السعودية و«هادي» يرحبان بتحركات «صالح».. و«ولد الشيخ» يدعو لمفاوضات

الأحد 3 ديسمبر 2017 06:12 ص

ما بين ترحيب السلطة اليمنية وأركانها بتحركات الرئيس المخلوع «علي عبدالله صالح» ضد الحوثيين، وبين الدعم السعودي والدعوة الأممية لعودة المفاوضات، تعيش مدينة صنعاء، على وقع الاشتباكات المستمرة، التي يشوبها هدوء حذر بين فترة وأخرى.

وأمس طردت قوات تابعة لـ«صالح» بالتعان مع عدد من القبائل، الميليشيات الحوثية من صنعاء، وأحكمت سيطرتها على عدد من المنشآت الحيوية، ما أدى إلى وقوع اشتباكات بين الطرفين، أسفر عن وقوع قتلى وجرحى.

وردت الميليشيا الحوثية، على تحركات «صالح» بإجراءات على الأرض في عدد مدن في ريف صنعاء، واعتقلت عددا من مؤيدي «صالح».

مبادرات ثلاث

من جانبها، دعت الرئاسة اليمنية، السبت، لفتح صفحة جديدة مع كل الأطراف السياسية على أساس المرجعيات الثلاث المتفق عليها.

والمرجعيات الثلاث تشمل: المبادرة الخليجية في 2011، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني في 2014، والقرار الأممي 2216 في 2015.

جاء ذلك في بيان صادر عن الرئاسة، عقب اجتماع استثنائي ترأسه الرئيس «عبدربه منصور هادي»، مع هيئة مستشاريه؛ بالعاصمة السعودية الرياض، وفق وكالة الأنباء اليمنية «سبأ».

ودعا البيان، إلى «تشكيل تحالف وطني واسع، يتجاوز كل خلافات الماضي ويؤسس لمرحلة جديدة، ويوحد الجميع في مواجهة ميليشيا الحوثي الانقلابية، التي تعد ذراعاً للمشروع الإيراني الفارسي في اليمن».

وقال إن «ميليشيا الحوثي باتت تهدد كيان الجمهورية اليمنية، وتسعى بشتى الطرق لاستنساخ نموذج ولاية الفقيه الإيراني، ورهن قرار اليمن وسيادتها لملالي الشر والضلال في قم وطهران (مدينتان بإيران)».

وحيا الاجتماع «الوقفة الجادة في وجه تلك الميليشيات»، داعياً «كل أبناء الشعب في صنعاء وباقي المحافظات إلى جعلها انتفاضة شعبية مجتمعية عارمة تلفظ تلك الميليشيات الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران».

وأعلن البيان، أنه «سيتم دعم كل طرف يواجه عصابة الحوثي الإرهابية، والتعاون مع كل مواطن يمني مخلص يعمل لتخليص البلاد من هذه العصابة الآثمة».

عاصمة التحرر

فيما قال وزير الخارجية اليمني «عبدالملك المخلافي»، السبت، إن «صنعاء ستكون العاصمة العربية الأولى التي تتحرر من النفوذ الإيراني».

وفي سلسلة تغريدات على حسابه في موقع «تويتر»، أشار «المخلافي» إلى أن «إيران وأنصارها أعلنوا أن صنعاء هي العاصمة العربية الرابعة التي سقطت بيد إيران».

وأكّد «المخلافي» أن «صنعاء بعد تحريرها ستستعيد وجهها العربي، بفضل تضحيات الشعب اليمني والتحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة السعودية».

وسبق أن صدرت تصريحات غير رسمية من شخصيات في طهران، تقول إن «صنعاء هي العاصمة العربية الرابعة التي تسيطر عليها إيران»، بعد بغداد وبيروت ودمشق، وذلك عقب سيطرة «الحوثيين» على صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014.

وأضاف «المخلافي»: «ندعم انتفاضة شعبنا ضد الانقلاب من أجل عودة الشرعية واستعادة الدولة والعودة إلى المسار السياسي الذي نمد يدنا فيه لكل القوى السياسية على أساس المرجعيات الثلاث».

ثورة وانتفاضة

من جانبه، بارك حزب «المؤتمر الشعبي العام»، الجناح الموالي للرئيس «هادي»، ما أسماها «الثورة والانتفاضة الشعبية» في العاصمة اليمنية صنعاء، ضد جماعة «الحوثي».

وجاء في بيان صدر عن المؤتمر، مساء السبت: «نبارك الانتفاضة الشعبية في صنعاء ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية، التي أسقطت الدولة ودمرت مكتسبات الشعب (..)».

ودعاء البيان من سماهم بـ«الأحرار والشرفاء» من كل القوى والأحزاب السياسية في البلاد، إلى «المشاركة بفاعلية في هذا العمل الوطني، وتحرير الأرض والمؤسسات من دنس هذه الميليشيات».

وأضاف: «الحوثيون جلبوا للشعب (اليمني) المآسي والويلات، وارتكبوا أبشع الجرائم بحق الدولة، وباتوا وصمة عار في جبين الوطن».

وزاد البيان القول: «لم تكن الميليشيات المتمردة شريكا في أي سلام»، مضيفا: «من يحمل شعار الموت لن يكون أبدا شريكا في مشروع استعادة الحياة».

وطالب اليمنيين بـ«التقارب وتوحيد الصف في معركتهم المصيرية حتى دحر المشروع الإيراني».

ودعا القيادة السياسية والعسكرية في الحكومة الشرعية، إلى التعاطي الإيجابي مع الثورة الشعبية (في إشارة للأحداث التي تشهدها صنعاء) ودعمها.

دعم سعودي

من جانبها، أعلنت السعودية، وقوفها إلى جانب الشعب اليمني فيما أسمته «انتفاضة صنعاء»، وقالت في بيان لها: «نقف مع الشعب اليمني للحفاظ على أرضه وهويته».

وشاركت وزارة الخارجية السعودية على موقعها الرسمي برسم توضيحي (انفوغراف) حول أبرز ما جاء في بيان تحالف دعم الشرعية في اليمن، والذي أكد أنه «يراقب عن كثب أحداث اختلاف طرفي الانقلاب الجارية في صنعاء وكل محافظات اليمن، التي تظهر وبجلاء الضغوط التي كانت تمارسها الميليشيات الحوثية التابعة لإيران، وسيطرتها بقوة السلاح على قرارات ومصير ومقدرات الشعب اليمني العزيز؛ ما أدى إلى انفجار الوضع بين طرفي الانقلاب».

عودة للمفاوضات

أما المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن «إسماعيل ولد الشيخ أحمد»، فدعا الأطراف اليمنية إلى العودة فوراً إلى المفاوضات والمشاركة في عملية سلام.

وقال بيان صدر عن مكتبه، إن «الأمم المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء التصعيد الخطير الحاصل في صنعاء، وآثار تلك الأحداث على السكان المدنيين».

وحث البيان الأطراف «على احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي»، مطالبا «جميع الأطراف بضبط النفس والالتزام بعدم توجيه هجماتها إلى المدنيين».

ولفت «ولد الشيخ»، إلى أن «الحل السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من الصراع اليمني».

وأد الفتنة

في المقابل، قال قيادي حوثي، إنه تم «وأد جذور الفتنة» في العاصمة صنعاء، دون أن يوضح كيف تم وأدها.

وقال رئيس ما يسمى بـ«المجلس السياسي الأعلى»، «صالح الصماد»، في بيان نشرته وكالة أنباء «سبأ» الخاضعة للحوثيين: «أزف إليكم نبأ وأد جذور هذه الفتنة، ونطمئن أبناء الشعب اليمني وكل الهيئات والمنظمات الأجنبية العاملة في بلادنا».

ودعا من وصفهم بـ«المغرر بهم» ممن شاركوا في «قطع الطرقات واقتحام المؤسسات والاعتداء على المواطنين ورجال الجيش والأمن في جميع المناطق إلى سرعة ترك السلاح وعدم تأجيج الفتنة والعودة إلى قراهم».

وأضاف: «في حال لم يستجيبوا لفرصة العودة إلى قراهم فعلى الأجهزة المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق كل من تواطأ أو شجع أو شارك في الأعمال التخريبية».

ودعا إلى «إتاحة فرصة أخيرة للشخصيات الاجتماعية ولجان الوساطة لإقناع الأخوة في قيادة المؤتمر (حزب صالح) ومن وقف في صفهم بضرورة وقف اعتداءاتهم وتسليم الجناة والمعتدين».

وضع ميداني

ميدانيا، هدأت وتيرة المعارك مساء السبت، بعدة أحياء في صنعاء، وذلك بعد ساعات من معارك عنيفة، استخدم فيها الطرفان المدفعية الثقيلة في حي الحصبة وسط المدينة.

وساد الهدوء الحذر شوارع صنعاء، حيث تشهد شوارع المدينة الرئيسية حركة محدودة، بينما الحركة شبه معدومة في الشوارع الفرعية، فيما لا تزال أغلب المحال التجارية مغلقة، وكذلك محطات تموين الوقود.

وفي محافظة المحويت (غرب صنعاء)، نقل موقع «المؤتمر.نت» الناطق باسم حزب «صالح»، عن مصدر مسؤول إن «قوات الحرس الجمهوري ورجال القبائل، سيطروا على جميع المنشآت والمباني الحكومية، وأقسام الشرطة والحواجز الأمنية التابعة للحوثيين بها».

وفي مدينة البيضاء (وسط)، مركز المحافظة التي تحمل ذات الاسم، قال مصدر محلي إن «القوات الموالية لصالح انتشرت في المدينة وسيطرت عليها بشكل كامل دون معارك».

في الوقت الذي تضاربت فيه الأنباء حول استعادة «الحوثيين»، السيطرة على عدد من معسكرات قوات «صالح»، بالعاصمة صنعاء، وهو ما نفاه مصدر عسكري في قوات الأخير.

ولا تزال ميليشيا «الحوثي» تحتجز طاقم قناة «اليمن اليوم» التابعة لـ«صالح»، بحسب موقع القناة.

وأكدت المصادر أن مبنى القناة يقع في منطقة خارج نطاق سيطرة قوات «صالح»، وهو ما مكن الحوثيين من اقتحاهما واحتجاز العاملين فيها.

وقال مصدر في القناة، إن «الحوثيين يطلبون من طاقم القناة معاودة البث ونشر أخبار ضد صالح وحزبه، وإظهاره على أنه خائن».

التحالف يقصف

وبالتزامن مع ذلك، شنت مقاتلات التحالف العربي، الذي تقوده السعودية، الأحد، 3 غارات على مواقع عسكرية بصنعاء.

وقال سكان محليون إن «غارتين جويتين استهدفتا مواقع في جبال الريان الذي يتمركز عنده الحوثيون، بالقرب من دوار(ميدان) المصباحي جنوبي المدينة»، دون معلومات عن نتائج الغارتين.

فيما أشارت قناة «المسيرة» التابعة لـ«الحوثيين»، إلى أن «المقاتلات الحربية للتحالف شنت غارة على معسكر جربان في مديرية سنحان، جنوب صنعاء».

وكان التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، دعا «شرفاء اليمن» إلى الالتفاف مع الانتفاضة ضد الحوثيين، في إشارة للتحركات الأخيرة لقوات «صالح»، ضد مسلحي «الحوثي».

يشار إلى أن «صالح» تحالف مع «الحوثي» خلال العامين الماضيين، حيث شكلا جبهة ضد القوات الموالية لحكومة الرئيس «هادي»، والمدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية.

لكن «صالح»، أعلن خلال الأيام الماضية، استعداده للتفاوض مع السعودية، وفك الارتباط مع جماعة «الحوثي» المتهمة بتلقي دعم عسكري من إيران.

وفي وقت سابق، دعا «صالح» إلى «انتفاضة شعبية» ضد الحوثيين، وطالب الجنود الموالين له بالعودة إلى معسكراتهم، ومواجهة مسلحي «الحوثي» في جميع المحافظات.

في المقابل، حمّل «الحوثي» حليفه السابق «صالح» مسؤولية تفجر الوضع في صنعاء، واتهمه بـ«خيانة الوطن والتواطؤ مع التحالف».

يشار إلى أن الحرب الأهلية في اليمن، أودت بحياة أكثر من عشرة آلاف شخص منذ عام 2015، كما أدت إلى تشريد أكثر من مليونين، وأسفرت عن تفشي المجاعة ووباء الكوليرا الذي أصاب نحو مليون نسمة.

  كلمات مفتاحية

السعودية اليمن التحالف العربي صالح مفاوضات ولد الشيخ الحوثي هادي

«الحوثيون» يعلنون استعادة السيطرة على معسكرات تابعة لـ«صالح» بصنعاء