الشركات العسكرية الخاصة.. جيش موسكو الآخر في سوريا

السبت 2 ديسمبر 2017 11:12 ص

لفت «فاليري غيراسيموف»، رئيس الأركان العامة الروسية، انتباه الجمهور، حين أعلن في 23 نوفمبر/تشرين الثاني اعتزام موسكو سحب بعض قواتها من سوريا بنهاية العام الجاري، مع انخفاض توتر الاشتباكات المسلحة واتجاه المفاوضات نحو حل مشكلة الحرب. ولتجنب الخسائر أو تراجع الأمن، ستستعين روسيا بمصادر خارجية مثل الشركات العسكرية الخاصة، ذات القدرات التكتيكية الحربية التي تعادل الجيوش الحديثة.

ومع ذلك، كان من الأکثر دقة أن يقول إن روسيا ستستعين بمصادر خارجية إضافية من شرکات القطاع الخاص، حيث اعتمدت عليها روسيا في سوريا منذ عام 2013. ولم تخل التقارير الأجنبية عن مقتل متعاقدين مع روسيا من الشركات الخاصة في الاشتباكات.

«الفيلق السلافي»

ويذكر أن الفرقة الأولى التي تم نشرها في سوريا كانت «الفيلق السلافي»، الذي أرسلته مجموعة موران الأمنية ومقرها هونج كونج، وهى شركة أنشأها أعضاء سابقون في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي. ومن المعروف أن «الفيلق السلافي» أرسل مئات المرتزقة إلى سوريا.

ويقول «الفيلق السلافي» إنه يوفر خيارات دفاعية وقائية لحماية الأصول الاقتصادية الحرجة. ويدعي نشر أعضائه لحماية مصافي النفط والموانئ والمصانع والمباني الحكومية الهامة، وتوفير الأمن للقوافل اللوجستية، وإجراء الدوريات. لكن تقارير عديدة ذكرت أن أفراد المجموعة كانوا يشاركون بنشاط في القتال عام 2013 في دير الزور وحماة وحلب.

وفي أواخر عام 2013، تم تدريب نحو 250 من مرتزقة السلافي وموران في مدينة اللاذقية السورية، ثم أرسلوا لحراسة حقول نفطية مهمة في دير الزور. وبعد أن عانت المجموعة خسائر فادحة في الاشتباكات مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، خفض «الفيلق السلافي» عملياته في سوريا.

وتعد شركة «فاغنر» عضوا آخر في هذه الشبكة، وأنشأها «ديمتري أوتكين»، القائد السابق لوحدات القوات الخاصة المرتبطة بالاستخبارات العسكرية. وشارك مرتزقة «فاغنر» في ضم القرم عام 2014، وحاربوا في النزاع الجاري في دونباس شرق أوكرانيا. وفي خريف عام 2015، عندما أطلقت موسكو تدخلها العسكري في سوريا، نشرت «فاغنر» أكثر من 2000 رجل هناك. وقالت مصادر لـ«المونيتور» إن «فاغنر» لديها حاليا نحو 3 آلاف فرد -بينهم شيشان مسلمون- في سوريا.

مجموعة «توران»

وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول، نشرت الصحيفة الروسية «موسكوفسكي كومسوموليتس» مقابلة مع مرتزق سابق، قال إن المرتزقة الروس يحصلون على نحو 2600 دولار شهريا، بينما يحصل كبار المرتزقة على أكثر من 4 آلاف دولار شهريا. وتعد مجموعة «توران» هي أكثر الشركات الخاصة الروسية العاملة في سوريا إثارة للاهتمام وغموضا. وتعني «توران» (أرض الأتراك)، وتشير عموما إلى آسيا الوسطى.

وكانت مجموعة «توران» قد لفتت انتباه وسائل الإعلام في أبريل/نيسان، من خلال تقارير وصور لأعضائها المشاركين إلى جانب قوات الرئيس السوري «بشار الأسد» في عمليات حماة ودير الزور. وفي الشهر الماضي، بدأت صور أفراد الشركات الخاصة التي تشارك بنشاط في القتال غرب حلب ودير الزور بالظهور على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي 28 نوفمبر/تشرين الثاني، ألقت مقابلة مع أحد المرتزقة الروس، وهو مولود في إستونيا ويستخدم الاسم المستعار «إيفان»، بعض الضوء على مجموعة «توران».

وقال «إيفان» إنه عمل مع عرب ناطقين بالروسية يرتدون وشاح «حزب الله». وكان من المقرر أن يحصل على 15 ألف دولار للقتال لمدة 8 أشهر. وقد وافق على العرض وسافر إلى سوريا عبر بيروت.

وعلى الرغم من أن المجموعة غامضة، إلا أن أعضاء وحدة «توران»، ومعظمهم من آسيا الوسطى، يمكن التعرف عليهم من خلال العلم الأزرق والأحمر والأسود. وتتمثل شارة «توران» في يد تحمل بندقية و3 دوائر. وفوق البندقية نقش بكلمات «الصدق فضيلة»، وهي حكمة تعزى إلى تيمور (تيمورلنك)، مؤسس الإمبراطورية التيمورية التركية الشيعية الشاسعة (1370-1507)، التي ترمز إليها الـ 3 دوائر.

مزايا

ويسمح استخدام المرتزقة الأتراك مع خلفيات شيعية لموسكو بميزة استراتيجية في سوريا، لأن هؤلاء المرتزقة يمكن أن يدمجوا بسهولة أكبر مع القوات الحكومية السورية. كما أن هويتهم الشيعية تشكل عاملا موحدا في الكفاح ضد الجهادية السلفية.

وباختصار، وبالتوازي مع سحب موسكو لبعض قواتها من سوريا، فمن المرجح جدا أن تبحث عن فرص لنشر المزيد من الشركات العسكرية الخاصة. وقد تسبب ضعف قوات الأمن السورية، إلى جانب حاجة روسيا إلى تقليص حجم جيشها في سوريا، في ترك فجوات أمنية في البلد الهش. وقد يكون سد هذه الثغرات عبر الشركات العسكرية الخاصة خيار قابل للتناول، حيث قد يكون مجديا من الناحية الاقتصادية، وقابلا للاستمرار سياسيا، ومستداما ومرنا بالنسبة لموسكو.

وبالإضافة إلى ذلك، على عكس الاعتماد على أمراء الحرب المحليين، والجماعات المسلحة أو الشبكات الإجرامية، كما هو الحال في أوكرانيا وليبيا، ففي سوريا، باستخدام الشركات العسكرية الخاصة التي يديرها أفراد العمليات الخاصة الروسية، تحصل موسكو على المزيد من السيطرة على القيادة والفعالية القتالية.

ومع سيطرة الشركات العسكرية الخاصة -التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها أو التي تسيطر عليها الولايات المتحدة- حاليا على السوق العالمية، قد يكون الوقت قد حان لدراسة التأثيرات السياسية للشركات العسكرية الخاصة الموالية لروسيا، والشركات التي تركز على الربح، والتي تعمل إلى حد كبير خارج إطار القانون الوطني والدولي، ودون اهتمام كبير بسيادة أو شرعية الدول الهشة مثل سوريا.

  كلمات مفتاحية

روسيا سوريا مرتزقة شركات عسكرية