استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عليك أن تجد حلًا وإلا..!

الجمعة 1 ديسمبر 2017 11:12 ص

عليك أن تجد حلًا. الشرح لا ينفع. المشكلة محددة. الثرثرة حشو ولغو. المطلوب اجتراح معجزة وليس بين القادة نبي.

الكلام الانشائي لا يقول شيئًا. العبارات السياسية المبتكرة سابقًا، لا تشكل مصدرًا او مرجعًا. النأي بالنفس كان نصًا ولم يكن فعلًا… سبق أن اعتاد لبنان على اشكال لفظية لا تشبه الوقائع.

“لبنان بجناحية” لا يطير. يتمزق ويتناثر ريشًا في مهب السياسة.

“لا شرق ولا غرب” كذبة. كان مفرطًا في ارتمائه بين غرب طامع وشرق طاغ.

“الوحدة الوطنية” عكسها صحيح. وكلما أكثر “المسؤولون” في التأكيد على “الوحدة الوطنية”، كلما كان ذلك دالًا على فقدانها، او استحالتها. اجتماع الطوائف على أمر يدعى “الوحدة الوطفية”.

“الحياد الايجابي” خرافة. انخرط لبنان في مجمل الصراعات الاقليمية. كان نصفه مع ونصفه الآخر ضد. أما النأي بالنفس، فقد كان استحالة منذ ابتداعه، ومطلوب تفسيره تفسيرًا واقعيًا، بما يعني، “الحياد” و”لا شرق ولا غرب” و”الوحدة الوطنية”.

برغم كل ذلك، عليك أن تجد حلًا، عبر تفسير سياسي ملزم، لجميع “مكونات” البلد ذات الطابع المضاد لـ”تكوين” دولة أو وطن. غير أن النأي بالنفس الساري المفعول سابقًا، بتفسير عجائبي، قضى بأن تكون مؤسسات الدولة نائية بنفسها، من دون أن يمنع “حزب الله” من عبور الحدود من الجنوب إلى باب المندب، مرورًا بدمشق وبغداد والمنامة، ومن دون أن يمنع فريق “14 آذار”، أن يساهم، بحجم طاقته الضئيلة، في الحرب السورية، اعلامًا وتذخيرًا وحماية. علمًا أن عبور “حزب الله” إلى الاقليم لا يقاس ابدًا بعبور حميم ولكن ضئيل الفعالية والحضور، لتيار “14 آذار”.

لا حل وسط مع النأي بالنفس، خاصة وأنه مأمور به من قبل السعودية، بتفسير جامع مانع، يفرض على افرقاء “الدولة اللبنانية” أن يتقيدوا وإلا… خصوصًا وأن التفسير الايراني المفترض، هو القبول، بالنأي النفس سياسيًا عن الاقليم، مع بقاء كل طرف من الاطراف اللبنانية في “خندقه”.

المفروض أن يأتي الحل مقنعًا لكل من السعودية وإيران، وما بين الاثنين حرب متنقلة، يقال، انها في بداياتها، ولن تجد متنفسًا سلميًا قبل حل يجترحه الطرفان، عند جلوسهما إلى طاولة التفاوض… لا أحد يتنبأ بموعد قريب أبدًا.

يقال، المعركة ضد التوسع الايراني استجدت مع اقتران ذلك بالتهديد الاميركي المزدوج، حيث إيران الصاروخية ممنوعة والأذرع الإيرانية إرهابية. النووي لا يزال محروسًا اوروبيًا ودوليًا.

الحل، أبعد من الصياغة الحكومية. المطلوب أن تتقيد الاطراف اللبنانية بحذافير عدم التدخل العسكري والأمني بالصراعات الاقليمية.

هذا أمر يُلزم “حزب الله” بأن يقول في سوريا: وداعًا للسلاح. وفي العراق، وداعًا للحشد الشعبي، وأن يقول لليمن قفا نبكِ..! وهذا يعني، توطئة لسلاح انعزالي على الطريقة اللبنانية، وتمهيدًا لوضعه على الطاولة، إن هَّمت اسرائيل بحرب مدعومة عربيًا ودوليًا. تاريخ “حزب الله” لم يُفصح مرة عن تراجع في ميدان التسلح وميادين المقاومة المسلحة، تحريرًا مديدًا وصدًا لعدوان مرير.

تاريخه يشي بأنه يستعد لليوم الذي تُقرع فيه اجراس العودة، حيث تكون الجبهة اللبنانية، وربما السورية، في مرمى مقاتلين “أمميين” شيعيًا، قادمين إلى لقاء الحسم، من أصقاع الدنيا، حيث للتشيع مؤمنون بالآية الدينية وبالآلة العسكرية. وقد ثبت انه أكثر جدارة من اسلحة الجيوش، باستثناء تلك التي تمتلك الاسلحة الجوية.

يستبعد مثل هذا الحل، وان كان في الواقع، بوادر عودة المقاتلين بعد “تأدية واجبهم” بالانتصار في العراق وبوادر الحسم في سوريا. فتفسر العودة عند “حزب الله” أمرًا عسكريًا فيما يرى فيها الخصم انسحابًا بناء على رغبة وتحت الضغط الاقليمي والداخلي. تبقى اليمن، قضية القضايا، لأنها الحديقة الخلفية للسعودية، وممنوع اللعب فيها.

“حزب الله” هناك، فكيف يقنع خصومه في لبنان بأنه ليس هناك، خاصة وأن من يحدد هذه المسألة هو السعودي. فالمعركة بدأت من هناك سعوديًا. هي الوصي وهي الولي ولها الكلمة الفصل في اعتبار اليمن نظيفة من سلاح حزب الله، الكلاسيكي والمتطور.

وبرغم ذلك عليك أن تجد حلًا.

استراتيجيًا، هذه خطوة إلى الوراء بالنسبة للمقاومة (الاسلامية). سلاح المقاومة لبناني، ولكنه على صلة بالإقليم، بالعرب وبإيران. من يدري ما سيكون الفصل التالي، بعد استتباب النأي بالنفس بلا زعل؟

قد لا يكتفي “الناؤون بأنفسهم” بذلك، فيبادرون إلى طرح الاستراتيجية الدفاعية حيث ستكون إمرة السلاح بيد الدولة. والدولة مائدة يتحلق حولها مسؤولون يمثلون السعودي والايراني والفرنسي والأميركي والدولي… وربما (إسرائيل)، او أحد اصدقائها.

عندها، يتحول “حزب الله” إلى ميليشيا مكشوفة، وهذا من الهواجس التي تراود فقط اصحاب الصَرع السياسي. المقاومة لن تتنازل وهي في حالة انتشاء وانتصار، وتستعد للأكثر. فابحثوا عن حل لبنان، يشبه النأي بالنفس، بما تيسر من التزام.

الحل الوسط يُنقذ لبنان، ولكنه لا يُرضي السعودية.

الطقس السياسي غائم، وقد يصير عاصفًا، او قد يكون بين بين.

المعجزة تحتاج إلى نبي…ابحثوا عنه، فلن تجدوه.

* نصري الصايغ كاتب وسياسي لبناني

  كلمات مفتاحية

لبنان السعودية إيران مبدأ النأي بالنفس (إسرائيل) أمريكا الصراعات الإقليمية