الكويت واستقلال كردستان.. الحسابات المعقدة

السبت 2 ديسمبر 2017 08:12 ص

تبقى القضية الكردية - التي لم تحل بعد - عاملا مؤثرا للغاية في النظام الجيوسياسي في الشرق الأوسط. وتساهم التطورات الأخيرة في كردستان العراق وسوريا - بشكل كبير - في إعادة ترتيب المناطق الإقليمية التي تشمل إيران وتركيا، التي استثمرت بكثافة في الحفاظ على السلامة الإقليمية للعراق، بسبب الآثار المترتبة المحتملة على الأقليات الكردية في أراضيهم. وتثير أيضا التطلعات الكردية السورية من أجل الحكم الذاتي - إن لم يكن الاستقلال - في «روج آفا» شبح التقارب بين تركيا وسوريا.

وعلى الرغم من أن الكويت لا تتاخم الأراضي التي تحكمها حكومة إقليم كردستان، إلا أن الكويت، وهي جارة أخرى للعراق، لها حصة كبيرة من التحديات الداخلية في البلاد.

وفي أعقاب الاستفتاء الذي أجراه كردستان العراق مؤخرا، والذي أيد فيه الناخبون بأغلبية ساحقة فكرة الاستقلال الكردي في شمال العراق، سارع المسؤولون الكويتيون إلى تقديم الدعم لبغداد. ولكن وراء الكواليس، فالأمر معقد بالنسبة للكويت. فمن ناحية، يشعر المسؤولون الكويتيون بالقلق إزاء احتمال تسبب الاستفتاء في انهيار الدولة العراقية، الأمر الذي قد يزيد من زعزعة استقرار المنطقة بأسرها. ولكن من ناحية أخرى، فإن المزيد من الحكم الذاتي الكردي - إن لم يكن الاستقلالية الكاملة - قد يوفر للكويت ضمانات ضد ظهور عراق قوي مرة أخرى قد يطالب من جديد بالكويت كمقاطعة عراقية.

وانتقلت الكويت والعراق بالفعل إلى مرحلة ما بعد الغزو. وفي الشهر الماضي، طلب المبعوث الكويتي لدى الأمم المتحدة من الهيئة منح العراق فترة عفو، حيث لا تزال بغداد تكافح لتسديد مبلغ 4.6 مليار دولار، تدين به العراق للكويت نتيجة الغزو.

وقال رئيس لجنة التعويضات الكويتية، خالد المضف، إن «الكويت قد عقدت العزم على التوصل إلى اتفاق مع الحكومة العراقية بشأن دفع التعويضات المتبقية».

وأعلنت بغداد والكويت في وقت لاحق عن خطط للعمل معا على خط أنابيب غاز، سوف يوفر للكويت مصدرا للغاز غير المصدر القطري، مقابل تخفيض التعويضات.

وبعد أن أصبحت الكويت مستوردا صافيا للغاز في أبريل/نيسان، أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الإمدادات الخارجية لتلبية الطلب المحلي، في ضوء افتقار مصافي الأحمدي وميناء عبد الله للقدرة التكريرية الكافية.

ويشير سلوك الكويت تجاه العراق - بعد أكثر من 25 عاما على الغزو - إلى مدى ارتباط مستقبلها بدولة عراقية ناجحة. ويتضح هذا من التزام الكويت مؤخرا باستضافة مؤتمر حول إعادة بناء العراق في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة الإسلامية، في أوائل عام 2018.

وبالنظر إلى تاريخ تساهل الكويت مع العراق، لم يكن رد الكويت الرسمي على نتائج الاستفتاء الكردي مفاجئا.

وقال نائب وزير الخارجية، «خالد الجارالله»: «نأمل في ألا يؤدي الاستفتاء إلى خرق دستور العراق ووحدته، وألا يضر بالعلاقات بين بغداد وأربيل».

ومع ذلك، قامت الكويت ببناء شبكة من العلاقات مع حكومة إقليم كردستان على مر السنين، كحصن ضد قوة العراق.

ومثل دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص استثمرت الكويت ما يزيد عن 2 مليار دولار في كردستان العراق، بما في ذلك الاستثمارات في مجالات النفط والسياحة.

وبالإضافة إلى ذلك، في عام 2015، أنشأت الكويت قنصلية عامة في أربيل، للسماح للمواطنين الكويتيين بالدخول إلى كردستان العراق بدون تأشيرة.

وتحسنت العلاقات بين الكويت وحكومة إقليم كردستان خلال شهر سبتمبر/أيلول، عندما التقى مبعوث كويتي برئيس وزراء الإقليم في كردستان العراق، حيث وعد الجانبان بزيادة التعاون الثنائي.

ولكن يجب على الكويت أن تأخذ في الاعتبار مخاوف تركيا بشأن القضية الكردية - التي لم تحل بعد - في العراق وفي أماكن أخرى.

وفي الوقت نفسه، ومع انزعاج المسؤولين الكويتيين من نفوذ إيران الموسع عبر العالم العربي، فإن ظهور دولة ذات أغلبية سنية موالية للغرب على الحدود الغربية لإيران قد يبدو حصنا مناسبا ضد السياسة الخارجية الإقليمية لطهران.

وفي نهاية المطاف، تتطلب التوترات بين الحكومة المركزية العراقية والأقلية الكردية من الكويت أن تتعامل بعناية مع المتغيرات الإقليمية المحيطة بفكرة قيام دولة كردية مستقلة.

وتملك الكويت مصالح في استقرار العراق، لكن السلطات الكويتية لا تريد عودة دولة عراقية مركزية ناجحة إلى الظهور يوما كمعتد محتمل.

وعلى هذا النحو، لا تزال الكويت تريد كلتا الطريقتين، عراق موحد ولكن ليس قويا جدا، وكردستان مستقلة ولكن بحدود.

المصدر | جورجيز كافييرو وخيسي شاتز - لوبلوج

  كلمات مفتاحية

الكويت العراق كردستان بارزاني