدمير البنك وتوجيه ضربة كبيرة للاقتصاد التركي، بالإضافة إلى احتمال إصدار مذكرة اعتقال بحق الوزير السابق، واستغلال المحاكمة لتشديد الضغوط على تركيا سياسيا واقتصاديا.

في ظل الحصار المالي الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية والعقوبات الدولية على إيران فُتحت العديد من القنوات للتعاون الاقتصادي بين تركيا وإيران، حيث سعت أنقرة للاستفادة ماليا من حاجة إيران لدولة مجاورة تساعدها في التحايل على العقوبات وتوفير احتياجاتها في العديد من المجلات.

أبرز هذه المجالات تمثلت في مبادلة الذهب مقابل الدولار وهي قضية لا تنكرها تركيا بشكل مطلق، حيث فتحت قناة تبادل ضخمة للذهب مقابل الدولار كان أبرز حلقاتها «رضا ضراب» الذي ينحدر من عائلة تعيش في طهران ويعرف عنها تخصصها بشكل كبير في تجارة.

وعلى مدى سنوات تصدر «ضراب» عملية التبادل التي بلغت قيمتها حسب تقديرات تركية وأمريكية قرابة 25 مليار دولار على الأقل حصل من خلالها الرجل على أرباح طائلة واستفاد الاقتصاد التركي منها بشكل كبير، لكن الأخطر هو الاتهام الأمريكي لمسؤولين سياسيين وماليين أتراك بتلقي رشاوي كبرى من «ضراب» مقابل مساعدته في اتمام هذه التجارة التي اعتبرت اختراقا للعقوبات الأمريكية على إيران.

وتدريجيا، تحول «ضراب» المتهم الرئيسي في القضية من متهم إلى «شاهد» عقب ما قالت وسائل الإعلام التركية إنها «صفقة قذرة» جرت بينه وبين القضاء الأمريكي من أجل «المساعدة في توريط تركيا» مقابل تخفيف الحكم عنه وربما الدفع ببراءته لاحقا، وهو ما دفع الحكومة التركية لمهاجمته وتوجيه الاتهامات له بعدما كانت تدافع عنه وتطالب بإطلاق سراحه.

وبالفعل ظهر «ضراب» في المحكمة بمنهاتن كـ«شاهد» وأقر بتعاونه مع القضاء الأمريكي من أجل الإفراج عنه، وادعى أنه دفع مبالغ مالية طائلة من الرشاوى بدءا من عام 2012 لوزير الاقتصاد التركي السابق «ظافر تشاليان» من أجل تسهيل مهمته في تبادل الذهب والدولار مع إيران، وذلك في شهادة استمرت لأربع ساعات متواصلة.

وقال إنه أجرى اتصالا أوليا بالوزير عام 2012 عندما كان يسعى لفرض نفسه كوسيط أساسي في عملية التبادل مع إيران التي تتيح لطهران استخدام مبيعاتها من المحروقات لدفع أموال في الخارج، وذلك رغم الحظر المفروض على المصارف الأمريكية والدولية حول إجراء صفقات مع إيران، وتم الاتفاق على إجراء الصفقات عبر «هالك بنك» الحكومي التركي بمساعدة الوزير.

3 احتمالات

وبحسب الصحيفة، يجري الحديث في تركيا عن سيناريو «خطير» يتمثل في النتائج النهائية للمحاكمة في ثلاثة اتجاهات مختلفة، الأول أن يفرض القضاء الأمريكي عقوبات مالية طائلة على «هالك بنك» الذي يعتبر أحد أبرز وأكبر البنوك الحكومية في تركيا، وهو ما من شأنه توجيه ضربة للاقتصاد التركي.

الاحتمال الثاني أن يصدر القضاء الأمريكي مذكرة اعتقال بحق الوزير السابق «تشاليان»، لا سيما عقب اعتراف «ضراب» بأنه كان جزءا أساسيا من عملية التحايل على العقوبات الأمريكية، بالإضافة إلى عدد من كبار مدراء البنك المركزي التركي و«هالك بنك» وهو ما سترفض أنقرة تطبيقه بطبيعة الحال ما يعني تصعيد جديد في الخلافات والتوتر في العلاقات بين أنقرة وواشنطن.

لكن أكثر ما تخشاه أنقرة هو البعد الثالث والذي يتعلق بـ«أردوغان»، حيث كشفت وسائل إعلام أمريكية في وقت سابق أن اعترافات «ضراب» ورد فيها اسم «أردوغان» أكثر من مرة، ما يعني احتمالة اعتبار القضاء الأمريكي أن ما جرى حصل بعلم الرئيس التركي وربما بأوامر منه، وهو ما سيزيد من الخلافات مع واشنطن.

ومنذ بداية الأزمة تعتبر أنقرة ما يحصل «مؤامرة سياسية» ولاحقا اتهمت لوبيات «فتح الله كولن» المتهم بمحاولة الانقلاب الفاشلة في صيف 2016، بالتخطيط لهذه المحاكمات.

وتشهد العلاقات التركية الأمريكية برودة غير مسبوقة منذ سنوات طويلة، بدأت مع عدم تجاوب الولايات المتحدة في ملف تسليم «فتح الله كولن»، وتفاقمت مع الخطوات التي أقدمت عليها واشنطن لاحقا، لا سيما دعم وحدات حماية الشعب الكردية، الذرع المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري، الذي تعتبره تركيا الذراع السياسية لحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره أنقرة إرهابيا.

وباتت العلاقات التي تعود جذورها إلى القرن التاسع عشر، وارتقت إلى مستوى «التحالف» في القرن الماضي، في مهب الرياح الباردة، مع تعليق إصدار تأشيرات الدخول بشكل متبادل بين تركيا والولايات المتحدة مؤخرا، قبل أن يتم إعادتها جزئيا.

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية الأمريكية ترامب أردوغان إيران عقوبات إيران تركيا آمريكا